تجدد إشكالية “الكاش” في عيد الأضحى يستنفر الفاعلين الاقتصادين المغاربة

مِنْ بَيْنِ كل المناسبات الدينية والاجتماعية الَّتِي يحتفي بِهَا المغاربة، يظل الرواج الَّذِي يسبق فترة عيد الأضحى (العيد الكْبير)، المرتقب حلوله منتصف يونيو المقبل، موسومًا بكثرة تداول التعاملات النقدية الَّتِي تتميز بكونها تجرى-عادة- بَعِيدًاً عَنْ أعين مؤسسات “الرقابة البنكية”؛ وَهُوَ مَا ينذر بـ”تفاقم أزمة الكاش” ويستنفر أكثر فاعلي المنظومة الاقتصادية الوَطَنِية.

وَلَمْ يعُد خافياً بَيْنَ متابعي الشأن الاقتصادي والنقدي بالمغرب ارتفاع ملحوظ يحققه رقم معاملات عيد الأضحى كمناسبة رواج نقدي واقتصادي، قارب فِي السنوات الأخيرة حوالي 13 مليار درهم، وَهُوَ رقم يظل مرتفعاً نسبياً مقارنة بِالسَّنَوَاتِ الماضية. ويعزى ذَلِكَ إِلَى تزايُد الطلب عَلَى النقد والسيولة البنكية بِشَكْل کَبِير خِلَالَ فترات الأعياد والمناسبات الاستهلاكية المختلفة بَعْدَ أَنْ يُقبل المواطنون، خاصة من زبناء الأبناك، بكثافة عَلَى سحب أموالهم من حساباتهم بهدف تمويل مشترياتهم نقداً.

“مرصد ظروف معيشة السكان” التابع للمندوبية السامية للتخطيط كَانَ قَد حدَّد فِي مذكرة تحليلية، صدرت خِلَالَ فترة عيد الأضحى الماضي (2023/ 1444هـ)، بِأَنَّ “حجم نفقات الأسر المغربية بمناسبة عيد الأضحى بلغت 15,4 مليار درهم”، فِيمَا يمكن أن تصل إِلَى 18 مليار درهم باحتساب نفقات أُخْرَى متعلقة بِهَذِهِ المناسبة.

وَأَثَارَتْ الإحصائيات النقدية الصادرة عَنْ بنك المَغْرِب المركزي بِرَسْمِ فبراير 2024، الَّتِي أقّرت بارتفاع قيمة رواج “الكاش” إِلَى 394.8 مليار درهم (بِزِيَادَةٍ نسبتها 10.2 فِي المِئَةِ مقارنة بالفترة ذاتها مِنَ السَّنَةِ الماضية، وبقيمة بلغت 36.5 مليار درهم)، “قلقاً” فِي أوساط خبراء مجلس البنك المركزي، فِيمَا كشف والي البنك أن البنك “ينكبُّ عَلَى دراسة بحثية عميقة لِفَهْمِ أسباب هَذِهِ الظاهرة الاقتصادية الشاغلة للبال” فِي ظل تعدد عواملها.

“أزمة ثقة تتعمق”؟

تعليقاً عَلَى الموضوع، أَكَّدَ يوسف كراوي الفيلالي، رَئِيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، أن “تراجُع الثقة فِي المؤسسات البنكية يرتبط بِعَدَدٍ من العوامل، أبرزها، أولا، مَا طال بعض الزبناء من آثار القرصنة المعلوماتية والرقمية لعمليات بنكية فِي حساباتهم”، مِمَّا جعلهم ينفرون من إيداع أموالهم بِهَا أَوْ إغلاق حساباتهم مَعَ تفضيل التَعَامُل بالكاش”.

وذكر الخبير الاقتصادي ذاته، فِي تصريح لموقع متمدرس، “بتداعيات ركود تضخمي مَا زلنا نعيشه، مِمَّا يَعْنِي ضغطا كَبِيرًا عَلَى ميزانيات الأسر وَعَلَى مصاريفها، وَالبِتَّالِي تُفضل اللجوء إِلَى خيار الادّخار المالي فِي المنزل عوض أن تفتح الحساب للتوفير. وَلِهَذا نلاحظ إجمالا تراجعا حَتَّى فِي عدد الحسابات البنكية أَوْ ارتفاع وتيرة إغلاقها”.

فِي السياق ذاته، دَعَا كراوي الفيلالي إِلَى “لزوم تَوْفِير منتوجات بنكية سَلِسة قليلة الأعباء والمصاريف، الَّتِي يستطيع الزبون تحمّلَهَا خِلَالَ كل ثلاثة أشهر مِنْ خِلَالِ عَدَدُُ مِنَ الاقتطاعات، خاصة فِي العالم القروي حَيْتُ فضّل عَدَدُُ مِنَ المواطنين سحب نقودهم وإغلاق حساباتهم عوض أن تظل مفتوحة بِكُلِّ الصوائر والزيادات عَنْ المتأخرات؛ وهذا سيئ للاقتصاد الوطني لِأَنَّ الانفتاح عَلَى الرقمنة أساسي لحركيّة الاقتصاد ورَواجه، مَعَ تعزيز الشفافية والمحاسبة بخصوص جميع المبادلات التجارية”.

“التحسيس والتوعية”

بمناسبة عيد الأضحى، أَفَادَ المحلل الاقتصادي نفسه أن “أغلب المعاملات تكون بالنقود، وهذا منطقي جدا لِأَنَّ أغلب الفلاحين و”الكسّابة” لَا يتعاملون إلَّا عبر أوراق نقدية، مِمَّا يرفع وتيرة تداولها تزامناً مَعَ حلول فترة العيد، خاصة فِي أوساط الفلاحين الصغار والمتوسطين بالقرى”، داعياً إِلَى استباق العيد المقبل بـ”تحسيس وتوعية المواطنين عبر قوافل متنقلة مِنْ طَرَفِ بنك المَغْرِب، الَّذِي يشرف عَلَى الأبناك التجارية، الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهَا بذل مجهود لتحسيس الساكنة القروية وتقريب وتبسيط الخدمات”.

كَمَا أثار رَئِيس المركز البحثي نفسه أهمية “دور المديرية العامة للضرائب عبر مصالحها الجهوية والإقليمية، الَّتِي تتحمل جزءا من مهام التحسيس والتوعية عَلَى الثقافة المالية الرقمية”، إِذْ يَجِبُ “توعية صغار الفلاحين بِضَرُورَةِ التوفر عَلَى حساب بنكي ودمقرطة الوُلُوج إِلَى التَعَامُل البنكي لأنه أساس إنهاء تخوّف مرتبط بالضرائب”، معتبرا أن “رقمنة المعاملات المالية فِي العالم القروي كي تمر عبر الأبناك التجارية هِيَ تحد کَبِير يتطلب تضافر الجهود”.

“ظاهرة متعددة التفسيرات”

عبد الخالق التهامي، أستاذ جامعي وباحث أكاديمي فِي علوم الاقتصاد، سار فِي الاتجاه ذاته، مؤكدا أن “كثرة الحديث والاهتمام بظاهرة “الكاش” وتداوله المقلق فِي السياق المغربي يَجِبُ أن تَتِمُّ باستحضار بعض التقاليد والعادات المجتمعية الَّتِي لَا تَزَالُ سارية بَيْنَ المغاربة، خاصة فِي القرى والتجمعات السكانية المتوسطة”، مذكراً بِأَنَّ “نسبة كبيرة من ساكنة هَذِهِ التجمعات مَا زَالَتْ واقعة فِي براثن الأمّية”.

ولفت التهامي، فِي إفادات لموقع متمدرس، إِلَى أَنَّ “العالم القروي بالمملكة معروف بانتشار الأسواق الأسبوعية لبيع الأضاحي وغيرها من المنتجات الاستهلاكية الَّتِي تستلزم التَعَامُل بالنقود العينية وَلَيْسَ عبر أي وسيلة أُخْرَى”، ضاربا المثال بـ”كسابّي المواشي اللَّذِينَ مَا زالوا يثقون فِي طرق التَعَامُل التقليدية، وهذا عامل مفسر وجب العمل عَلَيْهِ عميقا من حَيْتُ الدراسات والأبحاث”.

ووصف أستاذ الاقتصاد أن “التَعَامُل بالنقود ظاهرة مجتمعية عميقة ومتجذرة فِي العالم القروي، تتقاسمها مُفسرات متعددة المجالات وجب العمل عَلَيْهَا بِشَكْل أعمق، وَهُوَ مَا أعلن عَنْهُ بنك المَغْرِب مؤخرا بحكم أَنَّهَا تشغل باله”. وتابع قائلا: “وجب تعميق البحث الاجتماعي الَّذِي يتعدى المشاهدة الإحصائية المحضة أَوْ التحليل الاقتصادي البسيط”.

كَمَا لفت الانتباه إِلَى أَنَّ “فترة عيد الأضحى تتزامن مَعَ كثرة النفقات غير المهيكلة، الَّتِي تكون بِشَكْل طارئ فِي الغالب”، مبرزا أن “توالي وتداخل الأزمات الصحية والاقتصادية جعلت المغاربة يُقَدّرون أكثر قيمة الاحتياط والادخار المالي فِي بيوتهم وَلَيْسَ إيداع أموالهم فِي حسابات بنكية”.

عَنْ الموقع

ان www.zoom32.com مِنَصَّة مُسْتَقِلَّة شاملة وحديثة تواكب كل مواضيع المالية والاقتصادية وَكَذَا اعلانات الوظائف,وَتَضَمَّنَ كذلك مجموعة من الخدمات والوسائل التعليمية الادارية الَّتِي تبسط وتشرح الأشياء الَّتِي يحتاجها الباحث عَنْ فرص الاستثمار سَوَاء كَانَت فِي ارض الواقع او عبر الانترنت ، وَتَجْدُرُ الاشارة إِلَى ان هَذِهِ المنصة لَا تمت باي صلة لِاي مؤسسة مالية.
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *