كيف تُفرض غرامات على المؤسسات المالية العامة؟

فرضت هيئة أسواق رأس المال (SPK) فِي الأسبوع الماضي، غرامات عَلَى عَدَدُُ مِنَ المخالفات بهدف فرض الانضباط عَلَى الأسواق الَّتِي شهدت فوضى فِي الآونة الأخيرة. ويمكن القول إن الجميع نال نصيبه من هَذِهِ الغرامات.

وَقَد وُصفت هَذِهِ الخطوة من قبل المجلس بأنها شديدة العدوانية، مَا دفع جمعية مديري مؤسسات الوساطة فِي البورصة إِلَى إصدار بيان معارض.

وزعمت الهيئة أن المخالفات تتعلق بِعَدَمِ الامتثال للإجراءات الاحترازية الَّتِي اتخذت فِي أعقاب الزلزال.

وَإِذَا كَانَت القضية تتعلق بالاستغلال خِلَالَ كارثة الزلزال، فالصمت هُوَ الخيار الأفضل للجميع فِي هَذِهِ الحالة، حَتَّى لو كَانَ تبرير العقوبات ممكنا.

وَلَكِن لدينا مشكلة أُخْرَى. فكلما ظهرت مثل هَذِهِ القضايا المتعلقة بالغرامات، نجد أن المؤسسات المالية العامة تكون جزءاً من المعادلة.

سأبدأ بتقديم خلفية عَنْ الموضوع، ثُمَّ أتناول القضايا المتعلقة بِهَذَا الشأن.

فِي تركيا، تمَّ إنشاء آلية مالية مكونة من ثلاث مستويات بهدف ضمان خدمة الأسواق المالية للمبادئ الديمقراطية. وَلَا تمتلك العديد من الدول آلية مماثلة، وَخَاصَّةً ذات ثلاث مستويات، مَا يدفعني للاعتقاد أن هَذِهِ الآلية الَّتِي أعتبرها ابتكاراً تركياً، هِيَ نظام مثالي إِذَا مَا تمت إدارته بِشَكْل صحيح.

ووفقًا لذلك، تتألف الآلية ذات المستويات الثلاثة من: البنك المركزي المستقل والهيئات التنظيمية والرقابية ذات الاستقلالية والشركات ذات رأس المال العام.

ويتم تخصيص هيئة تنظيمية وإشرافية لِكُلِّ قطاع مالي، بالإِضَافَةِ إِلَى وجود العديد من الشركات العاملة فِي كل قطاع.

لو أدرك العالم كيفية الاستفادة من هَذِهِ الآلية بِمَا يخدم مصلحة جميع الأطراف المعنية فِي الأسواق المالية، لذهل من روعة ذَلِكَ، لَا سيما فِي الاقتصادات النامية. وَلَكِن للأسف هَذِهِ الآلية لَا تعمل بِشَكْل صحيح فِي تركيا.

وَفِي كل مرة تحدث مشكلة، نجد أن الشركات المالية العامة تُستبعد من المعادلة.

فِي عام 2011، أجرى مجلس المنافسة تحقيقًا اكتشف فِيهِ أن نسب الفائدة عَلَى القروض الفردية كَانَت تُحدد باتفاقات بَيْنَ البنوك، وَتَمَّ فرض غرامات عَلَى تِلْكَ البنوك الَّتِي شكلت “كارتل” (إلَّا أن مجلس الدولة ألغى القرار فِي عام 2019).

ورغم أَنَّهُ قَد يكون هُنَاكَ آخرون متورطون، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يتم الكشف عنهم.

واليوم، مَعَ فرض هيئة أسواق رأس المال (SPK) غرامات عَلَى شركات الوساطة، تبيّن أن الشركات ذات رأس المال العام قَد نالت نصيبها أيضًا من هَذِهِ العقوبات.

هُنَاكَ خلل واضح هُنَا. إما أن هُنَاكَ خطأ فِي هَذِهِ العقوبات، أَوْ أن هَذِهِ الشركات تعاني من مشاكل فِي الرؤية الاستراتيجية.

لَا يسعني إلَّا أن أتساءل: كَيْفَ يمكن لشركة ذات رأس مال عام أن تفرض عَلَيْهَا غرامة؟

لِمَاذَا تمَّ اعتماد سياسة الفائدة المنخفضة؟

طرح عليّ أحد الأصدقاء سؤالاً حول الأسباب الَّتِي دفعت تركيا إِلَى تبني هَذَا النموذج الاقتصادي.

سبق لِي أن كتبت مقالاً ناقشت فِيهِ علاقة بَيْنَ سياسة خفض أثمنة الفائدة وما يسمى بـ “إضراب الاستثمار”، وحاولت فِيهِ الإجابة عَنْ هَذَا السؤال. كَمَا تناولت هَذَا الموضوع من زوايا مختلفة فِي مقالات أُخْرَى. وَلَكِن بِمَا أن السؤال لَا يزال مطروحًا، فقد قررت أن أضيف بعض الأفكار فِي مقالي التَّالِي.

عِنْدَمَا بدأ صديقي بسؤاله، تذكرت عَلَى الفور دعوات الرئيس المتكررة لِرِجَالِ الأعمال للاستثمار عِنْدَمَا بدأ خفض أثمنة الفائدة. لَقَدْ تذكرت خطابه فِي جمعية رجال الأعمال والصناعيين الأتراك “توسياد”. لَقَدْ حثهم عَلَى الاستثمار، وَلَيْسَ عَلَى نهب القروض. وَكَانَ يكرر هَذَا النداء إِلَى رجال الأعمال فِي كل مناسبة.

ورغم ذَلِكَ فقد وُصفت سياسته، بأنها شعبوية، مَعَ أن تجنب الشعبوية كَانَ أحد أهَمُ أعماله الرئيسية مُنْذُ عام 2002 ، فِي حين أَنَّهُ لَمْ يكن بحاجة إِلَى الشعبوية فِي انتخابات مايو 2023، لأنه كَانَ يقدم وعوده فِي كل دورة انتخابية وينفذها. وَكَانَ هَذَا كافياً لِتَحْقِيقِ تنمية متوازنة وتطوير مستدام دون اللجوء إِلَى الشعبوية.

وَإِذَا كَانَ السؤال عَنْ سبب الانتقال إِلَى سياسة الفائدة المنخفضة لَا يزال يُطرح حَتَّى اليوم، فمن وجهة نظري، أقول إِنَّهُ ربما كَانَ خطوة نَحْوَ تحقيق “تركيا المثالية” الَّتِي تكسب من عرق جبينها بجدارة.

أعتقد أَنَّهُ يمكن القول بِأَنَّ الهدف من هَذِهِ الخطوة كَانَ إيصال رسالة مفادها: “اعملوا واكسبوا بأنفسكم، فالدولة لَنْ تستمر فِي مدكم بالاموال كَمَا لو أَنَّهَا تصنع لكم معروفاً”. وَرُبَّمَا كَانَ الهدف هُوَ اتخاذ موقف حازم تجاه من يعيشون عَلَى حساب الدولة. وَلَكِن الحقيقة هِيَ أن السياسة اتخذت منحىً مغايراً تمامًا لما كَانَ مقصودًا.

فَفِي الفترة الماضية، لَمْ يشهد الاقتصاد التركي نهباً للقروض فحسب، بَلْ شهد أيضًاً نهباً للبيئة الاستثمارية الَّتِي تمَّ بناؤها بعناية فائقة لِتَحْقِيقِ طموحاتها الكبرى و إيجاد حلول لتلبية الاحتياجات الأساسية.

فَقَدْ تَمَّّ بناء هَذِهِ البيئة عَلَى مَدَى سنوات طويلة مِنْ خِلَالِ الاستثمارات الضخمة فِي البنية التحتية تدريجياً، وتقليص العجز فِي الحساب الجاري عَلَى مَدَى عشر سنوات حَتَّى تحول فِي النهاية إِلَى فائض، ودعم الاستثمارات المحلية الَّتِي تساهم فِي استبدال الواردات وزيادة فرص العمل.

لَا أزال أجهل السبب وراء عدم قدرة هَذِهِ السياسة الواضحة عَلَى إيصال رسالتها، ولماذا لَمْ يتم التحضير المسبق لما تتطلبه هَذِهِ السياسة.

وَلَكِن مَا لَا أفهمه عَلَى الإطلاق هُوَ استمرار شعبية هَؤُلَاءِ المؤثرين عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي اللَّذِينَ استغلوا نقاط الضعف ومزقوا جهد السنين بأسنانهم، وكيف لَا يَزَالُونَ يحظون بتقدير الناس. والحقيقة المؤلمة هِيَ أن هَذَا البلد دائماً فِي مواجهة مَعَ نفسه.

عَنْ الموقع

ان www.zoom32.com مِنَصَّة مُسْتَقِلَّة شاملة وحديثة تواكب كل مواضيع المالية والاقتصادية وَكَذَا اعلانات الوظائف,وَتَضَمَّنَ كذلك مجموعة من الخدمات والوسائل التعليمية الادارية الَّتِي تبسط وتشرح الأشياء الَّتِي يحتاجها الباحث عَنْ فرص الاستثمار سَوَاء كَانَت فِي ارض الواقع او عبر الانترنت ، وَتَجْدُرُ الاشارة إِلَى ان هَذِهِ المنصة لَا تمت باي صلة لِاي مؤسسة مالية.
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *