نظرة حول الصيرفة الإسلامية في السوق العُماني – صحيفة أثير الالكترونية

مسقط-أثير

إعداد: مصطفى بن ناصر الناعبي، متخصص فِي الاقتصاد والتمويل الإسلامي

تجاوزت أصول المصارف الإسلامية عالميا 3.1 ترليون دولار كَمَا فِي نهاية عام 2023، وهذا النمو لو قارناه بِمَا كَانَ عَلَيْهِ الحال قبل جائحة كوفيد فِي العام 2019 وَالَّذِي كَانَ حوالي 2.5 ترليون دولار فنحن هُنَا نتحدث عَنْ متوسط معدل نمو بِمَا نسبته من 7-10%، كذلك شمل هَذَا النمو دخول المصارف الإسلامية أسواقا جديدة لَمْ يكن لَهَا فِيهَا حضور سابقا.

هَذَا بِالنِسْبَةِ للنمو عالميا، أَمَّا محليا فقد كَانَت انطلاقة الصيرفة الإسلامية فِي السوق العماني مِنْ خِلَالِ السماح للمصارف الإسلامية بممارسة أعمالها بعد صدور المَرْسُوم السلطاني رقم 69/2012، وما كَانَ لِهَذَا النمو أن يكون لولا تظافر عدة عوامل لعل أهمها:

– الدعم الحكومي فِي مرحلة التأسيس وهذا مِنْ خِلَالِ الإطار التنظيمي للمصارف الإسلامية الصادر من البنك المركزي وَالَّذِي جاء إطلاقه فِي العام الأول من انطلاق الصناعة وكَذَلِكَ التحديث المستمر مِنْ خِلَالِ التعاميم والمنشورات الَّتِي تصدر بَيْنَ الفينة الأخرى للتنظيم.

– الإقبال العام من الجمهور عَلَى الخدمات المالية الإسلامية وَالَّتِي واكبت انطلاق هَذِهِ المصارف.

– الخدمات والتسهيلات الَّتِي قدمتها هَذِهِ المؤسسات وَالَّتِي مِنْ خِلَالِهَا أثبتت جدارتها.

– وجود هيئة شرعية عليا تتبع البنك المركزي تقوم بالتنظيم لِهَذِهِ الصناعة وكَذَلِكَ توجه السوق مِنْ خِلَالِ التعليمات الَّتِي تصدر عَنْهَا، وبإنشاء هَذِهِ الهيئة تعد سلطنة عمان من الدول السباقة فِي انشاء مثل هَذِهِ الهيئة وَالَّتِي لَا يقتصر عملها عَلَى المنتجات الشرعية الَّتِي يعتزم البنك المركزي إطلاقها بَلْ لَهَا دور فاعل فِي عمل المصارف والنوافذ الإسلامية كونها المرجع لَهَا فِي العمل وتُعَدُّ كذلك المرجع الأَعْلَى لعمل الهيئات الشرعية فِي البنوك والنوافذ الإسلامية فِي سلطنة عمان.

– تنوع سلة المنتجات الَّتِي تقدمها هَذِهِ المصارف وَالَّتِي تتناسب مَعَ مختلف الاحتياجات سَوَاء الخَاصَّة بالأفراد أَوْ الشركات أدّى دورا فِي زيادة نمو القطاع.

– القدرة التنافسية العالية لِهَذِهِ المصارف مكنها من اختراق السوق ووضع موطن قدم لَهَا.

– الاستقرار المالي لسلطنة عمان وارتفاع التصنيف الائتماني حَسَبَ مؤسسات التصنيف العالمي لاسيما رفع مُسْتَوَى السلطنة كَمَا قَد حصل مؤخرا.

وَمَعَ كل نقاط القوة هَذِهِ إلَّا أن هُنَاكَ تحديات لَا بُدَّ مِنْ الوقوف عَلَيْهَا ودراستها وتسليط الضوء عَلَيْهَا لأنها تشكل تحديا حقيقيا والمصارف الإسلامية بحاجة ماسة إِلَى إيجاد الحلول لَهَا وَذَلِكَ عَلَى سبيل المثال:

– حاجة السوق العماني إِلَى حملات تثقيف ووعي بعمل هَذَا النظام وأهميته كمكون من مكونات الاقتصاد العماني وداعم للتنمية ولتحقيق رؤية عمان 2040، وهنا ينبغي للمصارف أن تخرج من العمل الفردي للتوعية إِلَى العمل المؤسسي الجماعي وَالَّذِي تتقاسم فِيهِ جميع المصارف والنوافذ الدور وتحمل مسؤولية نشر الوعي لِتَشْمَل كافة القطاعات ونخرج من فكرة التنافس إِلَى فكرة التكامل والتعاون.

– البنية الأساسية والتقنية، فبالرغم مِمَّا تبذله كافة المؤسسات المالية الإسلامية فِي هَذَا الجانب فَهِيَّ مَا تَزَالُ بحاجة إِلَى تمتين بنيتها الأساسية والتطوير المستمر للتقنية المالية لتلاءم حاجة السوق المتسارعة فِي تغطية مختلف الاحتياجات وتوفير حلول مصرفية سهلة وسريعة تسهم فِي تسهيل الأعمال سَوَاء كَانَت للأفراد أم الشركات.

– التنافس فِي الحصول عَلَى الحصة السوقية مَعَ البنوك التقليدية مَا يزال يشكل تحديا بارزا لكافة الإدارات التنفيذية العاملة سَوَاء فِي المصارف أَوْ النوافذ الإسلامية وإن كَانَ بصورة أخف مَعَ النوافذ لكن المصارف الإسلامية مَا تَزَالُ تواجه تحديا كَبِيرًا لَهَا؛ لِأَنَّ النوافذ قَد تتلقى الدعم من البنوك الأم مِنْ خِلَالِ توجيه عملائها ممن يُرِيدُ التعمل المالي الإسلامي أن يتوجه لنافذتها الإسلامي .

– يعد تَطْبِيق الشريعة والالتزام بِهَا تحديا للمصارف الإسلامية، فبعض المعاملات تتطلب تطبيقا دقيقا للمعايير الشرعية فِيهَا مِمَّا قَد ينتج عَنْهُ فِي بَعْضِ الأحيان تأخيرا فِي التنفيذ أَوْ تحديا فِي طريقة تنفيذ هَذِهِ المتطلبات وَفِي بعض الأحيان يشكل عدم إلمام وإدراك القائمين عَلَى هَذِهِ العقود بطبيعة العقد الشرعي تحديا آخر مِمَّا يبطئ السرعة فِي التنفيذ كون المعاملة تمر بمراحل للتأكد من توافقها والأحكام الشرعية.

– عدم اكتمال البنية القانونية الَّتِي تراعي خصوصية عقود المالية الإسلامية وَالبِتَّالِي قَد يؤثر هَذَا الأمر عَلَى سير العقود فِي المحاكم عِنْدَ وصولها لسلطة التقاضي فنحن بحاجة للإسراع فِي إيجاد منظومة تناسب طبيعة العقود الشرعية المعاصرة وَالَّتِي تطبق فِي المصارف الإسلامية وغيرها من المؤسسات الَّتِي تتبع عقودا متوافقة مَعَ الأحكام الشرعية.

لكن هَذَا بطبيعة الحال لَا يَعْنِي أبدًا أن المستقبل مظلم بَلْ عَلَى العكس من ذَلِكَ تماما فنسب النمو والحصة السوقية أبزر دليل عَلَى النجاح ومما يسهم فِي التفاؤل فِي مستقبل هَذِهِ النوع من النظام المالي الطلب المتزايد عَلَيْهِ من قبل الجمهور سَوَاء أكان محليا أم عالميا ورغبتهم فِي أن تكون تعاملاتهم سَوَاء مِنْ خِلَالِ التمويلات أَوْ التثمير متوافقة و أحكام الشريعة الغراء، كذلك نجد أن الدعم الحكومي للنظام المالي الإسلامي يعد حافزا من حوافز النمو ويتجلى ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ إصدار صكوك سيادية بلغت إِلَى الآن ستة إصدارات بِمَا يزيد عَلَى 900 مليون ريال عماني، وكَذَلِكَ إصدارات القطاع الخاص وَالَّتِي بلغ عددها أيضًا إِلَى الآن حوالي ستة إصدارات تخدم قطاعات مختلفة مثل القطاع النفطي والقطاع العقاري وكَذَلِكَ القطاع المالي مِنْ خِلَالِ الصكوك الَّتِي أصدرتها المصارف والنوافذ الإسلامية ونحوها، وللتأطير القانوني دور فِي صدرو هَذِهِ الأداة المالية إِذْ كَانَ لِهَيْئَةِ الخدمات المالية دور فِي ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ إصدار لائحة تنظيم السندات والصكوك. كَمَا لَا يفوتنا أن نذكر دور بورصة مسقط فِي دعم هَذَا النمو مِنْ خِلَالِ مؤشر الشركات المتوافقة مَعَ الشريعة الإسلامية وأيضا توجه عَدَدُُ مِنَ الشركات الحكومية فِي أن تكون إصدارتها للأسهم متوافقة مَعَ الشريعة الإسلامية مِمَّا يضمن لَهَا الاكتتاب مِنْ أَكْبَرِعَدَدُُ مِنَ المتعاملين مِمَّا يؤثر إيجابا عَلَى نشاط البورصة و التداولات فِيهَا.

كَمَا أن هُنَاكَ قطاعات متعددة تسهم بِشَكْل کَبِير فِي نمو المالية الإسلامية أبرزها حاليا فِي السوق العماني قطاع الوقف وما يمثله توجه الحكومة فِي تنظيم وتأطير هَذَا القطاع والقفز بِهِ من التثمير بالطريقة التقليدية إِلَى استخدام الطرق الحديثة، وَتَأْتِي الأوامر السامية بإطلاق المؤسسة الوقفية العمانية تنظيما وتوجيها لِهَذَا القطاع الحيوي المهم وإبرازا لدوره فِي تنويع مصادر الدخل وارتقاء بِهَذَا القطاع نَحْوَ تحقيق الأهداف المرجوة مِنْهُ.

وأرى أَنَّهُ قَد آن الآوان لإيجاد مؤسسة رسمية تكون راعية لقطاع الاقتصاد الإسلامي يكون دورها توحيد الجهود والجمع بَيْنَ مكونات هَذَا القطاع لِتَحْقِيقِ التكامل بينها أسوة بِالمُؤَسَّسَاتِ المشابهة فِي بَعْضِ الدول الَّتِي سبقتنا فِي ممارسة العمل فِي قطاع الاقتصاد الإسلامي بمختلف مكوناته.

عَنْ الموقع

ان www.zoom32.com مِنَصَّة مُسْتَقِلَّة شاملة وحديثة تواكب كل مواضيع المالية والاقتصادية وَكَذَا اعلانات الوظائف,وَتَضَمَّنَ كذلك مجموعة من الخدمات والوسائل التعليمية الادارية الَّتِي تبسط وتشرح الأشياء الَّتِي يحتاجها الباحث عَنْ فرص الاستثمار سَوَاء كَانَت فِي ارض الواقع او عبر الانترنت ، وَتَجْدُرُ الاشارة إِلَى ان هَذِهِ المنصة لَا تمت باي صلة لِاي مؤسسة مالية.
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *