تزايد تسريح الموظفين في شركات الاستشارات رغم التعافي البطيء

الرأي- رصد

فِي أول اجتماع شخصي لَهُمْ مُنْذُ عامين، اجتمع شركاء «ماكينزي» البالغ عددهم 3 آلاف شريك الأسبوع الماضي فِي كوبنهاجن، وَوَجَّهَتْ قيادة الشركة رسالة إيجابية وَأَشَارَتْ إِلَى أَنَّ سوق الاستشارات تبدو أَنَّهَا تتعافى بعد أكثر من عام من النمو البطيء.

وَمَعَ ذَلِكَ، كَانَ المزاج السائد فِي القاعات أكثر اضطراباً إِلَى حد مَا، لِأَنَّ التعافي لَمْ يأت بالسرعة الكافية لمنع موجة أُخْرَى كبيرة من تخفيض عدد المُوَظَّفِينَ فِي الشركة الَّتِي تضم 45 ألف موظف.

تخوض شركة ماكينزي حالياً جولة قاسية من مراجعات المُوَظَّفِينَ، سيحصل جميع مستشاريها عَلَى تقييمات هَذَا الشهر، وَسَيَتِمُّ «إقناع» أولئك اللَّذِينَ يُعتبرون من ذوي الأداء الضعيف -بمقاييس ماكينزي- بالرحيل.

فِي السنوات القليلة الماضية، كَانَت مراجعات الأداء فِي منتصف العام بمثابة لقاءات غير رسمية مَعَ المديرين، وَكَانَت أقل أهمية بكثير من مراجعات نهاية العام الَّتِي تجري فِي شهر أكتوبر تقريبا. وتقول المصادر إن العودة إِلَى نظام تصنيف رسمي فِي منتصف العام هِيَ طريقة لِتَسْرِيعِ تسريح عدد أكبر من المُوَظَّفِينَ.

بعد مرور عامين عَلَى «الاستقالة الكبرى»، عِنْدَمَا شجع سوق العمل المزدهر وآثار الوباء أعداداً كبيرة من القوى العاملة عَلَى تَغْيير أصحاب العمل، أَصْبَحَ الوضع مختلفاً تماماً.

فِي مجال الخدمات المهنية، انخفض عدد المُوَظَّفِينَ اللَّذِينَ يغادرون الشركات من تلقاء أَنْفُسَهُمْ إِلَى أدنى مستوياته التاريخية، حَيْتُ تحولت مجموعات التكنولوجيا والبنوك الاستثمارية وغيرها من الوجهات من طور التوظيف إِلَى طور التسريح.

ويئس رؤساء شركات الاستشارات والمحاسبة من زيادة مَا يسمونه بـ«التسريح».

وَفِي شركة ماكينزي، خِلَالَ الأسابيع الأخيرة، اتخذ هَذَا أشكالاً متنوعة، حَيْتُ عرض عَلَى المُوَظَّفِينَ من المُسْتَوَى المتوسط حوافز مالية للمغادرة: راتب 9 أشهر بَيْنَمَا يبحثون عَنْ وظيفة أُخْرَى، وَتَمَّ تسريح آخرين ببساطة؛ إِذْ تمَّ إلغاء مَا يصل إِلَى 400 وظيفة هَذَا الشهر فِي مجالات تخصصية، مثل هندسة البيانات والبرمجيات.

وَأَشَارَ بوب ستيرنفيلز، الشريك الإداري العالمي لشركة ماكينزي، إِلَى أَنَّ الشركة «ستعود إِلَى توازنها» بحلول نهاية هَذَا العام، وِفْقًاً لأشخاص مقربين مِنْهُ، مَا يَعْنِي أن المغادرين طواعية والمطالبين بالرحيل سيصل عددهم إِلَى أعداد كبيرة.

وَقَالَ أحد الأشخاص إن نسبة مستشاري شركة ماكينزي اللَّذِينَ يغادرون فِي السنة العادية تبلغ نَحْوَ 20 فِي المئة، لكنها انخفضت إِلَى 15 فِي المئة فِي عام 2023.

وَلَا يمكن أن يعود الوضع إِلَى طبيعته فِي وقت قريب بِمَا فِيهِ الكفاية بِالنِسْبَةِ لكبار الشركاء اللَّذِينَ تأثرت أرباحهم بِسَبَبِ تكلفة رواتب كل هَؤُلَاءِ المُوَظَّفِينَ غير المرغوب فيهم.

وَقَالَ شريك سابق فِي ماكينزي لَا يزال عَلَى علاقة وثيقة بالشركة: «لَقَدْ أوقفنا مبدأ الجدارة بطريقة مَا، لَقَدْ توقفنا عَنْ دفع الناس للرحيل وأصبح لدينا عدد هائل من المُوَظَّفِينَ الزائدين، عِنْدَمَا يحدث ذَلِكَ، تصبح الأرقام سيئة للغاية، ألم ننصح الشركات حيال هَذَا الأمر؟».

إن الانخفاض الحاد فِي التسريح هُوَ ظاهرة تحدث فِي شركات الخدمات المهنية وَفِي جميع أنحاء العالم، مَا يزيد تأثير التباطؤ الناجم عَنْ الطفرة الَّتِي أعقبت الوباء فِي الأعمال الاستشارية المتعلقة بالخدمات الرقمية وعمليات الاندماج والاستحواذ.

وتنشر شركة ديلويت معدل دوران المُوَظَّفِينَ فِي تقريرها السنوي، الَّذِي أظهر العام الماضي أن حالات المغادرة كَانَت عِنْدَ أدنى مستوياتها خِلَالَ عقد من الزمان عَلَى الصعيدين العالمي والإقليمي وَفِي الأمريكتين.

وَأَشَارَتْ شركة كيه بي إم جي إِلَى «مشاكل فِي القدرات ناجمة عَنْ استمرار انخفاض معدل تسرب المُوَظَّفِينَ، الَّذِي هُوَ الآن عِنْدَ أدنى مُسْتَوَى تاريخي»، وَذَلِكَ عِنْدَ قيامها بتسريح موظفين من وحدة التدقيق التابعة لَهَا فِي الولايات المتحدة بشهر مارس، كَمَا استشهدت شركة باين أيضًاً بانخفاض مُسْتَوَى التسرب الوظيفي عِنْدَمَا عرضت عَلَى بعض الاستشاريين فِي لندن الاستغناء عَنْ وظائفهم مقابل راتب 6 أشهر أَوْ إجازة مؤقتة مدفوعة جُزْئِيًاً أَوْ خيار الانتقال إِلَى أحد مكاتب الشركة فِي الخارج.

ولجأت معظم شركات المحاسبة والاستشارات إِلَى تسريح المُوَظَّفِينَ، ودفعت أعداداً أكبر للخروج مِنْ خِلَالِ عملية مراجعة الأداء، أَوْ ابتكرت مخططات اختيارية لتشجيع الناس عَلَى المغادرة، وعادة مَا يكون ذَلِكَ مزيجاً من الثلاثة مَعًاً، ويبدو أن بعض الشركات قَد تصرفت بِشَكْل أسرع وأكثر قوة من غيرها.

وَعَلَى النقيض من الانخفاض الحاد فِي شركة ماكينزي، كَانَ معدل التسريح فِي شركة بوسطن كونسلتنغ غروب المنافسة العام الماضي، متوافقاً مَعَ المعدل المتوسط عَلَى مَدَى 12 عاماً، وِفْقًاً لأشخاص عَلَى دراية بالإحصاءات الَّتِي يتم تداولها داخلياً، لكن هَذَا تحقق مِنْ خِلَالِ تحول ملحوظ.

وَفِي السنوات الـ8 الممتدة من 2012 إِلَى 2020، شكل التسريح الطوعي نصف إجمالي تخفيضات الوظائف فِي بوسطن كونسلتنغ غروب، بَيْنَمَا فِي عام 2023 لَمْ يكن سوى الثلث، بعبارة أُخْرَى، تمَّ إخطار ثلثي المغادرين بالرحيل.

وَقَالَ ريتش ليسر، الرئيس العالمي لمجموعة بوسطن كونسلتينغ غروب: «نحن نوظف أشخاصاً استثنائيين مَعَ وعد بالنمو الشخصي الهائل وفرص تطور كبيرة وثقافة أمينة للغاية فِي التغذية الرجعية». «إِذَا كَانَ هَذَا مَا تقدمه، فعليك حينئذ أن تسعى لِتَحْقِيقِ الاتساق فِي الترقيات والتسريح، وَهُوَ مَا عملنا جاهدين لتحقيقه عَلَى مدار سنوات عديدة، وأقر بـ«التأثير العاطفي» للتحول من التسريح الاختياري إِلَى الإلزامي».

وأردف: «كَانَت سوق العمل للمواهب من النوعية الَّتِي يمكنها العمل فِي شركة بوسطن كونسلتنغ جروب قوية جداً فِي عامي 2021 و2022، لكن الأمر كَانَ أقل بكثير فِي عام 2023، لذلك بِالنِسْبَةِ لأي شخص يغادر، لَمْ يكن الأمر سهلاً».

يشكل التراجع فِي عمليات المغادرة الطوعية تحدياً لنموذج «الصعود أَوْ الخروج» التقليدي لشركات الخدمات المهنية.

وتعني قلة الخارجين انخفاض عدد الصاعدين أيضًاً، وَهِيَ ظاهرة تشير إِلَيْهَا بيانات من جميع أنحاء القطاع.

ولاحظت شركة لايف داتا تكنولوجيز، الَّتِي تتبع المسميات الوظيفية لملايين المُوَظَّفِينَ الإداريين، عَدَدًاً أقل بكثير من الترقيات فِي عام 2023 مقارنة بالعام السابق فِي شركات الاستشارات والمحاسبة.

فِي كل من شركتي باين وبوسطن كونسلتنغ جروب، انخفضت نسبة المُوَظَّفِينَ اللَّذِينَ يترقون إِلَى مستويات وظيفية أعلى إِلَى مستويات مَا قبل الوباء، وَفِي شركة ماكينزي كَانَ الأمر عِنْدَ أدنى مستوياته خِلَالَ 10 سنوات.

وَقَالَ نعمان ميان، المدير التنفيذي للعمليات فِي شركة مانغمنت كونسلتد الَّتِي تُدرب الطلاب عَلَى اجتياز عملية التوظيف فِي الشركات الاستشارية: «لَقَدْ زادت صعوبة الحصول عَلَى ترقية».

أصبحت مراجعات الأداء أكثر صرامة، ويذهب المزيد من العمل إِلَى أصحاب الأداء الأَعْلَى، فِي حين يقضي أصحاب الأداء المنخفض والمتوسط وقتاً أطول «عَلَى دكة البدلاء» (من دون مشاريع للعمل عَلَيْهَا)، مَا يَعْنِي أَنَّهُمْ لَا يحصلون عَلَى خبرة داخلية وَلَا يتعلمون.

وَتُشِيرُ الدراسات الاستقصائية إِلَى تحسن النمو فِي قطاع الاستشارات هَذَا العام، فِي حين أن هَذَا لَا يمثل عودة كاملة إِلَى السوق الصاعدة سابقاً فِي الخدمات المهنية، «فقد دَخَلَت العديد من الشركات عام 2024 بثقة أكبر فِي إمكانية تحقيق أهداف الإيرادات، والآن تتقبل معظمها أن سنوات الذروة فِي 2020-2022 كَانَت حالات شاذة وليست الوضع الطبيعي الجديد»، كَمَا كتب آدم براغر، الشريك الرئيس لقسم الخدمات المهنية فِي شركة التوظيف كورن فيري، فِي تقرير حديث.

وَقَالَ ميان: قَد يستغرق الأمر حَتَّى عام 2025 حَتَّى تعود عمليات التوظيف والفصل والترقيات إِلَى أنماطها الَّتِي كَانَت سائدة قبل الوباء. وَأَضَافَ: «يُمْكِنُنَا رؤية الضوء فِي نهاية النفق، لكننا لَمْ نخرج مِنْهُ بعد».

عَنْ الموقع

ان www.zoom32.com مِنَصَّة مُسْتَقِلَّة شاملة وحديثة تواكب كل مواضيع المالية والاقتصادية وَكَذَا اعلانات الوظائف,وَتَضَمَّنَ كذلك مجموعة من الخدمات والوسائل التعليمية الادارية الَّتِي تبسط وتشرح الأشياء الَّتِي يحتاجها الباحث عَنْ فرص الاستثمار سَوَاء كَانَت فِي ارض الواقع او عبر الانترنت ، وَتَجْدُرُ الاشارة إِلَى ان هَذِهِ المنصة لَا تمت باي صلة لِاي مؤسسة مالية.
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *