«إسرائيل»: نهج «النحر الجماعي».. مؤداه «الانتحار الذاتي»!


تَارِيخ النشر :


الأربعاء


11:43 2024-10-9


آخر تعديل :


الخميس


12:02 2024-10-10

https://alrai.com/article/10853013/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/د. اسعد عبد الرحمن

د. اسعد عبد الرحمن

النحر الجماعي، أَوْ الإبادة الجماعية لشعوب أُخْرَى، هُوَ مفهوم معقد ومؤلم يعكس بعض الصراعات الدامية الفادحة الَّتِي يشهدها العالم عَلَى مر التَارِيخ، ويحمل فِي طياته بذور الانتحار بِالنِسْبَةِ للجماعات أَوْ الدول ذات النزعة الدموية الَّتِي تنفذ هَذِهِ الإبادة، سعياً وراء محو جماعة أَوْ شعب آخر من الوجود، (لأسباب متعددة تَتَرَاوَحُ بَيْنَ النزاعات الدينية والعرقية، وبين الطموحات السياسية والاقتصادية..إلخ).

وتبرز قضية «إسرائيل» والفلسطينيين كمثال حي عَلَى هَذَا المفهوم، وَعَلَى أن السياسات الَّتِي تستهدف قمع شعبٍ آخر؛ تحمل فِي طياتها –فِي الغالب- تهديدًا وجوديًا للمجتمع القامع ذاته.

“إسرائيل»، الَّتِي نشأت عَلَى أرض مأهولة بمواطنيها الفلسطينيين، اتبعت، فِي استعمارها، (اقرأ: استيطانها الإحلالي) نهجًا ثابتاً للاستيلاء عَلَى الأراضي وطرد السكان الأصليين. وَكَانَت، وَلَا تَزَالُ تحاول، بِشَكْلٍ منهجي، طرد السكان الأصليين أَوْ إخضاعهم بعديد صنوف السيطرة والهيمنة والإبادة (بالجملة أَوْ بالتقسيط!)، مستخدمة وسائل متنوعة من ضمنها: مختلف أنواع القوة العسكرية والسيطرة عَلَى الاقتصاد والمجال الثقافي..إلخ. وهذه الاخيرة هِيَ أفعال يمكن أن توصف بالإبادة الثقافية، إِذْ أن اعمال الابادة لَمْ تقتصر عَلَى الجانب العسكري، بَلْ امتدت إِلَى م?اولة محو الهوية الفلسطينية والتمسك بروايات (إقرأ: خزعبلات) تاريخية تبرر هَذِهِ المقارفات/الجرائم. وَفِي اعين نخبة من المفكرين والسياسيين والعسكرين الإسرائيليين، فَإِنَّ سياسة الإبادة هَذِهِ تحمل بذور الانتحار الذاتي، لأنها تقوض الكثير من شرعية «إسرائيل» وسمعتها عَلَى المُسْتَوَى الدَّوْلِي، وأدت وتؤدي إِلَى رفض عالمي لسياساتها الَّتِي يُنظر إِلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا غير أخلاقية ومارقة، علاوة عَلَى أَنَّهَا تطلق (عِنْدَ) القوى المستهدفة بالإبادة (طوفانا) من المقاومة المستحقة لحماية نفسها وحقوقها.

وَفِي سعي «إسرائيل» إِلَى تهشيم الوجود الفلسطيني، نجدها تدفع بالمجتمع الإسرائيلي نَحْوَ أتون العزلة؛ سَوَاء مِنْ خِلَالِ فقدان الدعم الدَّوْلِي، أَوْ مِنْ خِلَالِ الصراعات الداخلية بَيْنَ الفئات المختلفة دَاخِل الكيان الصهيوني الَّذِي يعاني من تصدعات كنتيجة حتمية لتداعيات هَذِهِ السياسة العدوانية. إن الاستمرار فِي هَذِهِ السياسات يزيد من العداء والتوتر، ويجعل من «الحلول السلمية» أمراً بعيد المنال، مِمَّا يهدد مستقبل الدولة الاسرائيلية الباغية ويؤذي مستقبل المنطقة برمتها.

عَلَى الجانب الآخر، يمكن استعراض استثناءات حققت فِيهَا سياسات الاستعمار «الاستيطاني» نجاحًا مثلما حدث فِي الولايات المتحدة وكندا وأستراليا. وهذه الاخيرة تمكنت من تنفيذ سياسات الإبادة والتهميش بحق السكان الأصليين، وفرض ثقافتها وقيمها عَلَى تِلْكَ الأراضي. ورغم أن هَذِهِ الدول تعتبر اليوم من أكثر الدول «استقرارًا» و«تقدمًا» فِي العالم، فَإِنَّ هَذَا «النجاح» الَّذِي بني عَلَى تَارِيخ من الظلم المستند إِلَى العنف والإبادة بحق الشعوب الأصلية؛ يظل يحمل فِي طياته إرثًا عنيفاً فِي عنصريته سيعاني مِنْهُ الطغاة أَنْفُسَهُمْ (عَلَى المدى الطويل).

من الواضح أن سياسة النحر الجماعي (إقرأ: الإبادة الجماعية)، ورغم تحقيقها نجاحات تكتيكية قصيرة الأمد؛ إلَّا أَنَّهَا تحمل فِي طياتها تداعيات بعيدة المدى؛ تهدد مستقبل المجتمع الَّذِي يختار هَذَا النهج، فـــ«النحر» يحمل بذور «الانتحار»، ذَلِكَ أن محاولات إبادة شعوب أُخْرَى تؤدي فِي النهاية إِلَى زعزعة استقرار المجتمع القامع وفقدانه للشرعية والقيم، وتدفعه إِلَى الانحطاط الأخلاقي المرفوض والمشجوب دولياً وبخاصة فِي ظل عالم الاتصال والتواصل الجماهيري عَلَى مُسْتَوَى الكرة الأرضية.

وعليه، ينبغي عَلَى المجتمعات الَّتِي تنتهج هَذِهِ السياسات أن تعي أن العنف والقمع لَا يمكن أن يكونا أساسًا لبناء مستقبل مستدام وآمن لَهَا، وَأَن الطريق إِلَى السلام الحقيقي يبدأ بالاعتراف بحقوق الجميع ووقف دوامة العنف والكراهية واعمال الإبادة. فَهَلْ يستمع «يهود إسرائيل» وحلفاؤهم إِلَى صوت الحق والعدل فِي منطق التَارِيخ؟ هم لَمْ يفعلوا ذَلِكَ، لَا فِي الماضي وَلَا فِي الحاضر، ولذلك نتوقع لَهُمْ – طال الزمان ام قصر- دفع الثمن غالياً من وجودهم وفق المعادلة المتعارف عَلَيْهَا: «الإبادة تقود إِلَى الانتحار» (Genocide is Suicide).

عَنْ الموقع

ان www.zoom32.com مِنَصَّة مُسْتَقِلَّة شاملة وحديثة تواكب كل مواضيع المالية والاقتصادية وَكَذَا اعلانات الوظائف,وَتَضَمَّنَ كذلك مجموعة من الخدمات والوسائل التعليمية الادارية الَّتِي تبسط وتشرح الأشياء الَّتِي يحتاجها الباحث عَنْ فرص الاستثمار سَوَاء كَانَت فِي ارض الواقع او عبر الانترنت ، وَتَجْدُرُ الاشارة إِلَى ان هَذِهِ المنصة لَا تمت باي صلة لِاي مؤسسة مالية.
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *