صحيفة الأيام – من المسؤول عن هذا العبث في النقل والمواصلات؟
> لَمْ يكتفِ إشغال المواطنين بمعاناتهم اليومية جرّاء انعدام الكهرباء والماء فِي كثير من الأحياء السكنية فِي العاصمة عدن وارتفاع الأثمنة وغلاء المعيشة وشحة الإمكانيات المادية وتأخير الرواتب وانعدامها عِنْدَ الكثير من العاطلين عَنْ العمل، خاصة فئة الشباب الَّتِي تبدر طاقاتها وملكاتها الإبداعية وقدراتها عَلَى العمل، دون الاستفادة مِنْهَا، إلَّا من رحم ربي وَقَد بدأت أعدادهم تزداد، فِي الآونة الأخيرة، إِذْ اتجه الكثير من هَؤُلَاءِ الشباب، اليافع، إِلَى العمل فِي قيادة سيارات الأجرة (تاكسي) وَقَد إِرْتَفَعَ عدد المركبات الصغيرة (الميكروباص) أَوْ مَا يطلق عَلَيْهَا (الدّباب) الَّذِي ظهر فِي عدن، خِلَالَ الثلاثين عامًا المنصرمة وتزداد أعدادها يومًا عَنْ يوم، لكثرة الطلب عَلَيْهَا، بِسَبَبِ ارتفاع عدد الشباب العاطل عَنْ العمل، فوجد فِي هَذَا النوع الصغير من المركبات، وسيلة للعمل الشريف والعيش الكريم.
إلَّا أن هَؤُلَاءِ الباحثين عَنْ الرزق الحلال، وجدوا عراقيل جمة، أرّقت مضاجعهم واستنفذت طاقاتهم وقدراتهم المادية عَلَى العمل، كسائقي أجرة، ومنهم من ترك هَذِهِ الوظيفة مضطرًا، لأنه لَمْ يستطع تَوْفِير المال لأسرته الَّتِي يعولها، إِذَا كَانَ رب أسرة، وَلَا لنفسه، إِذَا كَانَ يُرِيدُ تكوين أسرة.
سألت أحد السائقين الشباب وكنت أخذت مقعدي الأمامي بجانبه، عَنْ الورقة الصغيرة الَّتِي يأخذها من رجلٍ يقف فِي محطة سيارات، عشوائية، أَمَامَ الطريق المؤدية إِلَى المنطقة الحرة، فِي المنصورة، مقابل (200) ريال يمني؟ فأجاب بأنها (كوشن) (وَهِيَ مفردة إنجليزية وتعني قسيمة) خاصة بنقابة النقل والمواصلات.. ولكنني فِي كثير من الأيام، كُنْت أشاهد نفرًا من الشباب المرتدي زيًا يشبه الزي العسكري وَلَكِن هيئاتهم لَا توحي بأنهم ينتمون إِلَى رجال الأمن أَوْ حَتَّى إِلَى الشرطة العسكرية!! يقومون بنزع لوحات مركبات الأجرة (الدبّاب) دون سبب ودون أي نقاش، بَلْ يستخدمون أساليب (البلطجة) والتهديد بالسلاح والبعض يتفوه بألفاظ نابية، دون أي اعتبار لتواجد نساء فِي المركبة. وحدث، صباح ذات يوم، أن قَامَ، أحد هَؤُلَاءِ، بنزع لوحة رقم الدبّاب الَّذِي كُنْت استقله وأنا فِي طريقي إِلَى العمل وَكَانَ معي، فِي السيارة راكبان أخريان، مستعرضًا قوته من (البندق) المعلق عَلَى كتفه.. لَمْ يفلح السائق الشاب فِي إقناعه، بأنه لَا يعلم بأي قرار يقضي بمنع أخذ ركاب من خارج المحطة، إلَّا أن ذاك كَانَ فِي حالة من التعصب والصراخ وَبعْدَ مرور بضعة دقائق، عاد السائق، حاملًا لوحة السيارة المنزوعة، مبتسمًا، سألناه مَا الَّذِي حدث؟ رد علينا: ” لَا شيء.. رميت لَهُ ألف ريال”!!
وشقّت السيارة طريقها وَبعْدَ بضعة أمتار، استوقفها رجل مدني، يمنع السائق من مواصلة السير، طالبًا مِنْهُ إنزالنا من المركبة، لِمَاذَا؟! لِأَنَّ عَلَى السائق الالتزام بالوقوف فِي المحطة الرسمية، رغم أَنَّهَا كَانَت خالية مِنْ أَيِّ مركبة أجرة! وَبعْدَ شد وجذب ومشاركتنا كلنا فِي ذاك الجدال الَّذِي احتد، سمح للسائق بالمرور، بَعْدَ أَنْ دفع لَهُ (200) ريال، مادًا لَهُ القسيمة الَّتِي أطلعت عَلَيْهَا؛ فوجدتها صادرة عَنْ الإدارة المحلية/ مديرية المنصورة – محافظة عدن. ورغم أن سند القبض النقدي يُطَالِبُ بتملئة البيانات (اسم دافع المبلغ، رقم السيارة، اسم المحصّل) من قبل المحصّل الَّذِي يحتفظ عنده بنسخة مِنْهَا، إلَّا أن هَذَا لَا يتم إطلاقًا!!
يتكرر المشهد، يوميًا، حد الملل والتقزز، فعزمت عَلَى فك طلاسم المشكلة الَّتِي لَمْ تؤرق السائقين، فحسب، بَلْ تؤرقنا، أيضًا، نحن الركاب اللَّذِينَ نصل إِلَى وجهاتنا المختلفة، متأخرين، زد إِلَى شعورنا بالاكتئاب، بدلًا من الشعور بالتفاؤل، فِي بداية اليوم. السؤال الَّذِي يتبادر إِلَى الأذهان: لِمَاذَا كل هَذِهِ المحطات العشوائية أَوْ كَمَا يسمونها (الفرزات) وما أكثرها ولماذا هَذِهِ الجبايات الَّتِي كثرت وبأشكال وسندات مختلفة؟! وَمِنْ المسؤول عَنْ كل هَذِهِ الفوضى؟! ولماذا لَا تعود المحطات الرسمية الَّتِي كَانَت تُنَظِّمُ حركات سيارات الأجرة وَكَانَت تعمل دون أي ضجيج ودون أي تدخلات من مستعرضي العضلات، كـ محطة الميدان فِي كريتر، محطة الهاشمي فِي الشيخ عثمان، محطة ساحة الشهداء فِي المنصورة، محطة جولة البط أَمَامَ سور كلية الطب فِي خور مكسر.. إلخ من تِلْكَ المحطات الآمنة فِي مديريات محافظة عدن وَالَّتِي لَمْ تكن تسبب أي عرقلة للسير أَوْ خطورة للمشاة أَوْ أية حوادث مرورية، كَمَا يحدث اليوم؟ كَمَا أن الجهة الوحيدة الَّتِي كَانَت تقوم بتحصيل رسوم سيارات الأجرة ولمرة واحدة فِي اليوم، لِكُلِّ سيارة أجرة تخرج من المحطة، هِيَ نقابة النقل والمواصلات، فَقَطْ.
ولجتُ إِلَى مقر الاتحاد العام لنقابات عمال الجنوب، فِي المعلا، حَيْتُ يقع مقر نقابة النقل والمواصلات ـ وأشكر، هُنَا، الأخت أسرار سعيد، سكرتيرة إدارية فِي النقابة وَالَّتِي رتبت لِي مَوعِد اللقاء مَعَ قيادة النقابة ـ التقيتُ الأمين العام لنقابة النقل والمواصلات، الأخ علي محمد البدري وعددًا من قيادتها والذين أفادوني فِي مدي بكثير من المَعْلُومَات الَّتِي عَلَى ضوئها، قمت بتسجيلها فِي هَذَا الحيز من صحيفة الجماهير العريضة، صحيفة “الأيام” العريقة الَّتِي لَا تبحث إلَّا عَنْ الحقيقة ووضعها عارية، أَمَامَ القارئ، لأنها لسان حال الشعب.
يقول الأمين العام لنقابة النقل والمواصلات، ردًا عَلَى أسئلتي الَّتِي حيرتني كثيرًا وحيرت كل مواطن غلبان، وأبرزها: لِمَاذَا كل هَذِهِ الفرزات العشوائية؟ ولماذا الجبايات من مختلف الجهات؟ ولماذا لَا تعود المحطات الرسمية القديمة الَّتِي كَانَت قائمة إِلَى مَا قبل 2015م؟ وَأَيْنَ دور النقابة مِمَّا يحدث؟!
يقول الأمين العام: “حاولنا، مُنْذُ سنوات، عَلَى إعادة المحطات الرسمية القديمة، فِي مختلف مديريات محافظة عدن، لكننا، للأسف، كنا نصطدم بعراقيل مفتعلة، وكلها كَانَت من مكتب النقل والمواصلات فِي محافظة عدن الَّذِي استحدث محطات عشوائية وفرض رسوماً خارج نطاق القانون، كَمَا إِنَّهُ لَا يعترف بنقابة النقل والمواصلات”. ويستطرد الأمين العام، حديثه الهادئ، بألم مِمَّا يحدث للمواطنين ولسائقي سيارات الأجرة: “عقد اجتماع، فِي مكتب النقل، ترأَسه مدير مكتب النقل فِي المحافظة، نورس بركات، فِي 8 أكتوبر من العام المنصرم، شاركت فِيهِ نقابة النقل والمواصلات، كَمَا شارك فِيهِ، مدير عام شرطة السير فِي العاصمة، وَكَانَت أهَمُ و أبرز نقاط الاجتماع، تنظيم عمل الفرزات ودمج الفرزات العشوائية ضمن الفرزات الرسمية وتحسين سير العمل والحد من الازدحام، كَمَا اجتمعنا، مرة أُخْرَى، بعد ذَلِكَ التَارِيخ بعشرة أيام، للتأكيد عَلَى ضرورة التنفيذ لما جاء فِي الاجتماع الأول واتفقنا جميعاً عَلَى العمل الفوري، إلَّا أن شيئًا من ذَلِكَ الاتفاق، لَمْ يرَ النور، بَلْ زادت الأمور سوءاً!! والسبب أن مكتب النقل أخلّ بِكُلِّ الاتفاقات والقرارات والقانون المنظم لحركة السير والمرور، ضارباً كل ذَلِكَ، عرض الحائط؛ فقمنا برفع رسالة شكوى إِلَى وَزِير النقل والمواصلات د. عبد السلام حُميد بِتَارِيخ 6 نوفمبر من العام نفسه، مطالبين بإلغاء تحصيل الرسوم غير القانونية عَلَى رحلات سيارات الأجرة وإلغاء الفرزات العشوائية وضمها إِلَى الفرزات الرسمية، بعد إعادتها إِلَى مواقعها السابقة وشرحنا للوزير مَا بدر من مخالفات من بركات، كَمَا رفعنا شكوى أُخْرَى إِلَى الأخ بدر معاون، نائب محافظ عدن، الأمين العام للمجلس المحلي، بِتَارِيخ 29 أكتوبر من العام المنصرم، واضعين كل الأمور بشفافية ومستجداتها، حَيْتُ ألغى مدير مكتب النقل الاتفاقات السابقة والموقعة من قبل الجميع، بمن فيهم من رفعنا إِلَيْهِ الشكوى وَوَجَّهَ بإعادة الفرزات العشوائية وعدم عرقلتها وعند الجلوس مَعَهُ من قبلنا، رد علينا، مستفزاً، بِأَنَّ الفرزات العشوائية عرضت عَلَيْهِ مبلغ (3000) ريال عَنْ كل رحلة وأنه مستعداً لرفع هَذِهِ الفرزات، شريطة دفع النقابة لَهُ نفس المبلغ، مضيفاً أن مكتبه سيفرض مبلغ عشرة آلاف ريال، سنويًا، عَنْ كل سيارة أجرة، كذلك رفعنا رسالة مماثلة للأخ خالد الجعيملاني، وكيل محافظة عدن لقطاع النقل، إلَّا أننا لَمْ نلقَ أي رد من تِلْكَ الجهات، لذلك أصدرنا بيان النقابة العامة للنقل والمواصلات، الصادر فِي 30 مايو 2024م ورفعناه إِلَى الأخ وَزِير الدولة، محافظ محافظة عدن.
وَقَد وضحنا فِي البيان موقفنا من مدير مكتب النقل والمواصلات واستنفاذنا كل الوسائل والطرق مَعَهُ، لحل الإشكاليات القائمة فِي قطاع النقل وَخَاصَّةً النقل البري، من العاصمة عدن إِلَى خارجها وفرضه رسوم غير قانونية، مِمَّا تسبب فِي مضايقة المواطنين المسافرين”.
كثيرة هِيَ الأمور الَّتِي وضعها أمامي الأخوة فِي نقابة النقل والمواصلات وَالَّتِي يشيب لَهَا الرأس، مِنْهَا، عَلَى سبيل المثال، صرف لصقات عشوائية، باسم مناطق، لسيارات مجهولة وغير مجمركة، وَهِيَ سيارات تحمل لوحات أسماء مناطق غير جنوبية، خاصة لسيارات الأجرة. صرف سندات رسوم غير رسمية، أي أَنَّهَا مزورة (لدينا كل الوثائق والأدلة).
فِي الأَخِير، مَا هُوَ رد وَزِير النقل؟! يقول الأمين العام للنقابة، أن الأخ الوزير قَالَ لَهُمْ بِأَنَّ هَذِهِ مسؤولية المحافظ، لأنه هُوَ من عين مدير مكتب النقل والمواصلات!! والمحافظ لَمْ يرد عَلَى النقابة وَلَمْ يلتقِ بقيادتها وَلَا حَتَّى بأمينها العام! كَمَا لَمْ يتم الرد عَلَى الشكوى المرفوعة إِلَى نائب المحافظ وإلى وكيل المحافظة لشؤون قطاع النقل.
غادرت المبنى الدائري للاتحاد العام لعمال جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (سابقًا) وَالَّذِي شهد تَارِيخًا نضاليًا للعمال، مُنْذُ تأسيسه فِي منتصف الخمسينيات، باسم المؤتمر العمالي، برئاسة المناضل النقابي الكبير عبدالله الأصنج الَّذِي أصدر صحيفة ناطقة بلسان حال المؤتمر العمالي وأسماها (العامل) وَالَّذِي جعل المبنى مجمعًا ومنبرًا للقوى الوَطَنِية المناهضة الاستعمار البريطاني، حَتَّى يوم الاستقلال الوطني.
قفزت الذكريات لتطل من ذاكرتي الَّتِي مَا زَالَتْ تحتفظ بصور النضال العمالي والنقابي، فِيمَا بعد وَفِي ظل دولة النظام والقانون والعمل النقابي الحقيقي والمؤثر فِي المجتمع، كغيره من منظمات المجتمع المدني، آنذاك.
عَنْ الموقع
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا