الوضع / الدرس ( 18)/ الاخبار والانشاء الدرس (2)

الموضوع: الوضع / الدرس ( 18)/ الاخبار والانشاء الدرس (2)

وصل كلامنا إِلَى بحث الاخبار والانشاء وان الكلام فِي الانشاء فِي مقامين :

الأول : فِي المعنى المستعمل فِيهِ الانشاء .

الثاني : مراحل الانشاء ، وَمِنْ ضمن مراحله مَا تتطرق إِلَيْهِ ربما بعض من أَنَّ كُلَّ اخبار فِيهِ انشاء وَكُل انشاء فِيهِ اخبار .

هل الانشاء والاخبار معنى واحد ـ كَمَا يذكر صاحب الكفاية ـ من أن الداعي فِي لإخبار الحكاية ، والداعي فِي الانشاء الايجاد ، وَرُبَّمَا سجل البعض إعتراض عَلَى صاحب الكفاية أَنَّهُ لَمْ يأخذ فِي إتحاد المعنى المستعمل فِيهِ يَجِبُ أن يكون بغض النظر عَنْ آثار الاستعمال ، باعتبار ان المعنى المستعمل فِيهِ كي نميزه المفروض أن يذكر لَهُ تمايز فِي الطرفين ـ الانشاء والاخبار ـ بغض النظر عَنْ الاثار المترتبة عَلَيْهِ بَيْنَمَا صاحب الكفاية أخذ الاثار المترتبة عَلَى الطرفين .

طبعا قبل كلام صاحب الكفاية نقلنا كلام مشهور اللغويين والاصوليين القدماء أن الانشاء هُوَ اما نسبة (طلبية) والادق يعبرون نسبة باعثية كالأمر أَوْ نسبة ( بعثية ) وتحريك ، أَوْ نسبة (زجرية) إِذَا كَانَ امر ونهي واما إِذَا كَانَ مثل البيع فنسبة ( ايجادية ) وهذا التعريف من المشهور متين ودقيق ، فِي مقابل هذين القولين قول تبناه السيد الخوئي أن المعنى الاستعمالي فِي الانشاء هُوَ تعهد بالمعنى فِي أُفُقِ النفس باعتبار انه يعتبر أن افق النفس فِي الانشاء أول مراحل الانشاء فِي الانشاء وإن كَانَ كلام السيد الخوئي & فِي الفقه قَد يختلف عَنْ كلامه فِي الأصول فهو هُنَا فِي الأصول يذكر أَنَّهُ فِي أول مراحل الانشاء وَهِيَ المرحلة الاستعمالية لَا نَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى الاعتبار الفرضي ، نطلق عَلَيْهِ أَنَّهُ هُوَ هَذَا عالم الانشاء ، ومقصوده عَلَى مرحلة الاستعمال ، وإن كَانَ يسلم فِي كلماته ـ ها هُنَا لَا فِي كل كلماته ـ أن الانشاء إعتبار والتزام نفساني فَقَطْ ويذكر هَذَا المبنى فِي الفقه دائما ، فالشارع بلحاظ الرسل والانبياء والاوصياء إعتبارهم النفساني هُوَ هَذَا انشاء ، فَلَا يحتاج إِلَى عالم اعتباري فرضي وهذا معروف عَنْ السيد الخوئي والمحقق الشيخ علي النهاوندي أيضًا وَلَكِن هُنَا بعض كلمات السيد فِي المبحث الاصولي يظهر مِنْهُ أَنَّهُ فِي مقام الاستعمال لَا نَحْتَاجُ إِلَى الاعتبار الفرضي أَمَّا فِي الانشاء العرفي والعقلائي فهناك عالم فرضي أي انه وراء الاستعمال كمرحلة أولى فِي الانشاء يترتب عَلَيْهِ وجود إعتباري فرضي ، [[1]
] وان كَانَ هَذَا الكلام فِي موارد عديدة من الأبواب الفقهية يكرر المعروف من مبناه ، وَلَكِن هُنَا كلامه شيء آخر شيئا مَا ، يقول نعم فِي مرحلة الاستعمال لَا نَحْتَاجُ إِلَى دعوى عالم فرضي اعتباري نسميه ( عالم الاعتبار ) هُوَ الاعتبار النفساني فِي أُفُقِ النفس والوجود الذهني للأنسان كافي فِي كونه عالم انشاء ، نقول هَذَا بلحاظ المعنى الاستعمالي فِي قبال الانشاء العرفي والعقلائي ، فذلك الانشاء العرفي أوالعقلائي وَرُبَّمَا يلحق بِهِ الشرعي يترتب عَلَى الاستعمال أي كأنما يقبل فِي باب المعاملات بِحَسَبِ الوجود العرفي هِيَ عالم اعتباري وراء الاعتبار النفساني لِكُلِّ فرد فرد ( عالم فرضي توافقي )

وأيا مَا كَانَ فيصر السيد الخوئي ان المعنى الاستعمالي للأنشاء هُوَ إعتبار نفساني مثلا للبيع أَوْ للأمر او الوجوب او للحرمة أَوْ النهي ، فيكون الوضع فِي الجمل الانشائي دال ومبرز هَذَا الاعتبار النفساني .

فهنا السيد الخوئي يقول أن الابراز لَهُ دور وهذا من المؤخذات عَلَى مبناه فِي الانشاء فانه :

أولا : كَيْفَ يكون العقلائي العرفي غير المعنى الاستعمالي .

ثانيا : لِمَاذَا تشترط الابراز إذن جعل الابراز سبباً فعدما لَا يقول المتكلم بعت اشتريت او أمرت ونهيت لَا يتحقق الانشاء إذن الابراز هَذَا مأخوذ فِي الانشاء ، واذا لَمْ يكون مأخوذا فالأنشاء إذن هُوَ ليس صرف الاعتبار النفساني ومأخوذ فِي الانشاء سببية وتسبيب وأيجاد وانشاء وسبب ومسبب وَهُوَ الَّذِي ذهب إِلَيْهِ المشهور ، وهذا تدافع فِي مبنى السيد الخوئي ، وكثير من تلامذة السيد الخوئي أَوْ من جاء بعده سجل هَذَا مؤاخذة عَلَى السيد الخوئي .

مثلا فِي الجملة الخبرية أخبر المخبر او لَمْ يخبر فالمخبَر موجود ، وَلَيْسَ الحال كذلك فِي الانشاء فالاعتبار النفساني ليس هُوَ الانشاء سَوَاء أبرزه ام لَا وبناءاً عَلَى ذَلِكَ كأنما التكلم لَا موضوعية لَهُ ، والحال ان التكلم آلية لأيجاد وتحقق الانشاء فله موضوعية .

بَيْنَمَا عَلَى تَعْرِيف المشهور فالانشاء استعمال اللفظ فِي المعنى ليوجد ، فنفس الاستعمال فِيهِ عملية إيجاد حَيْتُ عرفوا الانشاء بانه استعمال اللفظ فِي المعنى وهذا الاستعمال ـ أي دلالة اللفظ فِي المعنى ـ هَذِهِ هِيَ بنفسها عملية ايجادية من اللفظ والمعنى ، للمعنى فِي عالم فرضي اعتباري غير عالم النفس لِأَنَّ العقلاء بالتالي عندهم التحاكم والتداين والالتزامات تدور مدار التكلم كآلة للإنشاء ـ نعم قَد يُستعاض عَنْهُ فِي الاخرس بالإشارة وهذا بحث آخر فَلَا بد من آلية ولها موضوعية ، وليست صرف حكاية محضة ـ اذن عِنْدَ المشهور هَذَا فارق جوهري بَيْنَ الانشاء والاخبار ، فالتكلم فِي الانشاء ايجادي ، وَفِي الاخبار حكائي

وصاحب الكفاية لَا يتخطى هَذَا لكن ربما يركز عَلَى الجهة المشتركة بَيْنَ الاخبار والانشاء وان كَانَ هَذِهِ الجهة المشركة بغض النظر عَنْ المادة لأنه مرَّ بنا ان مادة ( باء وياء وعين ) فِي الاخبار والانشاء واحدة وَلَكِن لَهَا معنى أسمي لَا ربط لَهُ لَا بالإخبار وَلَا بالإنشاء ، فالمادة ـ مثلا (ضرب) ( ضاد ، وراء ، وباء ) ( فإضرب ) أَوْ ( لَا تضرب ) أَوْ ( ضرب زيدٌ عمراً ) ـ ليست إخبار والانشاء ، والاخبار والانشاء لَا صلة لَهُ بالمادة بَلْ هِيَ ماهية قَد تستخدم بنحو الانشاء وَقَد تستخدم بنحو الاخبار وَلَكِن الفرق بَيْنَ الانشاء والاخبار فِي الهيئة أَوْ آلية الانشاء أَوْ آلية الاخبار والتركيز عَلَى هَذَا أي مَا هُوَ الفرق فِي المعنى الاستعمالي .

وَعَلَى أية حال مَا ذكره المشهور فِي لفظ الانشاء الَّذِي هُوَ ليس ( باء ، وياء ، وعين ) بَلْ هُوَ الهيئة سَوَاء هيئة جملة أَوْ مفردة مثل صيغة الامر أَوْ صيغة النهي او مادة الامر نعم مادة الامر مادة إنشائية إِذَا كَانَ بصدد الامر او النهي كمادة انشائية وَعَلَى أية حال فالكلام ليس فِي المادة بَلْ فِي الهيئة أي الية الانشاء والاخبار فالفرق الجوهري كَمَا ذكر المشهور القدماء هُوَ الصحيح أي انه فِي الاخبار بداعي الحكاية وَفِي الانشاء هِيَ آلية للإيجاد ، هَذَا عَلَى صعيد المعنى الاستعمالي أَوْ الوضعي ، أَنَّهُ فِي المعنى الوضعي او الاستعمالي ان الانشاء لفظة أَوْ هيئة وضعت لكي تسبب تسبيباً إعتباريا لأيجاد المعنى ، وَفِي الاخبار وضع لِهَيْئَةِ حاكية عَنْ وجود المادة اللفظية ( بيع ، أَوْ ضاد وراء وباء ) وهلم جرا .

ولذلك سيأتي بحث مركز عِنْدَ الأصوليين مِنْهُمْ حَتَّى السيد الخوئي والاخوند مَا هُوَ معنى صيغة الامر او مادته ومادة النهي وصيغته وكلامهم ليس فِي المادة بمعنى ( ضاد ، وراء ، وباء ) ( صاد ، ولام ، وياء ) أي صلي وانما فِي كلامهم فِي هيئة الانشاء سَوَاء باعثة محركة او زاجرة طبعا فِيمَا إِذَا كَانَ أمر ونهي وإلا فالكلام فِي بقية الانشائيات فِي المعاملات .

فالصحيح عَلَى صعيد الاستعمال هُنَاكَ فارق جوهري بَيْنَ الانشاء والاخبار .

ننتقل إجمالا إِلَى المقام الثاني الَّذِي هُوَ مراحل الانشاء :

والكلام فِيهَا هُوَ الكلام فتارة نتكلم عَنْ مراحل الانشاء فِي الامر والنهي أَوْ قل فِي مراحل الحكم التكليفي ، وتارة يُتكلَّم فِي مراحله فِي الحكم الوضعي كالمعاملات فمراحل الانشاء لَا تقتصر عَلَى الحكم التكليفي بَلْ تعم الوضعي أيضًا ، وَقَد لخصت كثير من مباحث الاستعمال وكثير من المباحث الَّتِي ستأتي ألخص لباب جامع من إيجابيات النظريات وأُعرض عَنْ كثير من الإشكالات ( إن قلتَ ، قلتُ ) .

جملة من الاعلام فِي كلامهم يتناسون مراحل الانشاء فِي الحكم الوضعي والحال أَنَّهُ مهم وَالَّذِي تسمعونه من مراحل غَالِبًا مقصود الأصوليين مِنْهُ مباحث الحكم التكليفي أي الامر والنهي ، وأيضاً مراحل الحكم الوضعي لَا يقتصر عَلَى المعاملات والايقاعات فمثلا كثير من الاحكام الوضعية ( كالطهارة والنجاسة ) أحكام لَا صلة لَهَا بالمعاملات وَلَا بالإيقاعات وَلَكِن لَهَا سبب ومسبب ، وموضوع وحكم فَلَا يختص البحث فِي النوع الثاني من الحكم الوضعي عَلَى المعاملات وَلَا الايقاعات وَيَشْمَلُ حَتَّى حكم القضاء فمتى حكم القاضي يكون إنشائي ومتى يكون فعلي منجّز فلحكم القاضي بُعْد وضعي وَهُوَ مهم وهذه المراحل فِي الانشاء فِي الحكم التكليفي والوضعي هِيَ شريان دموي رئيسي فِي علم الأصول والفقه فكثير أحكام فِي الأبواب تتأثر بيقظة الفقيه والمجتهد لمراحل الحكم وكثير من الكبار والاكابر والروّاد حَتَّى كالنائيني الَّذِي هُوَ ابن بجدتها حصلت لَهُ غفلات خالف فِيهَا مشهور القدماء وجرت إِلَى مخالفات للمشهور كثيرة بِسَبَبِ بحث مراحل الحكم وَحَتَّى طلبته اللَّذِينَ وافقوه كالسيد الخوئي مثلا خالفوا المشهور فِي كثير من الاحكام بِسَبَبِ مغايرة مبناهم فِي مراحل الحكم عَنْ مبنى المشهور .

وهذا البحث فِي المقام الثاني أي مراحل الانشاء والاخبار ، من مباحث أصول القانون بَلْ حَتَّى المقام الأول من أصول القانون ، أي مَا هُوَ دور التكلم ويعبرون عَنْهُ ( الإرادة المبرزَة ) فِي قبال الإرادة النفسانية أَوْ الاعتبار النفساني ( الارادة الباطنة ) .

وَمِنْ باب المثال ان السيد الخوئي يفتي انه إِذَا تعاملت مَعَ البنك واشترط عليك الربا فأصل القرض صحيح وضعا وتكليفا وأما شرط الزيادة الَّذِي قبلت بِهِ للتتم المعاملة وَلَكِن إنشاء الربا من المديون والدائم محرم بحرمة كبيرة (كذا زنية بذات محرم فِي بطن لكعبة ) وكيف يُتخلَص من تِلْكَ الحرمة ؟

السيد الخوئي يُفرِّق بَيْنَ الإرادة الباطنة والإرادة المبرزَة ، فَفِي الإرادة الباطنة تقول أنا لَا ألتزم بالشرط الربوي والتزم بتسديد أصل القرض فتغايرت الإرادة الباطنة مَعَ الظاهرة الَّتِي قبلت فِيهَا بالشرط .

والمعروف أَنَّهُ عقلائياً يدورون مدار الإرادة المبرزة لكن الإرادة الباطنة لَا يمكن إغفالها فَإِنَّهُ إِذَا أراد أن يشتري شخص من شخص وَكَانَ المشتري حيّال أَوْ مبيع مهم أَوْ غير مهم فكان بناء المشتري سرقة المبيع ويتظاهر للبائع أَنَّهُ يشتري المبيع فيقول اشتريت والبائع يقول بعت ويَدفع إِلَيْهِ المبيع والثمن مؤجلا ، فهنا من الأصل لَمْ يتحقق إنشاء البيع لكون قصد المشتري السرقة لَا البيع أَوْ مقترِض ومقرِض وَكَانَ نية المقترض عدم إرجاع القرض فهنا لَا يوجد إنشاء للقرض مَعَ أن الإرادة الظاهرة موجودة وَلَكِن الإرادة الباطنة غير موجودة .

اذن جدلية الإرادة الظاهرية والباطنية سنبحثها فِي الفقه لَا فِي الأصول وانما ارادنا أن نشير إِلَى خطورة مبحث الانشاء وأنه الشريان الدموي فِي المعاملات من يتقنه يتقن ، وَمِنْ لَا يتقنه تندمج عنده الأبحاث كذلك فِي الاحكام التكليفية فِي الأبواب الفقهية طرا إِذَا كَانَ لَا يميز مراحل الانشاء او يتبنى مبنى النائيني والخوئي فيتخالف مَعَ المشهور فِي مباحث عديدة .

فمراحل الانشاء فِي الحكم الوضعي والتكليفي أمر بالغ الخطورة وَالَّذِي يركز عَلَيْهَا يركز وَالَّذِي يغفل عَنْهَا يغفل إِلَى نهاية المطاف أي إِلَى آخر عمره فِي الفقه .

حَتَّى مباحث المقام الأول فِي مبحث الانشاء .

عَنْ الموقع

ان www.zoom32.com مِنَصَّة مُسْتَقِلَّة شاملة وحديثة تواكب كل مواضيع المالية والاقتصادية وَكَذَا اعلانات الوظائف,وَتَضَمَّنَ كذلك مجموعة من الخدمات والوسائل التعليمية الادارية الَّتِي تبسط وتشرح الأشياء الَّتِي يحتاجها الباحث عَنْ فرص الاستثمار سَوَاء كَانَت فِي ارض الواقع او عبر الانترنت ، وَتَجْدُرُ الاشارة إِلَى ان هَذِهِ المنصة لَا تمت باي صلة لِاي مؤسسة مالية.
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *