أزمة اقتصادية خانقة.. ما جدوى اجتماعات المجلس الرئاسي والحكومة؟

تحرُكات واجتماعات مكثَّفة لرئيس مجلس القيادة والحكومة كمحاولات لتدارك الانهيار المُريع فِي سعر العُملة الوَطَنِية، والاقتصاد الوطني، ومعها تُثار تساؤلات حول جدوى هَذِهِ التحرّكات، بَيْنَ تفاؤل البعض، وتشاؤم الآخر، الَّذِي يراها مجرد مظاهر وادعاءات شكلية لَا تُسمن وَلَا تُغني من جوع هَذَا الشعب المطحون والمُتعب.
تحليلات لمراقبين ذهبت إِلَى محاولات الحكومة والمجلس الرئاسي لردع المضاربين بالعُملة، وتفعيل أجهزة الضبط، وسلطات إنفاذ القانون، وترشيد فاتورة الاستيراد، واللجوء إِلَى خيارات اقتصادية أُخْرَى بديلة عَنْ تصدير النفط؛ مثل القطاع السمكي والزراعي، لإسناد الاقتصاد ولو قليلا، وَهِيَ تفسيرات جاءت مِنْ خِلَالِ قراءة لطبيعة الشخصيات الَّتِي اجتمع بِهَا الرئيس العليمي، وَالَّتِي تضمَّنت اللجنة الأمنية العُلْيَا، ورئيس الحكومة، ورئيس الفريق الاقتصادي.
تأتي التحرّكات وسط أزمة خانقة ناتجة عَنْ تدهور قيمة العُملة المحلية بِشَكْل جُنوني، انخفض مَعَهُ سعر الريال اليمني إِلَى حدِّه الأدنى، بِمَا يعادل 2000 ريال للدولار الواحد؛ متسببا فِي تعقيد الوضع الاقتصادي للمواطنين فِي مناطق سيطرة الحكومة -جنوب وشرق البلاد.
– الهم الأكبر
يقول أستاذ العلوم المالية والمصرفية فِي جامعه تعز، الدكتور عادل العامري: “الأزمة الاقتصادية وانهيار العُملة باتا موضوع الساعة، حَيْتُ إن العُملة أصبحت الهم الأكبر الَّذِي يُقلق المواطن ويُقلق القائمين عَلَى السلطة قبل المواطن”.
وَأَضَافَ: “التدهور الَّذِي حصل فِي سعر الصرف، خِلَالَ الستة الأشهر الماضية، كَانَ متسارعا، حَيْتُ تراجع من 469 ريالا إِلَى 520 ريالا بِالنِسْبَةِ للريال السعودي، وإلى حدود الـ2000 ريال مقابل الدولار الأمريكي”.
وَأَوْضَحَ: “انخفاض مُسْتَوَى عرض العُملات الأجنبية يأتي نتيجة تجفيف منابع البلد من العًملات الأجنبية، والتوقّف عَنْ تصدير النفط والغاز، وتوقّف النشاط التجاري لميناء عدن، ونتيجة التخلي عَنْ عائدات الثروة السمكية من العُملات الأجنبية، وانحسار دور المنظمات فِي القطاع الاقتصادي”.
وأردف: “كذلك قطاع المغتربين؛ هَذَا قطاع هام جدا، حَيْتُ تتوزّع حوالات المغتربين خاصة من السعودية؛ لِأَنَّ العدد الأكبر من اليمنيين المغتربين فِي المملكة العربية السعودية، وهذه الحوالات تذهب هُنَا وهناك بَيْنَ الصرّافين، وبين محلات الصِّرافة، ويستفيد مِنْهَا أناس بِشَكْل شخصي، أَوْ أفراد أَوْ مؤسسات”.
وزاد: “توقف نشاط ميناء عدن عَنْ القيام بدوره التجاري أحرم الدولة من كثير من العائدات من العُملة الأجنبية”.
وبيّن: مَا يجري فِي البحر الأحمر -من حوادث- لَا شَکَّ أَنَّهُ أثّر عَلَى تكاليف النّقل والتأمين، وهذا أَدَّى إِلَى ارتفاع أثمنة السلع المستوردة، خاصة السلع الأساسية فِي المَقَامَ الأول، وَهُوَ مَا انعكس سلبًا عَلَى معيشة المواطنين”.
وَقَالَ: “إِذَا راجعنا أثمنة السلع الأساسية، مُنْذُ العام 2015م إِلَى عام 2024م، سنجد أن متوسط ارتفاع أثمنة السلع فاق نسبة 750 %، ومتوسط ارتفاع أثمنة المشتقات النفطية نسبة 1100 %”.
وَأَضَافَ: “لو توزّعت هَذِهِ المتوسطات عَلَى عشر سنوات لوجدنا أن هُنَاكَ ارتفاعا سنوي تقريبا 75% فِي أثمنة السلع الأساسية؛ كالقمح والدقيق والأرز ومختلف المواد الغذائية، وَفِي المشتقات النفطية يصل المعدل السنوي للارتفاع إِلَى 100%”.
وَأَوْضَحَ: “إجراءات الحكومة -الَّتِي قَامَتْ بِهَا أَوْ بالإعلان عَنْهَا؛ من الاجتماعات الوزارية لرئيس الوزراء مَعَ مسؤولي البنك المركزي، وكَذَلِكَ مَعَ الفريق الاقتصادي- لَا شَکَّ أن لَهَا تحضيرات وتبعث برسائل إِلَى السوق، وإلى القطاع الاقتصادي، وسيتبعها اتخاذ قرارات، وتنفيذ إجراءات؛ ستكون لَهَا دور فِي كبح عجلة التسارع فِي انخفاض سعر العُملة الناتجة عَنْ انخفاض مُسْتَوَى عرض العُملات الأجنبية”.
– حلول صفرية
يقول الباحث الاقتصادي والإنساني الدكتور إيهاب القرشي: “الاجتماعات الرئاسية والحكومية لَنْ تؤدي إِلَى حلول، خاصة وَأَن الفريق الاقتصادي أَصْبَحَ مفرغًا من محتواه، وعشرات الشخصيات، الَّتِي الحقت بِهَذَا الفريق، انسحبت، وَلَمْ يعد هُنَاكَ سوى رَئِيس الفريق ونائبه”.
وَأَضَافَ: “الاجتماعات لَمْ تناقش شيئا جديدا، أَوْ أي حلول عَلَى الطاولة، نحن فِي وضع سيئ، وَعَلَى الحكومة الشرعية أن تُصارح الشعب اليمني، وَعَلَى مجلس القيادة الرئاسي ألا يدعم مغالطة الوضع الاقتصادي أَمَامَ المجتمع اليمني ككل”.
وتابع: “نحن -خِلَالَ عشر سنوات- فقد من الناتج المحلي أكثر من 66 مليار دولار، وهذا بتقرير من البنك الدَّوْلِي للعام 2024، عَنْ خمس سنوات من 2014 إِلَى 2019”.
وأردف: “هُنَاكَ تدفق للعُملة الصعبة من الداخل إِلَى الخارج بِشَكْل کَبِير جدًا، فمثلا المشتقات النفطية تحوّل إِلَى الخارج بالعُملة الصعبة 7.5 مليار دولار سنويا؛ لِأَنَّ اليمن تستهلك 164 ألف برميل من المشتقات النفطية، وهذا الأمر جرف العُملة الصعبة إِلَى الخارج دون إعادة أي دولار واحد للداخل؛ لِأَنَّ حَتَّى النفط -عِنْدَمَا كَانَ يصدّر فِي السابق- لَا يدخل البنك المركزي، وَلَا ميزانية الدولة، وإنما يُنفق فِي الخارج، والكل يعلم هَذَا الأمر”.
وزاد: “كل الكتلة النقدية الموجودة الآن بالريال اليمني، وما يسمى بالتضخّم، هِيَ أَمَامَ صفر من العُملات الصعبة، وَقَد يكون سعر الدولار الحقيقي أَوْ العُملة الصعبة آلاف الريالات، وليست 500 ريال للسعودي، أَوْ 2000 ريال للدولار الواحد”.
ويرى: “لذلك تشخيص الوضع الحقيقي للاقتصاد ومصارحة المجتمع، ومطالبة المجتمع الدَّوْلِي بتحمّل مسؤولياته، هام جدا”.
وَقَالَ: ” لَا تأتي الحلول إلَّا بِشَكْل اتساق منطقي علمي، لَنْ تمكن هَذِهِ الحلول إلَّا بمعالجات؛ أولها إلغاء الانقسام النقدي فِي اليمن، الَّذِي تراجع عَنْهُ البنك المركزي دون أي مقابل”.
وَأَضَافَ: “الأمر الثاني، إعادة النظام المصرفي إِلَى طريقه الصحيح؛ لِأَنَّ المثلث مقلوب، وأصبحت المصارف التجارية والبنوك التجارية والصرَّافون، هم من يتحكمون بِالأَمْرِ”.
وتابع: :وتجريف العُملة الصعبة يتم عَنْ طَرِيقِ الصرَّافين دون المرور بالبنك المركزي، لذا لَا يمكن أن تأتي أي حلول دون معالجة للانقسام النقدي”.
وَأَوْضَحَ: “إِذَا افترضنا أن الحكومة تتهرَّب من إلغاء الانقسام النقدي؛ عَلَى اعتبار أَنَّهَا ستبقى هِيَ أَمَامَ واجباتها فِي دفع المرتبات شمالا وجنوبا، لذلك هِيَ تراجعت عَنْ قراراتها؛ لأنها لَا تمتلك هَذِهِ الأموال لتغطِيها، بَيْنَمَا جاء أيضًا إعادة الوضع كَمَا هُوَ عَلَيْهِ لصالح مليشيا الحوثي؛ لأنها تتمتع بمدّخراتها، وما استولت عَلَيْهِ من المواطنين؛ جراء النهب الجائر لِكُلِّ النواحي الاقتصادية فِي المحافظات الشمالية”.
وأردف: “مجلس القيادة الرئاسي عِنْدَمَا يجتمع يَجِبُ أن يكون أَمَامَ قضايا حقيقية، وَأَن يصرّح بِهَذِهِ القضايا، فهم حكام لِهَذَا الشعب، وَلَا يَعْنِي ذَلِكَ أننا ملكا لَهُمْ، لَا بُد أن يكونوا واضحين حَتَّى نعرف الحقيقة، وهذا أمر هام جدا”.
وزاد: “لذلك أي اجتماعات شكلية عبارة عَنْ امتصاص فَقَطْ لكاميرات الإعلام وتغذيتها للمواطنين، وللكثير ممن يروِّجون لِهَذَا الأمر، وكأنه حل موجود عَلَى الطاولة، بَيْنَمَا فِي الحقيقة الحلول عَلَى الطاولة صفرية”.
عَنْ الموقع
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا