تصاعد الضرائب يدفع أثرياء العالم للهجرة إلى وجهات جديدة

فِي الوقت الَّذِي تعمل فِيهِ المملكة المتحدة، ودول أُخْرَى عَلَى تشديد قوانين الضرائب المفروضة عَلَى الأجانب الأثرياء، تتنافس دول أُخْرَى عَلَى استقطابهم، عبر تَوْفِير فرص إقامة جديدة.

يسود قلق بالغ بَيْنَ أغنياء أوروبا، فَفِي المملكة المتحدة أَدَّى قرار الحكومة الجديدة بإلغاء نظام الضرائب «لغير المقيمين»، وَالَّذِي كَانَ يوفر مزايا ضريبية للأجانب الأثرياء، إِلَى موجة كبيرة من عمليات إعادة التوطين.

وَفِي فرنسا دفع الغموض السياسي، الَّذِي أعقب الانتخابات البرلمانية المبكرة فِي يوليو، العديد من الأثرياء إِلَى وضع خطط طوارئ للرحيل حال إعادة فرض ضريبة الثروة المثيرة للجدل.

ومنذ التغييرات الَّتِي طرأت عَلَى نظام ضريبة الثروة وضريبة الأرباح الرأسمالية فِي النرويج عام 2022 كَانَ هُنَاكَ هجرة مستمرة لأصحاب الملايين والمليارديرات إِلَى سويسرا، وَلَمْ تكن عملية الانتقال سهلة أبداً عَلَى الأثرياء وَالبِتَّالِي، اشتدت المنافسة لجذب الأثرياء مِنْ خِلَالِ الحوافز الضريبية، إِلَى جانب الحصول عَلَى الجنسية أَوْ خيارات الإقامة، وبدأت مناطق جديدة، مثل دبي وسنغافورة، تشق طريقها لمنافسة المراكز التقليدية، مثل المملكة المتحدة وسويسرا وموناكو.

وقبل إلغائه مؤخراً كَانَ نظام «غير المقيمين» فِي المملكة المتحدة يعد أقدم نظام امتياز ضريبي فِي العالم، وَكَانَ يسمح للأجانب المقيمين فِي المملكة المتحدة، لكن يعتبرون موطنهم فِي الخارج، بتجنب دفع الضرائب البريطانية عَلَى الدخل فِي الخارج والأرباح الرأسمالية لمدة تصل إِلَى 15 عاماً.

لكن فِي مارس كشفت حكومة المحافظين السابقة عَنْ خطط لاستبدال النظام بنظام جديد، مدته 4 سنوات، وَأَشَارَتْ حكومة حزب العمال، الَّتِي تلتها إِلَى أَنَّهَا ستحرم الأجانب من قدرتهم عَلَى حماية الأصول الأجنبية المودعة فِي صناديق استئمانية من ضريبة الميراث نهائياً. كَمَا تعهد حزب العمال بإغلاق ثغرة «الفائدة المنقولة» المدرة للربح، وَالَّتِي يستغلها شركاء الأسهم الخَاصَّة عَلَى نطاق واسع، ومعظمهم من غير المقيمين.

أَمَّا ثاني أقدم نظام امتياز ضريبي فهو النظام السويسري، ويعمل النظام عَلَى فرض ضريبية إجمالية المعروفة بـ «فورفيت أَوْ المبلغ المقطوع»، حَيْتُ يتوصل الأثرياء إِلَى اتفاقيات مصممة خصيصة لَهُمْ مَعَ سلطات المقاطعات المحلية بِشَأْنِ معدلات الضرائب، الَّتِي يدفعونها، وتظهر الأرقام الوَطَنِية الأخيرة أن أكثر من 4500 شخص دفعوا الضرائب بموجب هَذَا النظام.

وَعَلَى مدار العقدين الماضيين قدم العديد من المنافسين الجدد أنظمة امتيازات ضريبية مصممة خصيصاً لاستقطاب الأجانب الأثرياء، من بينها قبرص واليونان وإيطاليا ومالطا والبرتغال وإسبانيا.

وَفِي مناطق أُخْرَى، تسعى مدن، مثل دبي وسنغافورة، للتنافس لجذب المغتربين الأثرياء بتقديم ضرائب منخفضة، وهذا يعزز الاتجاه نَحْوَ انتقال أصحاب الملايين والمليارديرات، وِفْقًاً لدراسة أجرتها هيلني آند بارتنرز، وَهِيَ شركة استشارية عالمية فِي شؤون الهجرة، وغالباً مَا تكون الضرائب عاملاً رَئِيسًاً فِي قرار هَؤُلَاءِ الأثرياء بالهجرة.

وتتبع الشركة تحركات أكثر من 150 ألف شخص من أصحاب الثروات الضخمة عبر البلدان والمدن، وتتوقع أن عام 2024 سيحطم الأرقام القياسية مَعَ انتقال 128 ألف مليونير إِلَى أماكن أُخْرَى، متجاوزاً الرقم القياسي، الَّذِي سجله العام الماضي البالغ 120 ألفاً.

ووصف دومينيك فوليك، رَئِيس قسم عملاء القطاع الخاص لَدَى هينلي آند بارنترز، هجرة الأثرياء بأنها بمثابة «طائر كناري محبوس فِي منجم فحم»، أي أَنَّهَا «مؤشر إنذار مبكر» للتغيرات الجوهرية فِي مشهد الثروة العالمي، وَالَّتِي قَد يكون لَهَا عواقب وخيمة عَلَى الدول الَّتِي يغادرون مِنْهَا أَوْ ينتقلون إِلَيْهَا.

وتقدر الحكومات الثروات والاستهلاك، اللذين يسهم بهما الأثرياء، لكن تدفق الأجانب الأثرياء أَدَّى إِلَى ارتفاع أثمنة العقارات المحلية، أَوْ زيادة الضغط عَلَى البنية التحتية العامة، أَوْ الإفراط فِي تحسين الأحياء.

وَخِلاَلَ العام الماضي شددت 3 من أكثر أنظمة الامتيازات الضريبية شيوعاً فِي أوروبا شروطها استجابة للضغوط السياسية، وإلى جانب تغير نظام غير المقيمين فِي المملكة المتحدة أنهت البرتغال برنامجها القديم لغير المقيمين العام الماضي، وأطلقت نظاماً جديداً هَذَا العام، وَالَّذِي يستبعد أولئك اللَّذِينَ يحصلون عَلَى دخلهم من المعاشات التقاعدية، فِي حين اشتكت الدول الإسكندنافية من أن النظام القديم كَانَ يجذب المتقاعدين، اللَّذِينَ توقفوا عَنْ دفع الضرائب فِي موطنهم الأصلي.

وَعَلَى نَحْوَ غير متوقع ضاعفت إيطاليا الضريبة السنوية الثابتة عَلَى الدخل الأجنبي للمقيمين الجدد إِلَى 200 ألف يورو. ويقر أحد مستشاري الضرائب الدوليين بِأَنَّ أنظمة الامتيازات الضريبية دائماً مَا تسبب الغضب السياسي من السكان المحليين، مَا لَمْ تتمكن من البقاء بَعِيدًاً عَنْ دائرة الضوء. وَأَضَافَ «قَد يكون من الصعب تبريرها سياسياً، لأنك فِي النهاية تمنح ميزة للأثرياء».

ويعتبر تدفق الثروات وإنعاش الإنفاق اللذين يجلبهما الأثرياء الحافز الأساسي وراء تَقْدِيم الحوافز الضريبية، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ بعض الدول لَا تعفي الأجانب الأثرياء تماماً من الضرائب، بَلْ تفرض عَلَيْهِمْ بعضها، وغالباً مَا تكون هَذِهِ المبالغ كبيرة، فعلى سبيل المثال تشير أحدث الإحصاءات إِلَى أَنَّ 74 ألف مهاجر من غير المقيمين فِي المملكة المتحدة دفعوا نَحْوَ 8.9 مليارات جنيه استرليني كضرائب.

ويرى شون براي، مدير السياسات الأوروبية فِي مؤسسة الضرائب الأوروبية، أن الميزة الأساسية تَتَمَثَلُ فِي أن هَؤُلَاءِ الأشخاص يستهلكون أكثر من المواطن العادي، وَالبِتَّالِي، فَإِنَّ الحكومات مستعدة لتقديم بعض الإعفاءات الضريبية عَلَى الدخل فِي مقابل الحصول عَلَى عائدات أكبر من ضرائب الاستهلاك.

ويضيف أن هُنَاكَ 3 نُهج متبعة، وَتَتَضَمَّنُ خلق أصحاب الملايين، أَوْ الاحتفاظ بِهِمْ، أَوْ جذب أثرياء من دول أُخْرَى، وَفِي الواقع تسعى العديد من الدول تحقيق كل هَذِهِ الأهداف.

وَمَعَ ذَلِكَ يشير مديرو الثروات إِلَى أَنَّ المنافسة عَلَى جذب المهاجرين الأثرياء، اللَّذِينَ يحاولون تجنب الضرائب المرتفعة المحتملة فِي أماكن أُخْرَى، تزداد شراسة فِي الوقت الحالي، ويرجع ذَلِكَ جُزْئِيًاً إِلَى فرض قيود صارمة فِي المناطق المنافسة. ووفقاً للمستشارين فِي دول، مثل الإمارات وإيطاليا وسويسرا، فإنهم يتلقون استفسارات متزايدة من غير المقيمين فِي المملكة المتحدة بِشَأْنِ الانتقال.

ويقول تيم ستوفولد، الشريك لَدَى مور كينجستون سميث، وَهِيَ شركة محاسبة مقرها المملكة المتحدة، إن «العديد من المناطق تنظر إِلَى غير المقيمين فِي المملكة المتحدة باعتبارهم لقمة سائغة». ولاحظ أنتوني ريتشاردسون، المحامي فِي شركة تشرش كورت شامبرز فِي لندن، والمتخصص فِي المسائل الضريبية الدولية، أن العديد من الأثرياء يشعرون بالقلق إزاء الاتجاهات السائدة فِي الدول الغربية.

وَأَوْضَحَ أَنَّهُ «نتيجة للديون الهائلة، الَّتِي تكبدتها الحكومات بِسَبَبِ الوباء، بدأنا نشهد هجرة طبقة المليونيرات والمليارديرات من المملكة المتحدة، ودول أُخْرَى إِلَى أماكن مثل الإمارات». وأردف «مَا يعتبرونه تهديداً هُوَ النظر إِلَى ثرواتهم عَلَى أَنَّهَا سيولة متاحة بسهولة، وَلَا أستطيع القول إن الجهود المبذولة لجذب هَؤُلَاءِ الأشخاص قَد زادت، بَلْ إن الهجرة ازدادت حدة».

ويعتقد بول دونوفان، کَبِير خبراء الاقتصاد فِي إدارة الثروات العالمية لَدَى «يو بي إس»، أن هجرة أصحاب الملايين مدفوعة أيضًاً بـ«الاضطرابات الهيكلية فِي الثروة العالمية»، وَالَّتِي تنطوي عَلَى تأثير العقوبات عَلَى العديد من الأثرياء الروس، ورغبة العديد من أصحاب الأعمال للعيش بالقرب من مراكز أعمالهم.

وَبِحَسَبِ تقرير نشره بنك يو بي إس الشهر الماضي من المتوقع أن تشهد المملكة المتحدة وهولندا أكبر خسارة فِي أعداد أصحاب الملايين بحلول 2028، بانخفاض 17 و4% عَلَى التوالي، وهذا يتعارض مَعَ الاتجاه العالمي، حَيْتُ من المتوقع ارتفاع عدد أصحاب الملايين فِي 52 دولة مِنْ أَصْلِ 56 يتتبعها البنك.

ويعزو دونوفان هَذَا جُزْئِيًاً إِلَى الأعداد المرتفعة بنسب متفاوتة من أصحاب الملايين فِي المملكة المتحدة وهولندا مقارنة بحجم اقتصاداتهما، وهذا يَعْنِي أن أي اضطراب هيكلي يؤثر عَلَى أصحاب الملايين الرحل من المرجح أن يكون لَهُ تأثير کَبِير عَلَى كلا البلدين.

بَيْنَمَا يشير آخرون إِلَى التغييرات الَّتِي طرأت فِي المشهد المالي العالمي خِلَالَ العقد الماضي، وَالَّتِي أثرت عَلَى قدرة الأثراء عَلَى حماية ثرواتهم.

مِنْ جِهَتِهِ قَالَ باسكال سانت-أمانز، الرئيس السابق لقسم الضرائب فِي منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: «اعتاد الناس عَلَى مر السنين المكوث فِي دولهم، وتخبئة أموالهم فِي الخارج بملاذات ضريبية»، وتابع: «لكن نهاية السرية المصرفية، وازدياد تبادل المَعْلُومَات يعنيان أنك إن كُنْت لَا ترغب فِي أن تُفرض عليك ضرائب فِي بلد مَا فسيكون لزاماً عليك مغادرته»، لكن قرارات إعادة التوطين لَا تتعلق بالضرائب فحسب.

وَقَالَتْ إيما تشامبرلين، المستشارة فِي القضايا المتعلقة بالضرائب الدولية لَدَى «بامب كورت تاكس تشيمبرز» وتتخذ من المملكة المتحدة مقراً لَهَا، إن عوامل مثل الأمن وَالتَعْلِيم والبنية التحتية للأعمال والاستقرار والثقافة والمجتمع تعد مهمة هِيَ أيضًاً، وَأَن الأفراد كَثِيرًاً مَا ينتقلون إِلَى حَيْتُ يوجد زملاؤهم وأصدقاؤهم أَوْ أقرباؤهم.

وَأَكَّدَ فيليب بولفر، الَّذِي يساعد الأثرياء فِي اتخاذ قرارات بِشَأْنِ مكان عيشهم باعتباره شريكاً فِي مكتب والدر ويس للمحاماة الكائن فِي سويسرا، الأهمية الشديدة الَّتِي يتسم بِهَا الاستقرار الاقتصادي والسياسي بِالنِسْبَةِ للكثيرين.

وَأَوْضَحَ: «ينطوي التوجه الَّذِي نشهده عَلَى أن العائلات لَمْ تعد مستقرة، وَقَد تغير مكان السكن بسهولة أكبر مقارنة، بِمَا كَانَ عَلَيْهِ الوضع فِيمَا سبق، ولكنهم يفضلون الاستقرار حَتَّى فِي هَذِهِ الحالة»، لافتاً: «إنهم يرغبون فِي إعادة التوطين إِلَى بلد ليس معرضاً لتغيرات سياسية سريعة».

وَكَانَ قرار المملكة المتحدة بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي أحد هَذِهِ التغييرات الجذرية، ووفقاً لبيانات «هينلي» فقد تكبدت البلاد خسارة 16,500 مليونير بَيْنَ 2017 و2023. وتشهد الصين نزوحاً ملحوظاً للأثرياء بعد تطبيقها سياسات «صفر كوفيد» الصارمة، وتفاقم هَذَا النزوح مَعَ إطلاق الرئيس شي جين بينغ برنامج «الرخاء المشترك»، الَّذِي يهدف إِلَى إعادة توزيع الثروات.

ويتفق براي مَعَ أن «الاستقرار الاقتصادي والضريبي» يَحْظَى بتقدير کَبِير من الأثرياء، اللَّذِينَ ينظرون فِي إعادة التوطين. وَمَعَ ذَلِكَ يرى براي أَنَّهُ فِي حين قَد لَا تكون الضرائب عاملاً أكبر فِي قراراتهم، لكنها عامل مهم مقارنة بِمَا قَد تكون عَلَيْهِ الحال بِالنِسْبَةِ للعمالة ذات الدخل المنخفض إِلَى المتوسط.

وَأَضَافَ: «يتسم أصحاب الثروات العالية بقدرة أكبر عَلَى التنقل. إنهم يميلون إِلَى الاستجابة للمحفزات، وتتوفر لَدَيْهِمْ الوسائل، الَّتِي تمكنهم من الاستفادة مِنْهَا».

إِلَى ذَلِكَ، أضافت شامبرلين أن الأوروبيين اللَّذِينَ يعملون فِي شركات الأسهم الخَاصَّة كانوا يفضلون المملكة المتحدة حَتَّى وقت قريب، لَكِنَّهُمْ منجذبون حالياً إِلَى إيطاليا، وَخَاصَّةً ميلانو، فِيمَا يهتم الآسيويون بدبي، وسنغافورة مؤخراً. وَقَالَتْ إن سويسرا، تبدو شعبيتها آخذة فِي الازدياد بِالنِسْبَةِ للمتحدثين بالألمانية والفرنسية واللغات الإسكندنافية، محذرة مَعَ ذَلِكَ من أَنَّهَا تعميمات واسعة، ويتوقف الكثير عَلَى مَا إن كَانَ الأطفال مَا زالوا يرتادون المدرسة أم أن آباءهم متقاعدون.

وبالنسبة لبيتر فيرينيو، مدير الخدمات الضريبية لَدَى «هينلي آند بارتنرز»، فأشار إِلَى جاذبية قبرص ومالطا لأنهما لَا تفرضان ضرائب عَلَى الأرباح الأجنبية.

ولفت إِلَى أَنَّ الأوروبيين «يحتاجون إِلَى أَنَّ يكونوا أقرب إِلَى أسواقهم المحلية»، فتظل كل من اليونان وإيطاليا وجهات تَحْظَى بالشعبية، لأنهما تفرضان ضريبة ثابتة قصوى. وبالنسبة لليونان الَّتِي تفرض حداً أقصى للضريبة قدره 100,000 يورو سنوياً، فيعتقد أَنَّهَا جذابة للغاية لمن يحصل عَلَى أكثر من 250,000 يورو تقريباً.

وسلط ماركو سيراتو، الشريك لَدَى مكتب مايستو إي أسوسياتي للمحاماة، ولديه مكاتب بِكُلٍّ مِن إيطاليا والمملكة المتحدة، الضوء عَلَى أن إيطاليا وسويسرا وموناكو كَانَت أبرز ثلاث وجهات هَذَا العام للأثرياء الراغبين فِي إعادة التوطين.

وَمَعَ ذَلِكَ فثمة بلدان أُخْرَى بعينها لَمْ تعد مُفضلة. وَأَشَارَ ستوفولد من «مور كينغستون سميث»: «انصبت الأعين عَلَى إيطاليا حينما أنهت البرتغال نظام المقيمين الجدد. والآن فقد قرروا لتوهم زيادة الأثمنة، مِمَّا لَا شَکَّ فِي أَنَّهُ سيحد مِنْ عَدَدِ الأشخاص اللَّذِينَ سيستفيدون من هَذَا النظام».

وَقَالَ مديرو ثروات، إن التغييرات المفاجئة تعكس المخاطر عَلَى الانتقال من بلد إِلَى آخر بناء عَلَى الحوافز الضريبية، إِذْ بإمكانها أن تتغير بسرعة عِنْدَ تغير الأوضاع السياسية. ولفت بولفر إِلَى وجود قدر ضئيل من الشماتة فِي سويسرا بِشَأْنِ التغييرات، الَّتِي طرأت عَلَى نظام غير المقيمين فِي المملكة المتحدة.

وأضح: «لطالما كَانَت المملكة المتحدة وسويسرا الوجهتين الأكثر تفضيلاً للأثرياء»، مضيفاً: « لَا أعتقد أن إنهاء نظام غير المقيمين فِي المملكة المتحدة يصب فِي صالح سويسرا». وَقَالَ: «المنافسة بَيْنَ الولايات القضائية مفيد، ويقنع السلطات بالإبقاء عَلَى معدلات الضرائب عِنْدَ مستويات معقولة».

من جانبها، صرحت جورجيا ميلوني، رئيسة الوزراء الإيطالية، بِأَنَّ قرار البلاد بمضاعفة سعر الاستفادة من نظام الضرائب الثابتة يعود إِلَى رغبة الحكومة فِي «التخفيف من حدة قرار بدا سخياً للغاية». كَمَا أَعْلَنَتْ حكومتها رغبة البلاد فِي تفادي السباق إِلَى الهاوية مَعَ دول أُخْرَى فِي محاولة إغراء الأفراد والشركات عَنْ طَرِيقِ التخفيضات الضريبية«.

وَأَشَارَ جيانكارلو جيورجيتي، وَزِير المالية الإيطالي، إِلَى المستويات شديدة الارتفاع للديون السيادية فِي البلاد، مضيفاً أَنَّهُ»إِذَا بدأت هَذِهِ المنافسة، فَإِنَّ البلدان مثل إيطاليا، الَّتِي تَحْظَى بمجال مالي محدود، ستكون محتومة بالخسارة«.

وتشهد ميلانو انزعاجاً، المدينة المشهورة بالأعمال وتقع شمالي البلاد وَالَّتِي أصبحت جاذبة لفاحشي الثراء، الأمر الَّذِي يُعزى جُزْئِيًاً إِلَى نظام الضريبة الثابتة الَّتِي أُطلق عَلَيْهِ لقب»لندن الخاوية«. وانتقل مَا يزيد عَنْ 2,700 شخص من فاحشي الثراء إِلَى إيطاليا مُنْذُ دخول البرنامج حيز التنفيذ فِي 2017، لكن أعرب بعض مواطني ميلانو عَنْ ضيقهم من ارتفاع أثمنة العقارات.

وصوتت بعض التقسيمات الإدارية فِي سويسرا بَيْنَ 2009 و2012 لصالح التخلي عَنْ نظام»الفورفيت«الضريبي المعمول بِهِ، بِمَا فِي ذَلِكَ زيوريخ. وصوت السويسريون فِي استفتاء فيدرالي بعام 2014 عَلَى الإبقاء عَلَى النظام، لكن توجد مناقشات جارية حالياً بِشَأْنِ مَا إِذَا كَانَ يَجِبُ زيادة الضرائب عَلَى الأثرياء، خاصة الضرائب عَلَى الميراث.

ويدرك بولفر ومستشارون آخرون، وعملائهم أيضًاً، تماماً أن بلدان أُخْرَى قَد تُعْلِنُ مزيد من القيود عَلَى الأنظمة المتمتعة بامتيازات ضريبية، وَلَنْ يعود ذَلِكَ فحسب إِلَى الضغوط المحلية.

وَعَلَى المُسْتَوَى العالمي، تركزت النقاشات فِي مجموعة العشرين عَلَى مَا إِذَا كَانَ يَجِبُ فرض حد أدنى عالمي للضريبة عَلَى المليارديرات، مَا يتشابه وجهود منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الرامية إِلَى فرض حد أدنى من الضرائب عَلَى الشركات.

وَفِي حين لَمْ تحظ الخطة بِمَا يكفي من الدعم لكي تُنفذ، لكن يعتبر البعض ذَلِكَ مؤشراً عَلَى ازدياد النشاط مستقبلاً فِي هَذِهِ المسألة. ويتوقع غرانت وارديل-جونسون، مدير سياسة الضرائب العالمية لَدَى «كيه بي إم جي»: «أعتقد فِي أَنَّهُ ستكون هُنَاكَ دعوات إِلَى تحديد قواعد دولية للضرائب لمحاولة التعاطي مَعَ هَذِهِ المسألة».

أَشَارَ فوليك إِلَى أَنَّ طلب فاحشي الثراء عَلَى الملاذات الضريبية المستقرة والمتساهلة مالياً يظل مرتفعاً كَمَا كَانَ دوماً، وَأَن الكثير من الولايات القضائية راغبة فِي تلبية هَذَا الطلب. وَأَضَافَ:»ستكون البلدان الَّتِي ستتكيف مَعَ الوضع وتبتكر فِيهِ هِيَ الَّتِي ستزدهر«.

وَمَعَ ذَلِكَ، يرى سانت-أمانز، الَّذِي عمل سابقاً فِي منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أَنَّهُ فِي حين ستكون المنافسة بَيْنَ الدول»شرسة«، لكنها تبلغ أوجها عَلَى الأرجح. وَأَضَافَ: «ربما يكون قرار المملكة المتحدة إشارة عَلَى أن شيئاً مَا يحدث. ثمة ارتباك بَيْنَ البلدان الكبيرة، الَّتِي استفادت بشدة من هَذِهِ الأنظمة، ويعد هَذَا انعكاساً للشعبوية، الَّتِي تواجه هَذِهِ البلدان».

عَنْ الموقع

ان www.zoom32.com مِنَصَّة مُسْتَقِلَّة شاملة وحديثة تواكب كل مواضيع المالية والاقتصادية وَكَذَا اعلانات الوظائف,وَتَضَمَّنَ كذلك مجموعة من الخدمات والوسائل التعليمية الادارية الَّتِي تبسط وتشرح الأشياء الَّتِي يحتاجها الباحث عَنْ فرص الاستثمار سَوَاء كَانَت فِي ارض الواقع او عبر الانترنت ، وَتَجْدُرُ الاشارة إِلَى ان هَذِهِ المنصة لَا تمت باي صلة لِاي مؤسسة مالية.
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *