مواءمة التعليم العالي مع احتياجات الصناعة


تَارِيخ النشر :


الأحد


11:11 2024-8-25

م. هاني محمود البطش*

إن التصريحات الأخيرة الصادرة عَنْ نقابة المهندسين الأردنيين ووزارة التَّعْلِيم العالي وَالَّتِي تسلط الضوء عَلَى تشبع التخصصات الهندسية والحاجة إِلَى التوجه إِلَى التَّعْلِيم المهني تؤكد عَلَى قضية بالغة الأهمية فِي النظام التعليمي الأردني. إن خريجي الجامعات اليوم ليسوا مثل خريجي الأمس؛ فهم غالبًا مَا يتم برمجتهم عَلَى الحفظ والتكرار، بدلاً من الابتكار والتكيف. وَقَد أَدَّى هَذَا إِلَى عَدَمِ التوافق الكبير بَيْنَ المهارات الَّتِي يمتلكها الخريجون واحتياجات سوق العمل.

مَدَى المشكلة

إن معدل البطالة بَيْنَ خريجي الجامعات فِي الأردن مرتفع بِشَكْل مثير للقلق، حَيْتُ يصل إِلَى 25.1٪. وهذا واضح بِشَكْل خاص بَيْنَ خريجي الهندسة، حَيْتُ أن واحدًا من كل 40 أردنيًا هُوَ مهندس. إن عدم التوافق بَيْنَ المهارات المكتسبة فِي الجامعة وتلك الَّتِي يطلبها أصحاب العمل هُوَ أحد الأسباب الرئيسية لِهَذِهِ المشكلة. يجد العديد من الخريجين أَنْفُسَهُمْ فِي مجالات مشبعة بفرص عمل قليلة، مِمَّا يؤدي إِلَى تفاقم المشكلة.

الحاجة إِلَى التحول الجذري

إن الجامعات بحاجة إِلَى التحول من كونها مجرد مؤسسات لمنح الدرجات العلمية إِلَى مراكز للإبداع وريادة الأعمال. وهذا يتطلب تحولاً جوهرياً فِي التركيز من المعرفة النظرية إِلَى التطبيق العملي. وَمِنْ خِلَالَ دمج المشاريع الحقيقية والتدريب الداخلي والتعاون الصناعي فِي المناهج الدراسية، تستطيع الجامعات أن تزود الخريجين بالمهارات والعقلية اللازمة للنجاح فِي القوى العاملة الحديثة.

تطوير ريادة الأعمال والعمل الحر

لمعالجة قضية البطالة ونقص التشغيل بَيْنَ الخريجين، تحتاج الجامعات إِلَى تعزيز ثقافة ريادة الأعمال؛ يمكن تحقيق ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ تَقْدِيم دورات وبرامج متخصصة لتزويد الطلاب بمهارات الابتكار وريادة الأعمال، وتقديم الدعم والموارد للشركات الناشئة الطلابية، والتعاون مَعَ الشركات لتوفير فرص التدريب الداخلي والتوجيه.

سد الفجوة بَيْنَ الأوساط الأكاديمية والصناعة

لِضَمَانِ استعداد الخريجين لسوق العمل، يَجِبُ عَلَى الجامعات تعزيز علاقاتها مَعَ قطاع الأعمال والصناعة. يمكن تحقيق ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ إشراك خبراء الصناعة فِي تصميم وتطوير المناهج الجامعية بِمَا يتماشى مَعَ احتياجات السوق، وتزويد الطلاب بالخبرة العملية مِنْ خِلَالِ التدريب الداخلي وبرامج التعاون، وإجراء مشاريع بحثية مشتركة مَعَ شركاء الصناعة لمعالجة التحديات فِي العالم الحقيقي.

التركيز عَلَى المجالات الناشئة

يَجِبُ عَلَى الجامعات إعطاء الأولوية للبرامج الَّتِي تتوافق مَعَ أسواق العمل المستقبلية، مثل الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات والأمن السيبراني والطاقة المتجددة. توفر هَذِهِ المجالات إمكانات نمو كبيرة ويمكن أن تساعد فِي معالجة التحديات العالمية الملحة. لدعم تحول التَّعْلِيم العالي، هُنَاكَ حاجة إِلَى تَغْيير سياسات محددة مثل؛ تخصيص المزيد من الموارد لمشاريع البحث المبتكرة، وتوفير الإعفاءات الضريبية للشركات الَّتِي تتعاون مَعَ الجامعات فِي مشاريع البحث والتطوير، وتحديث معايير الاعتماد للتأكيد عَلَى المهارات العملية والتعاون الصناعي.

أمثلة ناجحة فِي الأردن

بدأت بعض الجامعات الأردنية بالفعل فِي تنفيذ نهج مبتكرة. فقد أقامت الجامعة الألمانية الأردنية شراكات صناعية قوية وتقدم بَرَامِج تدمج الخبرة العملية مَعَ التعلم الأكاديمي. وَعَلَى نَحْوَ مماثل، عززت جامعة البترا البحث العلمي والابتكار، مِمَّا أَدَّى إِلَى ضمان تنميتها الأكاديمية واستدامتها. كذلك تقدم جامعة الحسين التقنية منهجًا عمليًا مستنيرًا بالاحتياجات الصناعية والتحديات المحلية والعالمية. تدمج الجامعة التطبيق العملي مَعَ المعرفة النظرية، مِمَّا يعزز روح المبادرة بَيْنَ الطلاب. أَمَّا جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا تركز عَلَى البحث العلمي وريادة الأعمال، وتوفر للطلاب الأدوات والإرشاد اللازمين لإطلاق الشركات الناشئة فِي مجال التكنولوجيا. وَقَدْ تَمَّ الاعتراف بجامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا بشراكاتها الصناعية القوية وبرامجها المبتكرة فِي علوم الكمبيوتر والهندسة. أَمَّا جامعة اليرموك ساهمت فِي تطوير حلول مبتكرة لتحديات الاستدامة الحضرية، مثل إدارة النفايات الذكية، وتحسين كفاءة الطاقة فِي المباني مِنْ خِلَالِ تخصص هندسة المدن الذكية والمستدامة. وعززت صناعة الألعاب المحلية مِنْ خِلَالِ تخصص الواقع الرقمي وتطوير الألعاب وأسهمت فِي تطوير تطبيقات الواقع الافتراضي والمعزز فِي مجالات التَّعْلِيم والتدريب. وساهمت فِي تطوير حلول دفع إلكترونية مبتكرة وخدمات مالية رقمية مِنْ خِلَالِ تخصص تكنولوجيا مالية (Fintech)، مِمَّا ساهم فِي تعزيز الشمول المالي. وساهمت جامعة العلوم والتكنولوجيا فِي تطوير تطبيقات الروبوت فِي الصناعة والزراعة والخدمات بتخصص علم الروبوتات، مِمَّا زاد من الكفاءة والإنتاجية. وتطوير تقنيات الزراعة الذكية، مثل الزراعة الهيدروبونية والزراعة الدقيقة مِنْ خِلَالِ تخصص الزراعة الرقمية، مِمَّا زاد من إنتاجية الأراضي الزراعية. قدمت جامعة البلقاء التطبيقية بَرَامِج مبتكرة فِي مجالات مثل الطاقة المتجددة، والتصميم الصناعي، وريادة الأعمال. الجامعة الأردنية بصفتها الجامعة الأم فِي الأردن، تبنت العديد من المبادرات الابتكارية، مثل إنشاء حاضنات أعمال، وتطوير بَرَامِج بحثية متقدمة فِي مجالات مثل الطب الحيوي وتكنولوجيا النانو.

الخلاصة

يتمتع نظام التَّعْلِيم العالي الأردني بالقدرة عَلَى أن يصبح حافزًا للنمو الاقتصادي والتنمية. مِنْ خِلَالِ تبني الابتكار وريادة الأعمال والتعاون مَعَ الصناعة، يمكن للجامعات تخريج طلاب ليسوا عَلَى دراية فحسب، بَلْ ومجهزين أيضًا لخلق فرص العمل ودفع التقدم الاقتصادي. وَمِنْ الضروري الاستثمار فِي تطوير قوة عاملة ماهرة قادرة عَلَى مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين.

* استشاري تكنولوجي استراتيجي

عَنْ الموقع

ان www.zoom32.com مِنَصَّة مُسْتَقِلَّة شاملة وحديثة تواكب كل مواضيع المالية والاقتصادية وَكَذَا اعلانات الوظائف,وَتَضَمَّنَ كذلك مجموعة من الخدمات والوسائل التعليمية الادارية الَّتِي تبسط وتشرح الأشياء الَّتِي يحتاجها الباحث عَنْ فرص الاستثمار سَوَاء كَانَت فِي ارض الواقع او عبر الانترنت ، وَتَجْدُرُ الاشارة إِلَى ان هَذِهِ المنصة لَا تمت باي صلة لِاي مؤسسة مالية.
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *