ماذا سيطرح لبنان في واشنطن في 15 نيسان؟

أنطوان فرح – الجمهورية:

قَد يكون توقيت بيان بعثة الاتحاد الاوروبي فِي لبنان، مرتبطاً بالذكرى السنوية الثَّـانِيَة للاتفاق الأولي الَّذِي عقدته الحكومة اللبنانية مَعَ صندوق النقد الدَّوْلِي، لكنه يأتي أَيْضًاً قبل ايام عَلَى بدء اجتماعات الربيع فِي واشنطن. وَمِنْ هُنَا، جاء البيان بمثابة تذكير (reminder) وتحذير وتحميل مسؤولية، لعلّ وعسى.

فِي السابع من نيسان 2022، أُعلن عَنْ ابرام اتفاقية بَيْنَ الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدَّوْلِي عَلَى مُسْتَوَى المُوَظَّفِينَ، وَهِيَ بمثابة اتفاق اولي يمهّد للاتفاق النهائي الَّذِي يموّل بموجبه الصندوق خطة للتعافي يتمّ الاتفاق عَلَيْهَا بَيْنَ الطرفين.

سنتان عَلَى الاتفاقية الأولية، وَلَا تَزَالُ الاجراءات الاصلاحية البسيطة الَّتِي تعهّدت الدولة بتنفيذها كشرط مسبق لتوقيع اتفاق التمويل، تراوح مكانها. لَا اصلاحات، وَلَا محاولات جدّية توحي بوجود نية لإنجاز هَذِهِ الخطوات الَّتِي تفصل بَيْنَ مرحلة الانهيار المتفاقم، وبين بداية مسيرة التعافي. وهذا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بيان الاتحاد الاوروبي، عِنْدَمَا خاطب السلطات اللبنانية بالقول، «إنّ الإصلاحات الهيكلية ضرورية لتجنيب لبنان الوقوع فِي شرك حلقة دائمة من الأزمات. وثمة حاجة إِلَى قيادة حاسمة. وَلَا يمكن للاستجابات لِمُوَاجَهَةِ الأزمة الاقتصادية الَّتِي يمرّ فِيهَا لبنان إلّا أن تأتي من داخله.. وَقَد أظهر اعتماد موازنة عام 2024 ضمن المهل الدستورية، وإصلاح قانون السرّية المصرفية واستقرار سعر الصرف، أنّ الحلول ممكنة عِنْدَمَا تتوفر الإرادة».
مِنْ خِلَالِ هَذَا الكلام، يخاطب الاتحاد الاوروبي الدولة اللبنانية، ويقول لَهَا انّ الحل فِي يدها، وَلَيْسَ فِي أي مكان آخر، ويحمّلَهَا مسؤولية التأخير المتمادي وَالَّذِي لَا يقود سوى إِلَى مزيد من التعقيدات والأزمات فِي المرحلة المقبلة.
ولعلّ توقيت البيان الاوروبي لَمْ تفرضه الذكرى السنوية الثَّـانِيَة عَلَى الاتفاقية الاولية مَعَ صندوق النقد الدَّوْلِي فحسب، بَلْ فرضه الحدث العالمي المتمثل فِي انعقاد اجتماعات الربيع المشتركة بَيْنَ البنك الدَّوْلِي وصندوق النقد فِي واشنطن منتصف الشهر الجاري. حَيْتُ يلتقي محافظو مجموعة البنك الدَّوْلِي وصندوق النقد الدَّوْلِي، ومحافظو البنوك المركزية من حول العالم، ووزراء المالية والتنمية والبرلمانيون وكبار المسؤولين فِي القطاع الخاص، وممثلو المجتمع المدني، واكاديميون، لِمُنَاقَشَةِ القضايا موضع الاهتمام العالمي.

وتُعقد فِي الموازاة، ندوات وجلسات اعلامية وفعاليات اخرى. وستُعقد الفعاليات الوزارية الرئيسية بَيْنَ 17 و19 الجاري، بَيْنَمَا ستُعقد الفعاليات الاخرى بَيْنَ 15 و20 الجاري. وَمِنْ البديهي، انّ اجتماعات الربيع تمثّل مناسبة لعقد اللقاءات الجانبية الَّتِي تَهُمُّّ الدول المعنية فِي طرح قضاياها ومشاكلها امام صنّاع القرار فِي العالم.
وسيشارك لبنان بوفد رسمي، بالإِضَافَةِ إِلَى مشاركة عدد کَبِير من الفعاليات اللبنانية المؤثرة. لكن المفارقة انّ الوفد الرسمي لَنْ يكون لديه مَا يعرضه سوى اجترار الافكار السابقة، وَالَّتِي يعرف مسبقاً انّها سقطت بِسَبَبِ استنادها إِلَى خطط غير واقعية لَا تؤدي سوى إِلَى خراب البصرة. وَالبِتَّالِي، سيكون الاعتماد عَلَى الشخصيات اللبنانية المستقلة الَّتِي ستشارك فِي فعاليات الربيع، لكي تعرض افكاراً صالحة للتنفيذ والانقاذ. وبالتوازي مَعَ التغييرات الجذرية الَّتِي طرأت عَلَى طريقة تعاطي صندوق النقد مَعَ الأزمة اللبنانية الفريدة، وَهِيَ أزمة نظامية (systemic crisis) بامتياز، يمكن الترويج لخطة انقاذ تستند إِلَى المسلمات التالية:
اولًا- التعاطي بواقعية مَعَ الارقام المتوفرة. والانطلاق من حقيقة انّ مَا هُوَ متوفر اليوم من اموال يمكن تحريرها فِي فترة زمنية قصيرة، لَا يتجاوز فِي احسن الاحوال الـ20 مليار دولار.
ثانياً- معالجة موضوع الودائع، وتحديد مَا سَيَتِمُّ ردّه، وحسم النقاشات لِتَحْدِيدِ بَيْنَ مَا هُوَ مؤهل وغير مؤهل، سَوَاءً عَلَى قاعدة تَارِيخ ايداعها، او بَيْنَ مَا هُوَ شرعي وغير شرعي بناءً عَلَى عدم مخالفتها قانون التبييض.

ثالثاً- الحرص عَلَى الفصل بَيْنَ الروزنامة الزمنية لِإِعَادَةِ الودائع، وبين ميزانيات المصارف. إِذْ ينبغي ان يتمّ الفصل التام بَيْنَ الأمرين، لكي يتمكن القطاع المالي من استعادة دوره الائتماني فوراً. كَمَا سيؤدي ذَلِكَ إِلَى اعادة تشجيع المستثمرين عَلَى الاستثمار فِي هَذَا القطاع، بِمَا يساهم فِي دعم النمو الاقتصادي، وَهُوَ الأساس فِي نجاح كل خطط التعافي.
رابعاً- إنشاء مؤسسة لدفع الودائع، وفق برنامج واضح، سَوَاءً لِجِهَةِ النسب الَّتِي سَيَتِمُّ دفعها، او لِجِهَةِ الفترة الزمنية للتسديد، او لِجِهَةِ وسائل تمويل هَذِهِ المؤسسة لِضَمَانِ الوفاء بتعهداتها.
خامساً- برنامج اصلاحي يشمل إعادة هيكلة القطاع العام، وإشراك القطاع الخاص فِي ادارة اصول ومؤسسات الدولة، لِضَمَانِ زيادة الايرادات، وخفض منسوب الفساد المتأصل، وَالَّذِي بَاتَ يستحيل خفضه بالنهج القائم حالياً.
وفق هَذِهِ المسلّمات، يمكن وضع خطة قابلة للتنفيذ، بِحَيْثُ يستعيد الاقتصاد عافيته فِي وقت قِيَاسِي. وَكُل مَا عدا ذَلِكَ، مضيعة للوقت، وتعميق اضافي لأزمة الانهيار الَّتِي ستُبقي البلد فِي حلقة مفرغة من الأزمات، وفق التوصيف الاوروبي. والرهان هُنَا کَبِير عَلَى الشخصيات المستقلة، الَّتِي ستشارك فِي اجتماعات الربيع، وَالَّتِي تعهّد بعضها فِي مجالسه الخَاصَّة بطرح أفكار متقدّمة امام صنّاع القرار فِي واشنطن منتصف هَذَا الشهر.

|
لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب

اضغط هُنَا

عَنْ الموقع

ان www.zoom32.com مِنَصَّة مُسْتَقِلَّة شاملة وحديثة تواكب كل مواضيع المالية والاقتصادية وَكَذَا اعلانات الوظائف,وَتَضَمَّنَ كذلك مجموعة من الخدمات والوسائل التعليمية الادارية الَّتِي تبسط وتشرح الأشياء الَّتِي يحتاجها الباحث عَنْ فرص الاستثمار سَوَاء كَانَت فِي ارض الواقع او عبر الانترنت ، وَتَجْدُرُ الاشارة إِلَى ان هَذِهِ المنصة لَا تمت باي صلة لِاي مؤسسة مالية.
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *