Boursa.info – الصفحة 844 من 844
أستطيع ان أؤكد ان الدور الَّذِي تلعبه السيكولوجيا فِي حياة البورصة وأهلها لَا يجوز ان ينظر إِلَيْهِ بعين الأستخفاف، بَلْ عَلَى كل مهتم فِي هَذَا المجال ان يقيم لَهُ مَا يستحقه من الوزن ويعيره مَا هُوَ أهل لَهُ من الأهتمام. اجل يَبْدُو لِي علم النفس من الأهمية بِحَيْثُ يحتفظ لنفسه بِمَا يزيد عَلَى تسعين بالمئة من التأثير عَلَى
تطورات الأحداث فِي الأمدين المتوسط والقريب . اجل ان سيكولوجيا البورصة هُوَ من الأهمية بِحَيْثُ انه يَبْدُو لِي علما يَجِبُ النظر إِلَيْهِ بكثير من الجدية ، والتعامل مَعَهُ بكثير من الصدق ، او فنا يَجِبُ امتلاكه عَلَى هدي احساس مرهف ، وشعور شفاف ؛ يوحي وَلَا يقول ، يلمّح وَلَا يصرّح ، يدلّ وَلَا يبٌّن ، يومئ وَلَا يوضّح
ان معظم الكلمات الَّتِي يستعملها اهل هَذِهِ البيوت ـ عنيت العاملين فِي البورصةــ هِيَ من نوع : ربما ، نرجو ذَلِكَ ، هَذَا ممكن ، قَد يكون ، رغم ان ، أعتقد ، أرجح ، أقصد ، لكن ، يَبْدُو لِي . أَمَّا حرف ان فَلَا مكان لَهُ البتة فِي هَذَا المكان ؛ كَمَا لَا مجال لوجود لِكُلِّ مَا يحمل معناه من الكلمات ، من أمثال : أؤكد ، ثبت لِي ٌ من الواضح ان ، مِمَّا لَا شَکَّ فِيهِ ، لَا ريب فِي ذَلِكَ . ان كل مَا يستعمل فِي هَذَا المكان من كلمات ، وَكُل مَا ’يلجأ إِلَيْهِ من تعابير هُوَ مشروط بأمر مَا ، مربوط برابط مَا ،متعلق بفعل مَا ، هُوَ عَلَى الدوام جواب لشرط مَا ، لشرط هُوَ من الغموض والخفاء بِحَيْثُ يمكن لَهُ ان ’يرى عَلَى شكل مخالف للشكل الَّذِي يظهر بِهِ ، او ’يفسّر عَلَى وجه مخالف للتفسير الَّذِي أعطي لَهُ
ان أرخص الأسهم واضعفها فِي الأرض قاطبة ، هِيَ أسهم شركة ” منطق وشركاؤه” . ذَلِكَ ان أثمنةها لَا تتبع البتة اتجاها معينا … تراها تميل تارة يسارا ، وطورا يمينا ، عاكسة فِي ترنّحها ، فَقَطْ ، وَعَلَى الدوام ، تحاليل عشرات الآلاف من الاختصاصيين ، او أنصاف الاختصاصيين ، فِي شؤون الاسهم ؛ اللَّذِينَ لَا يجدون حرجا من تَغْيير آرائهم او تبديل تصريحاتهم من دقيقة إِلَى دقيقة .. فالمنطق لَا وجود لَهُ بِالنِسْبَةِ لَهُمْ ، وما من حدث يمكن ان يفسٌر تفسيرا منطقيا ، وما من مؤشر يمكن متابعته عَلَى هداية العقل او عَلَى مبادئ القياس
” اليوم كَانَت البورصة عديمة الشفافية ، غموضها متعب للقلب.” القول ليس غريبا فهو صحيح . لكن الغريب ان آلاف الألسنة تردد كل يوم هَذَا القول . والأكثر غرابة ان المرددين ينسون انهم رددوه بالامس ، وقبل الأمس.. أجل ان البورصة عديمة الشفافية ، وَلِهَذا هِيَ بورصة . لو هِيَ فقدت صفتها هَذِهِ واكتسبت صفة الشفافية والوضوح لبطلت كونها بورصة ،وفقدت بالتالي مبرر وجودها . استمراريتها مرهونة بغموضها ، وحياتها قائمة عَلَى تلافيف أسرارها، ولو فقدت هَذِهِ الميزة لصارت طريقا ذا اتجاه واحد يربح كل من سار فِيهِ او يخسر كل من اتبعه ، وهذا طبعا مستحيل اذ لَا بُدَّ أَنْ يكون هُنَاكَ خاسرين لِيَكُونَ هُنَاكَ رابحين
ان العاملين فِي هَذَا المكان ليسوا سوى صيادين يصطادون فِي مياه عكرة ، مياه يزيدون هم من تعكيرها باطنان من العرق يقذفونها إِلَيْهَا كل يوم .. وَتَأْتِي وسائل الاعلام لتزيد بَلٌْة الطين ، بنشر مَا تسميه هِيَ “حكما” ، وهكذا تسيطر عَلَى الاخبار آ لاف التحليلات المتناقضة ، فتجعل الاسواق فِي اضطراب لَا يدرك كنهه وَلَا يفسر سببه إلَّا الراسخين فِي هَذَا العلم
نسمع اليوم : تتراجع فِي الوقت الحاضر أثمنة الأسهم متأثرة بتراجع معدلات البطالة ، لان ذَلِكَ قَد ينعكس تأثيرا حادا عَلَى التضخم ، مِمَّا يستدعي رفع معدلات الفائدة ، وهذا سمٌ زعاف ’يسقى لسوق الاسهم . . وتهبط الاسواق .. ويحدث الهلع .. ويخسر من يخسر ويربح من يربح
بعد مضي يومين او ثلاثة ترتفع معدلات البطالة ، فيدبٌ الذعر فِي الاسواق مجددا ، اذ يفسرها البعض كدليل قاطع عَلَى ضعف الاقتصاد ، ومبشر بتراجع أرباح الشركات ، فتنخفض أثمنة الاسهم .. ويعود الهلع
مرٌة ’فسٌر العجز فِي الميزان التجاري ايجابيا . ومرة أُخْرَى ’ينظر إِلَيْهِ بعين الشك والخوف ، لان تصديرا متناميا بسرعة ملحوظة لَا بُدَّ أَنْ ينعكس تضخما عَلَى البلد المصدر .
اليوم يفسّر ارتفاع الدولار بانه ايجابي ، بحجّة ان البنك المركزي الاميركي ليس ملزما برفع الفائدة . ثُمَّ بعد يومين يتخوف السوق من ارتفاع سعر الدولار لتأثير ذَلِكَ عَلَى الشركات المصدرة ومستوى أرباحها
والبورصة تسمع كل هَذِهِ الاخبار فتسخر مِنْهَا ، وتصغي إِلَى كل هَذِهِ التحليلات فتستخفّ بِهَا . وَهِيَ تسعى .. تسعى مترنحة ، كَمَا شارب الخمر ، يضحك ِلما ’يبكي ، ويبكي ِلما ’يضحك
عَنْ الموقع
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا