هل تعيد “حزمة التحفيز” الاقتصاد الصيني للمسار الصحيح :: القبة نيوز

تَشْمَلُ الحزمة إجراءات مثل خفض حجم الاحتياطي الإلزامي للبنوك وسعر الفائدة الرئيسي، إِلَى جانب تَقْدِيم دعم إضافي لسوق العقارات المتعثر، حَيْتُ تأتي هَذِهِ الخطوة فِي وقت يشهد فِيهِ الاقتصاد العالمي تباطؤاً عاماً، مِمَّا يجعل هَذِهِ الإجراءات محط اهتمام المراقبين والخبراء.
وَمَعَ توقعات اقتصادية تشير إِلَى صعوبة تحقيق الصين لأهداف النمو، تثير حزمة التحفيز تساؤلات حول مَدَى فعاليتها فِي تنشيط الاقتصاد الصيني وتأثيرها عَلَى الأسواق العالمية. وما هِيَ التداعيات المحتملة لِهَذِهِ الحزمة عَلَى الاقتصاد العالمي؟ وهل ستساهم فِي إعادة تشكيل مسار النمو الاقتصادي للصين؟
وَأَعْلَنَتْ الصين حزمة واسعة من التدابير التحفيزية النقدية لإنعاش اقتصادها، مِمَّا يشير إِلَى القلق المتزايد دَاخِل الحكومة الصينية بِشَأْنِ تباطؤ النمو وانخفاض ثقة المستثمرين،
وَأَشَارَ محافظ بنك الشعب الصيني، بان جونشينغ، خفض سعر الفائدة الرئيسي قصير الأجل وأعلن عَنْ خطط لخفض كمية الأموال الَّتِي يَجِبُ عَلَى البنوك الاحتفاظ بِهَا فِي الاحتياطي إِلَى أدنى مُسْتَوَى مُنْذُ عام 2018 عَلَى الأَقَلِّ، وظهر فِي مؤتمر صحفي نادر إِلَى جانب اثنين من كبار المسؤولين الماليين الآخرين فِي بكين، ويمثل ذَلِكَ المرة الأُوْلَى الَّتِي يتم فِيهَا الكشف عَنْ تخفيضات فِي كلا التدبيرين فِي نفس اليوم مُنْذُ عام 2015 عَلَى الأَقَلِّ”.
تبع ذَلِكَ سلسلة من الإعلانات الأخرى الَّتِي غذت المكاسب فِي سوق الأسهم الصيني المتعثرة. كَمَا كشف رَئِيس البنك المركزي عَنْ حزمة لدعم قطاع العقارات المتعثرة فِي البلاد، بِمَا فِي ذَلِكَ خفض تكاليف الاقتراض عَلَى مَا يصل إِلَى 5.3 تريليون دولار من الرهون العقارية وتخفيف القواعد لشراء المنازل الثَّـانِيَة.
شكوك حول تحقيق نمو الاقتصاد المستهدف
وبالنسبة للأسهم الوَطَنِية، قَالَ بان جونشينغ “إن البنك المركزي سيوفر مَا لَا يقل عَنْ 800 مليار يوان (113 مليار دولار) من الدعم السيولي، وإن المسؤولين كانوا يدرسون إنشاء صندوق استقرار السوق”.
فِي حين أن العديد من التدابير كَانَت متوقعة من قبل المستثمرين، فَإِنَّ الإطلاق أظهر أن السلطات تأخذ عَلَى محمل الجد التحذيرات من أن الصين تواجه خطر عدم تحقيق هدف النمو البالغ حوالي 5 بالمئة هَذَا العام. وَمِنْ المحتمل أن يعيد سيل السياسات هَذَا الهدف فِي متناول اليد، لكن الشكوك لَا تَزَالُ قائمة حول مَا إِذَا كَانَ كافياً لكسر ضغط الانكماش عَلَى المدى الطويل فِي الصين والأزمة العقارية الراسخة، وِفْقًاً للتقرير.
وَقَالَ كن وونغ، أخصائي محفظة الأسهم الآسيوية فِي شركة Eastspring Investments Hong Kong Ltd: “: “من الصعب القول مَا هُوَ الحل السحري الَّذِي يمكن أن يساعد فِي حل كل شيء، فِي حين أَنَّهُ من الجيد أن يكون هُنَاكَ تدابير تيسير نقدي ميسرة، هُنَاكَ حاجة إِلَى القيام بالمزيد مِنْ أَجْلِ المساعدة فِي ترسيخ النمو فِي الربع الأَخِير.”
بدوره، قَالَ لاري هُوَ، رَئِيس الاقتصاد الصيني فِي مجموعة Macquarie Ltd: “”هدف المؤتمر الصحفي هُوَ حقن الثقة فِي السوق، بناءً عَلَى حقيقة أن السلطات كشفت عَنْ تدابير دفعة واحدة، وسيستمر الدفع التحفيزي فِي الحاجة إِلَى التنسيق من السياسات الأخرى – خاصة السياسات المتابعة من الجانب المالي”.
وَقَالَتْ بيكي لو، رئيسة استراتيجية الاقتصاد الكلي فِي Standard Chartered Plc: “جاء التيسير النقدي بِشَكْل أكثر جرأة مِمَّا كَانَ متوقعاً، نرى مجالاً لتيسير أكثر جرأة فِي الأشهر المقبلة، بعد خفض أثمنة الفائدة الهائل من قبل الاحتياطي الفيدرالي”.
تحسن الاقتصاد الصيني يدعم الاقتصاد الأوروبي
هُنَاكَ آمال كبيرة تُعقد عَلَى الحزمة التحفيزية الصينية، فَهِيَّ كبيرة وغير مسبوقة بِحَيْثُ يظن الكثير من المستثمرين فِي العالم أَنَّهَا ستعالج الخلل فِي الاقتصاد الصيني سَوَاء فِي القطاع العقاري أَوْ فِي قطاع الأسهم أَوْ فِي الاستثمارات الأخرى”.
فالمليارات الَّتِي سَيَتِمُ ضخها فِي الأسواق تستهدف الحفاظ عَلَى نمو اقتصادي مستهدف بنسبة 5 بالمئة لثاني أكبر اقتصاد فِي العالم، ويترافق ذَلِكَ مَعَ اتجاهات التيسير الكمي سَوَاء بِالنِسْبَةِ للاحتياطي الفيدرالي الأميركي أَوْ البنك المركزي الأوروبي، وَلَا ننسى أيضًاً أن تحسن الاقتصاد الصيني يدعم الاقتصاد الأوروبي الَّذِي يَعْتَمِدُ نوعاً مَا عَلَى بعض المواد الأولية الَّتِي يتم استيرادها من الصين، بِحَسَبِ تعبيره.
وَأَشَارَ الشوبكي إِلَى أَنَّهُ “مَعَ إعلان هَذِهِ الحزمة تحسنت أثمنة النفط لترتفع بنسبة 2 بالمئة لكن مَعَ التوترات الجيوسياسية فِي الشرق الأوسط والحرب الروسية الأوكرانية، لَا تَزَالُ مخاوف الركود موجودة فِي العالم، لذلك تحتاج هَذِهِ الحزمة بعض الوقت لإثبات أَنَّهَا ناجعة وهذا سيتضح من البيانات الاقتصادية الصينية الَّتِي ستُعلن فِي الفترة المقبلة.
ويرى مستشار الاقتصاد والطاقة الدَّوْلِي أن هَذِهِ الحزمة التحفيزية جاءت فِي وقت حرج للغاية باعتبارها آخر المحاولات الصينية لِمُوَاجَهَةِ الضعف أَوْ التراجع فِي نمو اقتصاد البلاد، وَقَالَ: ” لَا نعلم مَعَ هَذِهِ الحزمة ماذا يحضّر الغرب للصين وَخَاصَّةً مَعَ الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة وَفِيمَا إِذَا كَانَ ترامب يحضر لحرب اقتصادية جديدة مَعَ الصين وكَذَلِكَ هُنَاكَ تعاون جيوسياسي بَيْنَ الولايات المتحدة ودول عديدة من القارة الأوروبية لِمُوَاجَهَةِ الطموح الاقتصادي للصين فِي العديد من المجالات وَخَاصَّةً مَعَ سيطرة الصين عَلَى المعادن النادرة المهمة للصناعات فِي العالم”.
نموذج الاقتصاد الصيني يصل إِلَى نقطة حرجة
مِنْ جِهَتِهِ، قَالَ الدكتور عبد الله الشناوي الخبير الاقتصادي، أستاذ الاقتصاد فِي جامعة الزقازيق إن نموذج الاقتصاد الصيني وصل إِلَى نقطة حرجة وبدأ يفقد زخمه حَيْتُ يواصل اقتصاد الصين التباطؤ حَيْتُ تباطأت جميع مقاييس الإنتاج الصناعي والاستهلاك والاستثمار أكثر من المتوقع، وارتفع معدل البطالة إِلَى أعلى مُسْتَوَى لَهُ فِي ستة أشهر فِي أغسطس عِنْدَ 5.3 بالمئة، وارتفع معدل البطالة بَيْنَ الشباب فِي المناطق الحضرية من 13بالمئة فِي يونيو إلى17.1 بالمئة فِي يوليو، وهناك العديد من التحديات الَّتِي تواجه الاقتصاد الصيني وَالَّتِي كَانَت سبباً أَوْ دافعا لاتخاذ الصين حزمة التحفيز الحالية وَالَّتِي سَوْفَ تؤثر بدورها عَلَى استراتيجيات الصين العالمية فِي وقت لاحق”.
وَفِي حديثه عَنْ التحديات الَّتِي توجه الاقتصادي الصيني قَالَ: “يمكن التحدي الأول فِي القطاعات المرتبطة بالبناء، العقارات والبنية الأساسية حَيْتُ حالياً يتسمان بالركود، وركود هَذِهِ القطاعات لَهُ عواقب وخيمة عَلَى الاقتصاد الصيني، فحتى عام 2021 كَانَ قطاع العقارات وحده يشكل 25% بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للصين، و20 بالمئة من الإيرادات المالية، ويخزن 70 بالمئة من ثروات الأسر، ويستقبل 25 بالمئة من القروض المصرفية.
لذا يَتَعَيَّنُ عَلَى الصين أن تحدد الحلول لسد الفجوة فِي الناتج المحلي الإجمالي وَفِي فرص العمل، والعديد من هَذِهِ الحلول تتطلع إِلَى الخارج.”.
أَمَّا التحدي الثاني فيتجلى فِي القيود المالية الَّتِي تواجه الصين مَعَ ارتفاع الديون الحكومية المحلية المتراكمة من الإفراط فِي تطوير سوق العقارات فَضْلًاً عَنْ زيادة حالات التخلف عَنْ سداد القروض وصعوبات السداد من مشاريع مبادرة الحزام والطريق السابقة، فِيمَا يتمثل التحدي الثالث فِي الركيزة الأخرى للنمو الاقتصادي فِي الصين حَتَّى الآن، وَهِيَ التصنيع والصادرات، إِذْ لَا تَزَالُ صناعة التصدير فِي الصين تعتمد إِلَى حد کَبِير عَلَى التجميع، كَمَا أن نَحْوَ 60 بالمئة من صادرات الصين يتم تصنيعها بِوَاسِطَةِ مصانع مملوكة بالكامل من قبل شركات أجنبية أَوْ مشاريع مشتركة بَيْنَ الصين وأجنبية، وهذا يشير إِلَى نقطة ضعف ثانية فِي مِلَفّ الصادرات الصينية، وَهِيَ درجة عالية نسبياً من الاعتماد عَلَى الخارج، بِحَسَبِ تعبيره.
وَأَشَارَ أستاذ الاقتصاد فِي جامعة الزقازيق إِلَى التحدي الرابع وَالَّذِي يكمن فِي ضعف الانفاق الاستهلاكي حَيْتُ أَصْبَحَ الصينيون أقل استعداداً للإنفاق فِي ظل التباطؤ الاقتصادي الحالي، بِسَبَبِ ضعف شبكة الأمان الاجتماعي. وَيُشَكِّلُ الاستهلاك الحالي 53.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للصين، وَهُوَ أقل كَثِيرًاً من المتوسط العالمي الَّذِي يبلغ 72بالمئة.
سيناريوهات تحفيز النمو
ورداً عَلَى سؤال فِيمَا إِذَا كَانَت حزمة التحفيز ستعيد تشكيل مسار الاقتصاد وتحقيق النمو أَشَارَ الخبير الاقتصادي الدكتور الشناوي إِلَى ضرورة وضع صناع السياسات تفاصيل حزمة التحفيز لإنعاش السوق الضخمة للغاية، فِي أحدث محاولاتها لِتَعْزِيزِ الطلب المحلي، وتوسيع الإنفاق الاستهلاكي، والتركيز عَلَى السياسات الاقتصادية
الَّتِي من شَأْنِهَا تحسين سبل عيش الناس وتوسيع القنوات لرفع الدخل السكني، ومحاولة تحسين رفاهة الناس عَنْ طَرِيقِ تحسين نظام توزيع الدخل، وسياسة التوظيف ونظام الضمان الاجتماعي و بذل الجهود لِتَحْسِينِ الآليات طويلة الأجل لِتَوْسِيعِ الاستهلاك، وتقليص القيود ذات الصلة، وتعزيز الاقتصاد الجديد بِشَكْل فعال”.
وَأَضَافَ: “ويجب أن تتوافق السياسات المالية مَعَ توسع القروض الاستهلاكية من جانب البنوك والخصومات الترويجية من جانب التجار، فِي محاولة لتوليد دفعة تآزريه سريعة لقوة الاستهلاك، والاعتماد السياسة النقدية التوسعية المتمثلة فِي تخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي وَهُوَ مَا يعد بمثابة تَوْفِير مساحة أكبر للبنك المركزي الصيني لتخفيف الظروف النقدية دون الضغط عَلَى اليوان بِشَكْل کَبِير
إن تخفيض البنك المركزي فِي المستقبل القريب كمية النقد الَّتِي يَتَعَيَّنُ عَلَى البنوك الاحتفاظ بِهَا كاحتياطيات -المعروفة باسم نسب الاحتياطي الإلزامي بمقدار 50 نقطة أساس مِنْ شَأْنِهِ أن يحرر نَحْوَ تريليون يوان (142 مليار دولار) للإقراض الجديد، وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بقطاع التصنيع، يتوقع أن تعمل الحوافز السياسية الداعمة لتحديث المعدات عَلَى دفع الاستثمار فِي هَذَا القطاع بِشَكْل کَبِير، مِمَّا يؤدي إِلَى توليد زخم داخلي أقوى للاقتصاد الصيني مِنْ خِلَالِ تعزيز الأَنْشِطَة الصناعية، وِفْقًاً للشناوي.
وختم بأنه عَلَى الصين أن تجمع بَيْنَ تدابير التحفيز والإصلاح لتوجيه الاقتصاد نَحْوَ مسار النمو التوسعي. وَذَلِكَ عَنْ طَرِيقِ جمع الأموال مِنْ خِلَالِ إصدار سندات خزانة خاصة طويلة الأجل للغاية، بهدف توليد حافز لَا يقل عَنْ 10 تريليون يوان (1.42 تريليون دولار) فِي غضون عام إِلَى عامين، ومعالجة الفجوات فِي الخدمات العامة الأساسية، مَعَ التركيز عَلَى العمل عَلَى تحسين الخدمات مثل الإسكان بأثمنة معقولة وَالتَعْلِيم والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي والمعاشات التقاعدية،وتسريع تطوير المدن الصغيرة والمتوسطة الحجم دَاخِل المناطق الحضرية.
( سكاي نيوز عربية)
عَنْ الموقع
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا