العراق يريد ضمان أمواله “بالموازنة أو بقرض”

التقصير المادي دفع العراق غير مرّة إِلَى تعليق توريد الفيول. لتبدأ الرحلات السياسية اللبنانية عَلَى مُسْتَوَى رَئِيس الوزراء نجيب ميقاتي ووزير الطاقة وليد فِيّاض ومَن يجد نفسه بأنه “يَمون” عَلَى الجانب العراقي، لتطمين العراق حيال تحويل الأموال. وداخلياً، استنفرَت لجنة الأشغال العامة والطاقة والمياه النيابية لبحث مِلَفّّ الفيول العراقي، ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة. لكن وفق مَا تبيِّنه الوقائع، لَا يَبْدُو أن الحلّ سهل، وبمعنى آخر، الأزمة مستمرة طالما أن التمويل غير موجود، ووجوده يتعلّق بـ”الموازنة أَوْ بقرض”.

العودة إِلَى التقنين
لَمْ تلبث التغذية القليلة الَّتِي تنتجها المعامل أن عادت إِلَى الشبكة، بعد خروج معمل دير عمار عَنْ العمل ليل السبت 6 تموز، حتّى “عمدت مؤسسة كهرباء لبنان، احترازياً، إِلَى توقيف مجموعة إنتاجية فِي معمل الزهراني بعد ذروة ليل يوم أمس الجمعة الواقع فِيهِ 26/07/2024، وَذَلِكَ لإطالة فترة عمل المجموعة الأخرى فِي المعمل. عَلَى أن يعاد وضع تِلْكَ المجموعة فِي الخدمة، عِنْدَ توريد شحنة من مادة الغاز أويل لصالح المؤسسة فِي أَقْرَبِ فرصة”. ذَلِكَ أَنَّهُ “لَمْ يتم حَتَّى تاريخه تخصيص أي شحنة بموجب اتفاقية المبادلة العراقية، ليتم مبادلتها من قبل وِزَارَة الطاقة والمياه – المديرية العامة للنفط، بشحنة من مادة الغاز أويل لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، وَذَلِكَ خِلَالَ شهر تموز أَوْ آب 2024”. وَحَسَبَ بيان المؤسسة، يوم السبت 27 تموز، ستدخل البلاد فِي موجة عتمة جديدة لَنْ تنجو مِنْهَا سوى المرافق الأساسية، إِلَى حِينِ “توريد شحنة من مادة الغاز أويل لصالح المؤسسة فِي أَقْرَبِ فرصة”.

لَا يَبْدُو أن المسألة تسير “بالمَونة”، إِذْ لَمْ تفلح الزيارات السياسية اللبنانية باتجاه العراق فِي إزالة العقبات أَمَامَ مِلَفّ الفيول. والوجه الداخلي للملف، يتمثَّل بفتح النقاش دَاخِل لجنة الأشغال العامة والطاقة والمياه النيابية، الَّتِي بدأت مُنْذُ الإثنين 22 تموز، البحث فِي تفاصيل العقد وآلية سيره، وصولاً إِلَى نقاش كامل مِلَفّ الكهرباء. إِذْ رأى رَئِيس اللجنة سجيع عطية أن موضوع الكهرباء “مشاكله متعدّدة”، وتتراوح بَيْنَ “التعدّي والهدر”. ووصف عطية وضع الكهرباء بأنه “صعب جداً”.
ولضمان توريد الفيول العراقي، جزم عطية “اننا ملتزمون بالدفع لصالح البنك المركزي العراقي”. مؤكّداً أن المبلغ المطلوب لصالح العراق “هُوَ دين عَلَى الدولة اللبنانية. وَلَا أعرف مَدَى قدرة تحمّل الخزينة ومصرف لبنان”. وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ “مصرف لبنان لَا يدفع إلَّا بقانون موقَّع من الهيئة العامة لمجلس النواب”. وسأل عطية “عَلَى أي أساس وقّعت الحكومة العقد وهل هُوَ من ضمن الموازنة؟”.

العقد وآلية تنفيذه مفخّخان
لكن بَيْنَ عودة التغذية إثر اللقاءات السياسية اللبنانية العراقية وموقف لجنة الأشغال والطاقة وعدم حسم وصول شحنات الفيول المطلوبة وقرار كهرباء لبنان توقيف العمل بمجموعة إنتاجية، نتيجة واحدة هِيَ عدم القدرة عَلَى إيجاد حلّ صحيح.
وطالما أن أساسات العقد غير صحيحة، لَنْ تصمد آلية التنفيذ حَتَّى وإن حافظَ الطرفان اللبناني والعراقي عَلَى هيكلية العقد. أي أن استعجال توقيع العقد قبل ضمان وجود التمويل الكافي ثُمَّ تجديده بمرسوم مَعَ العلم بِأَنَّ هَذِهِ الطريقة لَا تحلّ معضلة تسيير الأموال إِلَى الحساب العراقي، يَعْنِي أن العقد وآلية تنفيذه مفخّخان، عَنْ قصد أَوْ غير قصد. وَحَتَّى وإن سلّمِنَّا بحسن النوايا المرافقة للتجديد، لِضَمَانِ تأمين التغذية الكهربائية للمواطنين، إلَّاّ أن المعضلة المالية لَا تُحَلّ بحسن النوايا.
ويكشف فِيّاض فِي هَذَا السياق عَنْ “انكشاف حساب وِزَارَة المالية فِي مصرف لبنان عَلَى 16 مليار دولار. أي أن المالية ليس لديها فِي حسابها أموالاً فعلية لتحويلها إِلَى الحساب العراقي”.
وانطلاقاً من الفجوة المالية، يضيف فِيّاض فِي حديث لـ”المدن”، أن مشكلة العراقيين الأساسية اليوم هِيَ “عدم تحويل أي أموال إِلَى الحساب العراقي مُنْذُ نَحْوَ 4 أشهر. وَمَعَ أن الأموال المفترض تحويلها إِلَى الحساب لَنْ تُسحَب نقداً، إلَّاّ أن العراقيين يريدون التأكّد من وجود أموالهم وإن رقمياً، كحسن نيّة لبنانية تؤكّد الالتزام بالدفع”. وطالما أن المسألة المالية لَمْ تُحسَم، تُضاف مفاعيلها إِلَى المشكلة القانونية المتمثّلة بِعَدَمِ إقرار التجديد بقانون “وهذا مَا ناقشته لجنة الأشغال والطاقة وينتظره مصرف لبنان”.

فوضى واضحة
الغطاء القانوني لَا يقف عِنْدَ إقرار التجديد من تحت قبّة البرلمان، بَلْ ينطوي عَلَى توضيح كيفية تأمين الإيراد المالي لتغطية النفقة الَّتِي سيقرّها مجلس النواب. وهنا يوضح فِيّاض أن “عَلَى الدولة تأمين الكلفة المالية الَّتِي تُغَطّى إما من الموازنة العامة أَوْ بقرض”.
استبعاد فِيّاض لأموال مؤسسة كهرباء لبنان لَنْ يكون لوقت طويل، طالما أَنَّهَا رفعت التعرفة تحت شعار تأمين التوازن المالي، لكنه يوضح أن الاتفاق الداخلي حول الفيول العراقي كَانَ حول “دعم الدولة اتفاقية الفيول، أي تأمينها هِيَ للكلفة وَلَيْسَ كهرباء لبنان الَّتِي ستقوم لَاحِقًاً بتأمين كلفة عقد آخر جرى التحضير لَهُ وأصبح جاهزاً للتنفيذ، وَهُوَ عقد يختلف عَنْ العقد الأساسي، وتُدفَع كلفته بالدولار النقدي وَلَيْسَ بخدمات الدولة. ولذلك، لَدَى مؤسسة كهرباء لبنان اليوم بَيْنَ 70 إِلَى 80 مليون دولار متروكة لتغطية نفقات العقد الجديد. وَلَا تستطيع المؤسسة تغطية نفقات العقد الحالي كي لَا تقع فِي دوامة تغطية أكلاف سابقة، وتعجز عَنْ تغطية أكلاف لاحقة. والعقد الجديد سيؤمِّن ساعات تغذية إضافية مواردها المالية ستأتي من الجباية، وستصل المؤسسة فِي العام 2028 إِلَى حالة لَا تعتمد فِيهَا عَلَى الدولة لِتَأْمِينِ الأموال للفيول”.

أَمَّا الركون سريعاً إِلَى عَدَمِ الاعتماد عَلَى مالية الدولة، فيؤدي بِحَسَبِ فِيّاض إِلَى “رفع إضافي لتعرفة الكهرباء. لأنه فِي الأصل كَانَ من المفترض أن ترتفع التعرفة أكثر مِمَّا هِيَ عَلَيْهِ اليوم، لكن موافقة الدولة عَلَى تأمين قيمة الفيول العراقي، أَدَّى إِلَى تحديد الكلفة الحالية. ولاحقاً حين يتوقّف دعم الدولة سترتفع التعرفة”.
فوضى واضحة يمرّ بِهَا مِلَفّّ الفيول العراقي، من ضمن فوضى عارمة يعيشها قطاع الطاقة مُنْذُ مَا قبل الأزمة الاقتصادية واقتصار تأمين التغذية عَلَى توريد الفيول العراقي. وبحكم الفوضى، ليس من السهل سدّ فجوة تمويل عقد الفيول العراقي، سيّمَا وَأَن المتأخّرات لامست الـ165 مليون دولار لَنْ يتنازل عَنْهَا العراق. وبالتأكيد، الاقتراض ليس حلاًّ وكَذَلِكَ تسجيل الدين فِي الموازنة، فَفِي كلا الحالتين، المال العام هُوَ المستهدف، والمواطن بلا كهرباء.

عَنْ الموقع

ان www.zoom32.com مِنَصَّة مُسْتَقِلَّة شاملة وحديثة تواكب كل مواضيع المالية والاقتصادية وَكَذَا اعلانات الوظائف,وَتَضَمَّنَ كذلك مجموعة من الخدمات والوسائل التعليمية الادارية الَّتِي تبسط وتشرح الأشياء الَّتِي يحتاجها الباحث عَنْ فرص الاستثمار سَوَاء كَانَت فِي ارض الواقع او عبر الانترنت ، وَتَجْدُرُ الاشارة إِلَى ان هَذِهِ المنصة لَا تمت باي صلة لِاي مؤسسة مالية.
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *