فرص نجاح التحول الرقمي في سوريا وسط تحديات الصراع القائم

25/8/2024
مُنْذُ بداية يناير/ كانون الثاني الماضي، توقف مركز خدمة المواطن الإِِلِكْترُونِي، الَّذِي أنشأته وِزَارَة الاتصالات وتقانة المَعْلُومَات لِتَحْقِيقِ الانتقال إِلَى الخدمات الرقمية، عَنْ العمل عدة مرات بِسَبَبِ “أعمال صيانة وتأهيل”. وَقَد أثر ذَلِكَ سلباً عَلَى 65 خدمة إلكترونية كَانَ المركز يزعم تقديمها.
فِي الوقت نفسه، تعاني تطبيقات المصارف من الانقطاع نتيجة عدم توفر شبكة الإنترنت وتوقف نظام الدفع الإِِلِكْترُونِي، مِمَّا يسبب أزمات للأشخاص اللَّذِينَ لَدَيْهِمْ التزامات مالية مَعَ الجهات الحكومية.
مأزق مَا قبل التحول
وَفِي هَذَا الإطار، اشتكى محمد، أحد المكتتبين فِي مشروع السكن الشبابي بدمشق، من توقف خدمة الدفع الإِِلِكْترُونِي فِي المصرف العقاري الحكومي والشركة السورية للمدفوعات، حَيْتُ بررت الجهة المسؤولة ذَلِكَ بانقطاع الاتصال مَعَ مزودي الخدمة.
وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الخدمة عادت لفترة وجيزة ثُمَّ توقفت مجدداً، مِمَّا تسبب فِي توتر لَدَى المكتتبين، بالإِضَافَةِ إِلَى رفض المؤسسة العامة للإسكان تمديد مهلة سداد الأقساط المتراكمة.
من جهة أُخْرَى، أبدى منير استياءه من تَطْبِيق مصرفي حكومي لَمْ يعمل بِشَكْل مناسب، مِمَّا اضطره لزيارة أحد الفروع لِتَفْعِيلِ الخدمة، لكنها عادت للتعطل بِمُجَرَّدِ عودته للمنزل.
بَيْنَمَا واجه وائل صعوبة فِي الحصول عَلَى جواز سفر مستعجل عبر مِنَصَّة “دائرة الهجرة والجوازات”، مَا دفعه للذهاب إِلَى مكتبة قريبة لإنهاء معاملته مقابل مبلغ من المال.


إجراءات حكومية غير ناجحة
وَعَلَى مدار الأشهر الثلاثة الماضية، تعرضت منظومة الدفع الإِِلِكْترُونِي لانتقادات حادة من وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، حَيْتُ اتهمت الحكومة بفرض النظام عَلَى المواطنين فِي وقت يواجه فِيهِ القطاع المالي ضعفاً كَبِيرًاً.
وَفِي هَذَا السياق، انتقد أستاذ الاقتصاد فِي جامعة دمشق، الدكتور شفيق عربش، أداء المنظومة، مشيراً إِلَى أَنَّ التنفيذ الإلزامي للخدمات الإِِلِكْترُونِيَّة أَدَّى إِلَى فوضى وازدحام بَيْنَ المواطنين والجهات المسؤولة.
أضاف عربش أن الحكومة لَمْ تستعد للانتقال بسهولة، حَيْتُ تعاني البلاد من ضعف فِي البنية التحتية، مؤكداً أن تثبيت سعر الصرف ليس حلاً لمشكلات البلاد الاقتصادية.
وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ سعر الدولار إِرْتَفَعَ بِشَكْل کَبِير من نَحْوَ 900 ليرة إِلَى حوالي 15 ألف ليرة فِي السوق السوداء، مِمَّا أثر عَلَى الأثمنة بِشَكْل کَبِير.
وَتَسَاءَلَ: “إِذَا كَانَت الحكومة غير قادرة عَلَى تَقْدِيم خدمات الصرافات بِشَكْل فعّال، كَيْفَ تطلب من الناس الالتزام بنظام الدفع الإِِلِكْترُونِي الَّذِي يفتقر للبنية التحتية اللازمة؟”
إستراتيجية بـ 12 برنامجا و49 مشروعا
اعتمدت حكومة بشار الأسد فِي أغسطس/ آب 2021 استراتيجية للتحول الرقمي تَتَكَوَّنُ من ثلاثة محاور رئيسية:
- الخدمات الحكومية الإِِلِكْترُونِيَّة.
- تحسين كفاءة الأداء الحكومي.
- تَوْفِير البيئة المناسبة للتحول الرقمي.
تَهْدِفُ هَذِهِ الاستراتيجية إِلَى دمج قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المَعْلُومَات فِي الناتج المحلي الإجمالي، وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد.


تنفيذ الإستراتيجية تَتِمُّ عَلَى 3 مراحل:
- بناء البنى التحتية اللازمة للتحول الرقمي (2021-2023).
- الانتقال إِلَى الخدمات التفاعلية (2023-2027).
- مرحلة التحول الرقمي الكاملة (2027-2030).
دعم منتظر لاقتصاد متهالك
يعتقد العديد من المحللين أن الغرض الحقيقي من تنفيذ هَذِهِ الاستراتيجية هُوَ تحسين صورة اقتصاد منهك بِسَبَبِ النزاع المستمر. تتطلع الحكومة السورية للحصول عَلَى دعم عربي لِتَحْسِينِ الظروف الاقتصادية المنهارة.
تقديرات منظمة الرؤية العالمية تشير إِلَى أَنَّ خسائر الاقتصاد السوري قَد تصل إِلَى تريليون و400 مليار دولار بحلول عام 2035.
أصدر النظام السوري قانوناً يلزم المواطنين باعتماد الحسابات المصرفية لتلبية احتياجاتهم المالية، فِي حين يخطط لتحويل جميع المعاملات المالية إِلَى النظام الرقمي.
من المستفيد؟
يرى أستاذ الاقتصاد السابق فِي البنك المركزي، الدكتور دريد درغام، أن الدفع الإِِلِكْترُونِي يلبي احتياجات الحكومة بِشَكْل أساسي، وَلَيْسَ احتياجات المواطنين، حَيْتُ تقتصر فائدته عَلَى تيسير الدفع. وَأَشَارَ إِلَى نقص المرافق التقليدية للسحب والإيداع مِمَّا يعقد حياة المواطنين.
يتعامل المواطن فِي سوريا بنظام مختلف، حَيْتُ يقوم بإيداع الأموال عِنْدَ الحاجة فَقَطْ، مِمَّا يؤدي إِلَى تكاليف إضافية من أجور النقل وانتظار الطوابير، مِمَّا يزيد من معاناته.


5 أسس لبناء بيئة رقمية ناجحة
تشير التقارير إِلَى أَنَّ الجهات المعنية لَمْ تتمكن من إنجاز المرحلة الأُوْلَى من الاستراتيجية المعلنة، وَهِيَ بناء البنية التحتية المطلوبة. رغم ذَلِكَ، بدأت الحكومة فِي تَقْدِيم خدمات تفاعلية مثل نظام الدفع الإِِلِكْترُونِي، عَلَى الرغم من عدم توفر الأدوات اللازمة واللوجستية المطلوبة.
يَدْعُو الخبراء إِلَى توفر خمسة عوامل رئيسية لِتَحْقِيقِ النجاح، مِنْهَا: البنية التحتية، التشريعات، المهارات الرقمية، التمويل، والحكومة الرشيدة.
كَمَا يشير الخبير فِي تكنولوجيا المَعْلُومَات، رشيد البني، إِلَى تباين کَبِير بَيْنَ القرارات الحكومية والإمكانات المتاحة لتنفيذها، مشيرًا إِلَى ضعف الاقتصاد عبر انهيار العملة المحلية وارتفاع مستويات التضخم.
رهان عَلَى الحصان الخاسر
تعتبر الحكومة أن مشروع الدفع الإِِلِكْترُونِي يعد جزءًا أساسيًا من تحولها الرقمي، لكن المعوقات، مثل الموارد البشرية ونقص التمويل، تشكل تهديدًا لإمكانية نجاح المشروع.
أظهرت سوريا خِلَالَ السنوات الأخيرة ضعفًا کَبِيرًا فِي ميزاتها الاقتصادية الرقمية، حَيْتُ حصدت درجات متدنية فِي مؤشرات التحول الرقمي مقارنة بدول أُخْرَى فِي المنطقة.
عَنْ الموقع
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا