اجتماع عربي بالجزائر يكشف.. هذه وصفة الاستقرار المالي والصمود المصرفي – Elayem News

تشهد الجزائر تحولًا اقتصاديًا عميقًا يهدف إِلَى تعزيز نظامها المصرفي وتطوير بنيتها التحتية المالية فِي إِطَارِ إصلاحات شاملة. مِنْ بَيْنِ هَذِهِ الجهود، تحديث القانون النقدي والمصرفي لِتَعْزِيزِ التحول الرقمي وتنويع مصادر التمويل، بِمَا فِي ذَلِكَ التمويل الإسلامي والعملة الرقمية. وتكللت هَذِهِ الإصلاحات بإشادات دولية، خاصة من البنك الدَّوْلِي وصندوق النقد العربي، اللذين أثنيا عَلَى التقدم المحرز فِي مجالات: الاستثمار، تحديث النظام المصرفي، والرقمنة، وَفِي هَذَا السياق، استضافت الجزائر اجتماعًا إقليميًا هامًا للجنة العربية لنظم الدفع والتسوية، بهدف تعزيز التعاون بَيْنَ المصارف المركزية العربية وتبادل الخبرات حول أحدث التطورات فِي نَظَّمَ الدفع والتسوية. وَنَاقَشَ الاجتماع مواضيع محورية مثل: التحوّل الرقمي، الأمن السيبراني، واستخدام الذكاء الاصطناعي فِي الدفع الإِِلِكْترُونِي.

سعت الجزائر فِي الأعوام الأخيرة إِلَى تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة بهدف بناء نموذج اقتصادي منفتح ومتنوع. من أبرز هَذِهِ الإصلاحات التحديث العميق للقانون النقدي والمصرفي الَّذِي يهدف إِلَى دعم التحولات الاقتصادية فِي البلاد. شمل هَذَا القانون تَوْسِيع صلاحيات مجلس النقد والقرض، مِمَّا أتاح اعتماد بنوك تجارية ورقمية جديدة، بالإِضَافَةِ إِلَى إدخال العملة الرقمية، وتعزيز وسائل الدفع الكتابية ومتابعة تنفيذها، وتنويع مصادر التمويل بِمَا فِي ذَلِكَ التمويل الإسلامي.

وَقَد لاقت هَذِهِ الإصلاحات إشادات دولية، حَيْتُ أشاد البنك الدَّوْلِي بالتغيرات الكبيرة فِي قطاعات حيوية مثل الاستثمار وتحديث النظام المصرفي والرقمنة. مِنْ جِهَتِهِ، أَشَارَ صندوق النقد العربي فِي تقريره عَنْ “الاستقرار المالي فِي الدول العربية 2024” إِلَى أَنَّ النظام المصرفي الجزائري ظل متماسكاً وَلَمْ يواجه أزمات مصرفية بفضل الإجراءات الاحترازية الَّتِي اتخذتها السلطات المالية. وَأَكَّدَ التقرير أن الجزائر تولي اهتماماً كَبِيرًاً لِتَطْويرِ القطاع المصرفي بمختلف جوانبه، بِمَا فِي ذَلِكَ إدارة الأزمات ودعم الابتكار واستخدام التقنيات الحديثة.

ووفقاً لاستبيان أجراه صندوق النقد العربي حول الاستقرار المالي، أظهرت الجزائر أَنَّهَا واحدة من 12 دولة عربية وضعت استراتيجيات لدعم التقنيات المالية الحديثة وتعزيز التحول الرقمي كجزء من تطوير نظامها المالي. تَهْدِفُ هَذِهِ الاستراتيجيات إِلَى تسهيل تَقْدِيم الخدمات المصرفية، تحديث التشريعات، وجذب المؤسسات المالية ذات الحلول المبتكرة. كَمَا تسعى الجزائر إِلَى تطوير القطاع المالي غير المصرفي، وتعزيز الشمول المالي مِنْ خِلَالِ التحول الرقمي وتقديم منتجات وخدمات مالية مبتكرة.

وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بالإطار المؤسسي، عدلت الجزائر قانون النقد والقرض عبر إصدار القانون الجديد رقم 23-09، الَّذِي يُعِدّ القطاع المصرفي لعصر جديد. يَتَضَمَّنُ هَذَا القانون تحسين حوكمة بنك الجزائر مِنْ خِلَالِ تنظيم مُدَّة ولاية المحافظ ونوابه. كَمَا تمَّ إنشاء لجنة وطنية لِتَطْويرِ وسائل الدفع وتعزيز التعاملات المصرفية. أُنشئت أيضًاً لجان جديدة مثل لجنة الاستقرار المالي الَّتِي تُعنى بالمراقبة الاحترازية وإدارة الأزمات وتصدر تقارير سنوية عَنْ أنشطتها. يُعتبر إنشاء إطار قانوني للصيرفة الإسلامية واستكشاف إمكانية إصدار العملة الرقمية للبنك المركزي “الدينار الرقمي الجزائري” مِنْ أَهَمِّ المبادرات الحديثة الَّتِي تعكس التوجه الاستراتيجي نَحْوَ التحديث المالي.

مدراء المصارف المركزية العربية يجتمعون بالجزائر

فِي إِطَارِ جهود السلطات الجزائرية الرامية إِلَى تحويل 2024 إِلَى عام يشهد إصلاحًا بنكيًا شاملًا، استضافت الجزائر العاصمة، أمس الاثنين، الاجتماع الدوري الـ29 للجنة العربية لنظم الدفع والتسوية. نَظَّمَ هَذَا الاجتماع بالتعاون بَيْنَ بنك الجزائر وصندوق النقد العربي، وحضره مدراء إدارات نَظَّمَ الدفع والبنية التحتية المالية من المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، بالإِضَافَةِ إِلَى ممثلين عَنْ بنوك مركزية عالمية ومؤسسات مالية إقليمية ودولية. الهدف من هَذَا اللقاء هُوَ تعزيز التعاون بَيْنَ المصارف المركزية العربية وَمُنَاقَشَة سبل تطوير أنظمة الدفع والتسوية فِي المنطقة.

وفقًا لبيان مشترك صادر عَنْ بنك الجزائر وصندوق النقد العربي، يهدف الاجتماع إِلَى دعم تطوير أنظمة الدفع والتسوية فِي الدول العربية وتعزيز التنسيق وتبادل الخبرات بَيْنَ المصارف المركزية. وَنَاقَشَ المشاركون مواضيع متعددة مثل التطورات فِي أنظمة الدفع العالمية، نَظَّمَ المدفوعات الفورية، استخدام البيانات الحيوية لمكافحة الاحتيال فِي أنظمة الدفع، وسلامة أمن الفضاء الإِِلِكْترُونِي. كَمَا تمَّ التطرق إِلَى نماذج أعمال التقنيات المالية الحديثة فِي مجال المدفوعات.

وأعرب المدير العام لصندوق النقد العربي، فهد بن محمد التركي، عَنْ تقديره للتطور المستمر فِي القضايا الَّتِي تناقشها اللجنة وأهميتها فِي تعزيز كفاءة وسلامة المعاملات المالية فِي الدول العربية. كَمَا شدد عَلَى ضرورة التركيز عَلَى تحسين المدفوعات عبر الحدود وكفاءتها، ودعم التشغيل البيني لأنظمة المدفوعات، وتوظيف الذكاء الاصطناعي فِي عمليات التحقق من المدفوعات. وَوَجَّهَ شكره لبنك الجزائر عَلَى استضافة الاجتماع وللمشاركين من المؤسسات الدولية والإقليمية.

مِنْ جِهَتِهِ، رحب محافظ بنك الجزائر، صالح الدين طالب، بانعقاد الاجتماع فِي الجزائر وَأَشَادَ بدور اللجنة فِي تطوير نَظَّمَ الدفع فِي المنطقة العربية. كَمَا أثنى عَلَى صندوق النقد العربي لدوره فِي تَقْدِيم المشورة الفنية لدعم تطوير نَظَّمَ البنية التحتية المالية والمدفوعات.

صمود قوي للنظام البنكي الجزائري

عَلَى صعيد آخر، أَكَّدَ محافظ بنك الجزائر، خِلَالَ مشاركته فِي الدورة العادية الـ48 لمجلس محافظي البنوك المركزية والمؤسسات النقدية العربية الَّتِي عقدت مؤخرًا فِي القاهرة، عَلَى قوة ومتانة النظام البنكي الجزائري. أوضح أن القروض الموجهة للاقتصاد الجزائري شهدت زيادة بنسبة 5.8% فِي عام 2023، حَيْتُ استحوذ القطاع الخاص عَلَى 58% من إجمالي القروض. وَأَشَارَ إِلَى أَنَّ هَذِهِ القروض لَمْ تؤثر سلبًا عَلَى الاستقرار المالي بفضل قوة النظام البنكي.

كَمَا أوضح طالب أن بنك الجزائر حافظ عَلَى استقرار سعر الفائدة لدعم النمو الاقتصادي فِي مواجهة الأزمات المتعاقبة، مشيرًا إِلَى أهمية دور القطاع الخاص، وَخَاصَّةً المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فِي تعزيز التنمية الاقتصادية. وَأَشَادَ بالتقدم الَّذِي أحرزته الجزائر فِي مجال الرقمنة مِنْ خِلَالِ تعزيز البنية التحتية الرقمية وتبني إطار قانوني لمرافقة هَذَا التحول.

فِيمَا يَتَعَلَّقُ بالسياسة النقدية، أَشَارَ محافظ بنك الجزائر إِلَى البراغماتية فِي استخدام أدوات السياسة النقدية لِضَمَانِ عدم إعاقة النمو الاقتصادي، مشددًا عَلَى أن نمو القروض للاقتصاد لَمْ يتأثر بارتفاع أثمنة الفائدة عَلَى المُسْتَوَى الدَّوْلِي. كَمَا نوقشت خِلَالَ الدورة قضايا مثل إدارة السياسة النقدية فِي ظل حالة عدم اليقين، والتأثير المحتمل لزيادة القروض عَلَى الاستقرار المالي، ودور البنوك المركزية فِي مواجهة التغيرات المناخية.

عَنْ الموقع