تحرير الدينار من السعر الرسمي.. معوقات وحلول

مَعَ عودة التقلبات لأثمنة صرف الدينار، يتجدد الحديث حول ضرورة التخلص من “السعر الرسمي” بهدف تقليص الفارق مَعَ السعر فِي السوق الموازي، مِنْ خِلَالِ إخضاع العملة المحلية للعرض والطلب العالمي، أسوة بدول أُخْرَى، لكن معوقات كثيرة تقف أَمَامَ تِلْكَ الخطوة، من بينها “أحادية الاقتصاد” العراقي المعتمد عَلَى النفط والإيراد الحكومي، وغياب مصارف المراسلة بعملة الدينار، بِحَسَبِ متخصصين، دعوا أيضًا إِلَى اتخاذ حلول أُخْرَى ممكنة، مثل “حذف الأصفار” من العملة، وسحب الكتلة النقدية من المواطنين وتحويلها للمصارف.

ويقول مظهر محمد صالح، مستشار رَئِيس الوزراء المالي، إن “سعر صرف الدينار العراقي يتبع نظام أثمنة الصرف الثابتة، وَأَن عملية إقرار سعر الصرف هِيَ من مهام السياسة النقدية للبنك المركزي العراقي باعتباره الجهة المستقلة، لاسيما وَأَن العراق يَعْتَمِدُ بِالدَّرَجَةِ الأساس عَلَى المصادر النفطية الَّتِي توفر العملة الأجنبية، وَالبِتَّالِي فَإِنَّ إيرادات النفط تتحول إِلَى البنك المركزي العراقي، كَمَا أن الاحتياطات تتبع آلية التبادل بَيْنَ الدينار والدولار، باعتبار أن البنك المركزي هُوَ مصدر التبادل بينهما”.

وشهدت أثمنة صرف الدولار فِي السوق المحلية، تذبذبا كَبِيرًا خِلَالَ الأيام الماضية، حَيْتُ انخفض فجأة لـ148 ألف دينار لِكُلِّ 100 دولار، وعاود الارتفاع سريعا لـ150 ألف دينار، وَمِنْ ثُمَّ استمر بالتذبذب حَتَّى بلغ 154 ألف دينار لِكُلِّ 100 دولار، بَعْدَ أَنْ كَانَ سعره يقترب من نَحْوَ 157 ألف دينار.

ويضيف صالح، أن “توازن واستقرار السعر فِي أنظمة الصرف المرنة، بحاجة إِلَى سوق مالية ومصرفية، تكون فِيهَا أثمنة الفائدة صاحبة دور کَبِير فِي التدفقات الداخلة والخارجة للعملة الأجنبية، وهذا أمر لَا يتوفر فِي العراق، كَمَا أن الاقتصاد أحادي معتمد فِي تدفقات العملة الأجنبية الداخلة عَلَى عوائد النفط الحكومية، وهنا فَإِنَّ قوى العرض والطلب غير متجانسة مَعَ أحادية الاقتصاد”.

ويتابع أن “الاقتصاد أحيانا يتعرض إِلَى عجز کَبِير فِي الحساب الجاري وَفِي ميزان المدفوعات، وتتعرض الموازنة العامة إِلَى عجز أيضًا، وهنا يتم اللجوء إِلَى القروض وتضطر الحكومات إِلَى تخفيض العملة الوَطَنِية حَتَّى تصبح العملة الأجنبية غاليه الثمن، وهذا مَا يسمى بالتمويل من التضخم، ورغم أن هَذَا يتضارب مَعَ سياسة البنك المركزي، لكن يتم بالتشاور مَعَ السياستين النقدية والمالية”.

ويلفت إِلَى أَنَّ “وظيفة البنك المركزي عموما هِيَ الحفاظ عَلَى سعر الصرف وَعَلَى ثباته لفتره طويلة، وَلَكِن هَذَا يَتَعَلَّقُ بطبيعة الحساب الجاري وميزان المدفوعات، وهل يوجد فِيهِ فائض أم هُنَاكَ عجز طويل الأمد أَوْ مستقر، وكَذَلِكَ طبيعة الموازنة هل هِيَ توسعية أم انكماشية، لذلك فَإِنَّ الموضوع ليس بالسهل، إِذْ أَنَّ كُلَّ مَا نحتاجه فِي سعر الصرف هُوَ دائرة للتشاور والتواصل بَيْنَ السياستين النقدية والمالية للحفاظ عَلَى استقراره”.

يذكر أَنَّهُ مُنْذُ بدء أزمة سعر الصرف قبل أكثر من عامين، وطرحت العديد من الخيارات للسيطرة عَلَيْهَا، مِنْهَا طبع فئات نقدية جديدة مِنْهَا 100 ألف دينار، او حذف ثلاثة أصفار للسيطرة عَلَى ارتفاع قيمة الارقام فِي التعاملات النقدية.

وعانى العراق مُنْذُ تسعينيات القرن الماضي، وَخِلاَلَ فرض الحصار الاقتصادي عَلَيْهِ، من تضخم کَبِير فِي العملة، مَا دفع النظام السابق إِلَى التوجه لطبع العملة محليا، وَبعْدَ العام 2003، تمَّ إتلاف العملة السابقة وإصدار فئات بطبعات جديدة، وَتَمَّ تثبيت سعر صرفها امام الدولار، بأمر من الحاكم المدني للعراق فِي حينها بول بريمر، الَّذِي كشف عَنْ شكل العملة الجديدة وسعر صرفها امام الدولار.

من جانبه، يبين الخبير الاقتصادي ناصر الكناني، أن “مَا يَخُصُّ تذبذب الدينار، فَإِنَّ البنك المركزي كَانَ يبيع الدينار بـ1118 لِكُلِّ دولار، ثُمَّ تمَّ تَغْيير مُنْذُ وصول رَئِيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي للسلطة وظهور الورقة البيضاء، حَيْتُ أرتفع سعره وأصبح 1450 دينارا، علاوة عَلَى ذَلِكَ أخذ الدينار العراقي يَرْتَفِعُ إِلَى أَنَّ بلغ حاليا 1530 دينارا لِكُلِّ دولار فِي السوق المحلية، لكن رغم هَذَا يمكن وضع الحلول لِهَذِهِ المشكلة”.

ويوضح أن “الحلول تتمحور حول إعادة طبع العملة من جديد وتصفيرها، لاسيما إِذَا كَانَت عملية الطبع مصحوبة بعملية استرجاع الأموال المكنوزة دَاخِل المنازل للمصارف، فمن هُنَا ممكن تثبيت الدينار العراقي بإعطاء المصارف نسبه لِكُلِّ مواطن يملك حسابا أَوْ فتح حساب دَاخِل المصرف مثلا 10 بالمئة، تكون كوديعة للمواطن دَاخِل المصرف”.

ويستطرد أَنَّهُ “الخطوات أعلاه، ستؤدي إِلَى حل قضية الاستيراد الَّتِي تعاني مِنْهَا الحكومة الآن، وتحاول أن ضبطها للحد من تهريب العملية، فاستقرار العملة وتنشيط الصناعة والزراعة المحلية، ستؤدي بالمجمل إِلَى حل كافة مشاكل الاقتصاد والعملة”.

ويضم العراق، بِحَسَبِ موقع البنك المركزي العراقي، 80 مصرفا عاملا، مِنْهَا 62 محليا و18 مصرفا عبارة عَنْ فروع لمصارف أجنبية.

يشار إِلَى أَنَّ القطاع المصرفي العراقي، مهمل من قبل المواطنين اللَّذِينَ فقدوا الثقة بِهِ، وَبِحَسَبِ أرقام البنك الدَّوْلِي الصادرة العام الماضي، فَإِنَّ 23 بالمئة فَقَطْ من الأسر العراقية لديها حساب فِي مؤسسة مالية، وَهِيَ نسبة مِنْ بَيْنِ الأدنى فِي العالم العربي، ولاسيما أن أصحاب تِلْكَ الحسابات هم من موظفي الدولة اللَّذِينَ توزع رواتبهم عَلَى المصارف العامة نهاية كل شهر، لكن هَذِهِ الرواتب أيضًا لَا تبقى طويلا فِي الحسابات، إِذْ سرعان مَا تتشكل طوابير أَمَامَ المصارف من المُوَظَّفِينَ اللَّذِينَ يسحبون رواتبهم نقدا ويفضلون إبقاءها فِي بيوتهم.

من جانبه، يبين الخبير المالي والاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش، أن “العملة العراقية المحلية تطبعها الدولة وتعطي قيمتها مقابل عملات أُخْرَى أَوْ الذهب، أي العملات أَوْ المعادن فِي سوق العرض والطلب العالمية”.

وَيُشِيرُ حنتوش، إِلَى أَنَّ “العملات الَّتِي تتعرض لسوق العرض والطلب هِيَ عملات لديها دول ولديها مصارف مراسلة لعملاتها، عَلَى سبيل المثال الدولار، فهناك مصارف تتراسل بالدولار بِحَيْثُ العالم بأجمعه يستلمها ويتاجر بِهَا، وَالبِتَّالِي فَإِنَّ مثل هَكَذَا عملة تعتبر عملة مرنة بأثمنة متغيرة”.

ويتابع أن “الدينار العراقي، كَانَ يملك مصارف مراسلة بعملة عالمية يتم التَعَامُل بِهَا فِي مجال التجارة العالمية، وهنا سيصبح الطلب عَلَيْهَا أعلى فترتفع قيمة الدينار، وَلَكِن العراق كدولة لَا يملك مصارف مراسلة حاليا، لذلك العملة الوَطَنِية الَّتِي يملكها هِيَ عملة محلية وَلَا تخضع للعرض والطلب العالمي، باعتبارها هِيَ عملة تصدر مِنْ أَجْلِ عملات أُخْرَى، وتكون العملية فِيهَا ثابتة وَلَا ترتقي لِأَنَّ تكون عملية عالمية”.

يذكر أن واشنطن دَخَلَت عَلَى خط أزمة تهريب الدولار العام الماضي، وَجَرَى إخضاع العراق لنظام سويفت العالمي، مَا خلق فجوة بَيْنَ السوق الموازي والرسمي، وزاد من فقدان الثقة بالمصارف العراقية، حَيْتُ تعرضت العشرات إِلَى عقوبات أمريكية وأخرى عراقية دون معالجة أموال المودعين، فَضْلًا عَنْ تورط أغلب المصارف حاليا بعمليات التهريب، حَسَبَ مَا أَكَّدَتْ وِزَارَة الخزانة الأمريكية.

المصدر: صحيفة العالم الجديد

عَنْ الموقع

ان www.zoom32.com مِنَصَّة مُسْتَقِلَّة شاملة وحديثة تواكب كل مواضيع المالية والاقتصادية وَكَذَا اعلانات الوظائف,وَتَضَمَّنَ كذلك مجموعة من الخدمات والوسائل التعليمية الادارية الَّتِي تبسط وتشرح الأشياء الَّتِي يحتاجها الباحث عَنْ فرص الاستثمار سَوَاء كَانَت فِي ارض الواقع او عبر الانترنت ، وَتَجْدُرُ الاشارة إِلَى ان هَذِهِ المنصة لَا تمت باي صلة لِاي مؤسسة مالية.
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *