“رأس جميلة” بعد رأس الحكمة.. ماذا نعرف عن “الصفقة السعودية” المرتقبة في مصر؟
خِلَالَ الأيام الماضية، كثفت وِزَارَة الداخلية المصرية “ضرباتها الأمنية” لضبط جرائم “الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي”، وسط تشكيك بمدى فاعلية تِلْكَ الإجراءات وقانونيتها وإمكانية قضائها عَلَى “السوق السوداء للدولار”، وَهُوَ مَا يوضحه مسؤولون ومختصون تحدث مَعَهم موقع “الحرة”.
اتجار أم حيازة؟
وَأَعْلَنَتْ وِزَارَة الداخلية المصرية، تكثيف “ضرباتها الأمنية”، لضبط جرائم “الاتجار غير المشروع” بالنقد الأجنبي والمضاربة بأثمنة العملات عَنْ طَرِيقِ إخفائها عَنْ التداول والاتجار بِهَا خارج نطاق السوق المصرفي.
والخميس، كشفت عَنْ ضبط 37 قضية “اتجار” فِي العملات الأجنبية المختلفة بِقِيمَة مالية قرابة43 مليون جنيه خِلَالَ 24 ساعة، واتخاذ الإجراءات القانونية بِشَأْنِ ذَلِكَ.
فِي حديثه لموقع “الحرة”، يوضح الخبير القانوني وعميد كلية الحقوق السابق بجامعة القاهرة، محمود كبيش، أن القانون المصري ” لَا يعاقب عَلَى حيازة النقد الأجنبي، مهما كَانَت القيمة المحازة، لكن يتم تجريم التَعَامُل بالعملات الأجنبية خارج السوق المصرفية الرسمية”.
وَلَا يوجد فِي القانون المصري مَا يجرم “حمل الأشخاص للعملات الأجنبية، أَوْ احتفاظهم بِهَا فِي منازلهم”، وفق الخبير القانوني.
وَإِذَا تمَّ القبض عَلَى مواطن لمجرد حيازته للعملة الأجنبية فذلك “غير قانوني”، لكن “الاتجار بالبيع والشراء” فِي النقد الأجنبي خارج إطار السوق المصرفي، جناية يعاقب عَلَيْهَا القانون، حسبما يشير كبيش.
وتنص المادة 212 من القانون المصري عَلَى أن “لِكُلِّ شخص طبيعي أَوْ اعتباري أن يحتفظ بِكُلِّ مَا يؤول إِلَيْهِ أَوْ يملكه أَوْ يحوزه من نقد أجنبي، وله الحق فِي التَعَامُل أَوْ القيام بأي عملية من عمليات النقد الأجنبي، بِمَا فِي ذَلِكَ التحويل للداخل والخارج”.
وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بعقوبة الاتجار فِي العملات الأجنبية، تنص المادة 233 عَلَى أَنَّهُ يعاقب بالسجن مُدَّة لَا تقل عَنْ 3 سنوات وَلَا تزيد عَلَى 10 سنوات وبغرامة لَا تقل عَنْ مليون جنيه وَلَا تتجاوز 5 ملايين جنيه أَوْ المبلغ المالي محل الجريمة.
ويؤكد كبيش أن “الحيازة ليست جريمة، وَلَكِن الاتجار بالنقد الأجنبي مجرم بحكم القانون، لكن إِذَا ثبت ذَلِكَ بدليل يقيني”.
والدليل اليقيني وَهُوَ “الضبط فِي حالة تلبس” أَوْ “تمَّ ضبط المتهم بناءً عَلَى أمر من النيابة العامة، بتهمة التَعَامُل بالعملات الأجنبية سَوَاء بالبيع أَوْ الشراء”، حسبما يوضح عميد حقوق القاهرة السابق.
الحابل بالنابل؟
يتحدث المحلل السياسي المصري، مجدي حمدان، عَنْ قبض الأجهزة الأمنية عَلَى مواطنين بسطاء “بحوزتهم دولار أَوْ عملات أجنبية”، واصفا ذَلِكَ بالإجراء “المخالف تماما للقانون والدستور”.
وَفِي حديثه لموقع “الحرة”، يؤكد حمدان عدم وجود “ضوابط لِلتَّعَامُلِ الأمني مَعَ حمل المواطنين للدولار”، ويتم أخد “الحابل بالنابل”، وَالبِتَّالِي فغالبية من يتم القبض عَلَيْهِمْ من “المواطنين البسطاء”.
وَيُشِيرُ إِلَى أَنَّ الحملات الأمنية الَّتِي يتم الإعلان عَنْهَا تتعلق بـ”مبالغ مالية قليلة جدا”، بَيْنَمَا يوجد “حيتان” تتاجر بالنقد الأجنبي وتشتري وتبيع العملات الأجنبية بالملايين، وَلَا يتم التَعَامُل مَعَهم أمنيا أَوْ القبض عَلَيْهِمْ.
وَعَلَى النقيض يتم “ترهيب” المواطنين البسطاء والقبض عَلَيْهِمْ لحملهم عَدَدًا محدودا من الدولارات، حسبما يقول المحلل السياسي المصري.
وَعَلَى جانب آخر، ينفي رَئِيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري، اللواء أحمد العوضي، ذَلِكَ، ويؤكد أن التَعَامُل الأمني يكون مَعَ “تجار الأزمات وَلَيْسَ المواطنين الشرفاء”.
ويجب “الضرب بيد من حديد” عَلَى تجار الأزمات فِي السوق السوداء اللَّذِينَ أضروا بالمصريين، بالتوازي مَعَ الإجراءات الاقتصادية الَّتِي اتخذتها الدولة مؤخرا، وفق حديثه لموقع “الحرة”.
وينفي رَئِيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري، توقيف الأجهزة الأمنية لـ”أي مواطن أَوْ تاجر شريف”، وَمِنْ يتم إلقاء القبض عَلَيْهِمْ هم جزء من شبكات تتاجر فِي “السلع الاستراتيجية والدولار”.
وتوقيف هَؤُلَاءِ يتم بناء عَلَى “تحريات مكثفة ومعلومات أمنية”، لمنعهم من الإضرار بالأمن القومي لمصر، وكَذَلِكَ بالمواطن البسيط”.
ماذا يحدث؟
يشدد الخبير الاقتصادي المصري، عبد النبي عبد المطلب،عَلَى “صعوبة التفريق بَيْنَ حالات الاتجار بالعملة وحيازة النقد الأجنبي”.
ويجب إثبات “جريمة الاتجار بِشَكْل قانوني” لأنها تحتاج لـ”إذن من النيابة”، بَيْنَمَا لَا يجرم القانون “حيازة النقد الأجنبي”، وفق حديثه لموقع “الحرة”.
ويوضح أَنَّهُ مُنْذُ سنوات كَانَ الأشخاص يحصلون من “البنوك والصرافات”، عَلَى “مستند” يفيد بالحصول عَلَى حوالة بمبلغ مالي بالنقد الأجنبي، لكن فِي الفترة الأخيرة “أحجمت البنوك” عَنْ منح المواطنين ذَلِكَ الإيصال.
وَالبِتَّالِي قَد يكون أحد الأشخاص “حاصل عَلَى أموال بالنقد الأجنبي من السوق الرسمية”، لكنه لَا يحمل ” المستند الَّذِي يفيد بِذَلِكَ”، فيتم توقيفه لسؤاله عَنْ طَرِيقِ الشرطة، وفق حديثه لموقع “الحرة”.
ويؤكد عبد المطلب أَنَّهُ فِي ظل الظروف الحالية “أغلب المواطنين لَا يريدون الخوض بمشكلات مَعَ الجهات الإدارية”، وعند ذهابهم لقسم الشرطة يتم تخييرهم بـ”التنازل عَنْ الأموال أَوْ المضي قدما فِي إجراءات التقاضي”.
ورغم أن “القانون لَا يعاقب عَلَى حمل النقد الأجنبي”، وَفِي نهاية الأمر لَنْ يتم “الحكم عَلَى المواطن الحامل للعملات الأجنبية”، لكن غالبية المواطنين البسطاء ” لَا يرغبون فِي الخوض بإجراءات التقاضي”، مَا يضطر هَؤُلَاءِ لـ”التنازل عَنْ تِلْكَ الأموال”، وفق الخبير الاقتصادي.
ويرى أن وِزَارَة الداخلية بدأت تجد فِي الأمر “إجراء مناسبا”، فَهِيَّ تتعامل مَعَ الأمر عَلَى أَنَّهُ “اشتباه فِي التَعَامُل بالنقد الأجنبي”، وَلَا تقوم بعمل “محاضر”، وَفِي النهاية تحصل عَلَى “تنازلات من المواطنين عَنْ تِلْكَ الأموال”.
وهؤلاء المواطنون البسطاء حصلوا عَلَى الأموال عَنْ طَرِيقِ “تحويلات من الخارج”، و”ليسوا تجار عملة أَوْ مضاربين بالسوق السوداء”، لكن يتم “ترهيبهم”، مَا يدفعهم لـ”تحويل الأموال مِنْ خِلَالِ البنوك وعدم حيازتها”، حسبما يشير عبد المطلب.
ويشدد الخبير الاقتصادي عَلَى أَنَّهُ “لَمْ يتم القبض عَلَى أحد من (الحيتان)، ويتم فَقَطْ (ترهيب) المواطنين أَوْ صغار التجار”.
شبكات تسيطر عَلَى الدولار؟
تباطأت تحويلات المصريين العاملين فِي الخارج، أكبر مصدر منفرد للعملة الأجنبية فِي البلاد، بِشَكْل حاد العام الماضي وسط توقعات بتراجع الجنيه.
وهوت التحويلات 9.85 مليار دولار فِي السنة المالية الَّتِي انتهت فِي 30 يونيو، ثُمَّ انخفضت 1.93 مليار دولار أُخْرَى فِي الفترة من يوليو إِلَى سبتمبر، وِفْقًا لأرقام البنك المركزي.
والخميس، أَكَّدَ رَئِيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، “توجيه وِزَارَة الداخلية بالضرب بيد من حديد لِكُلِّ تجار السوق السوداء، ومنظومة الشبكات الَّتِي كَانَت تسيطر عَلَى تحويلات المصريين بالخارج”.
فِي تصريحات لموقع “الحرة”، يوضح رَئِيس لجنة الخطة والموازنة بِمَجْلِسِ النواب المصري والخبير الاقتصادي، فخري الفقي، أنهُنَاكَ ثلاث فئات تعمل بـ”السوق الموازية” وتضغط عَلَى الدولار.
ويؤكد الفقي أَنَّهُ عِنْدَ حدوث أزمات يتحول اقتصاد بعض الدول إِلَى “اقتصاد مضاربات”، ويتحول بعض الأفراد إِلَى “المضاربة” عَلَى عدة سلع، ونتيجة ندرة الدولار، تحول البعض إِلَى “مضاربين” فِي العملة الأميركية بالسوق الموازية، وفق رَئِيس لجنة الخطة والموازنة.
وتلك الفئات هِيَ “المستوردون” وهم يشكلون 50 فِي المئة من الطلب “الحقيقي” عَلَى العملة الأميركية، والفئة الثَّـانِيَة تمثل 10 فِي المئة وهم ينظرون للدولار عَلَى أَنَّهُ “مخزن للقيمة”، بَيْنَمَا الفئة الثَّـالِثَة وَهِيَ “الخطيرة وسبب المشكلة”، وَالَّتِي “تضارب بالعملة”، بِحَسَبِ الفقي.
وَيُشِيرُ إِلَى أَنَّ الفئة الثَّـالِثَة تشتري الدولار بهدف بيعه بسعر أعلى، وهم يشكلون 40 فِي المئة من حجم السوق السوداء، و”يصبون الزيت عَلَى النار”.
لكن عبد المطلب يشير إِلَى أَنَّ “من يجمعون الدولارات من المصريين فِي الخارج، جهات ضخمة تتعامل فِي مليارات الجنيهات”، ويتساءل: “من الجهة الَّتِي تمتلك تِلْكَ الأموال؟”.
ويرى الخبير الاقتصادي المصري أن “بعض الإجراءات الحكومية السابقة”، تسببت فِي خلق “السوق السوداء”.
ويعاني جزء کَبِير من المصريين فِي حياتهم اليومية بِسَبَبِ عدم القدرة عَلَى تدبير مَا يحتاجونه من العملة الأميركية عبر المصارف، وأصبحت تعاملاتهم الإِِلِكْترُونِيَّة تقتصر عَلَى الدفع بالعملة المحلية.
كذلك فرضت البنوك حدود سحب للنقد الأميركي بِالنِسْبَةِ للمصريين المسافرين إِلَى الخارج لتسجل أقل من مئة دولار للشخص فِي الشهر للمصارف العامة، بَيْنَمَا تزيد إِلَى 250-300 دولار بِالنِسْبَةِ لعملاء البنوك الخَاصَّة.
ويؤكد عبد المطلب أن السوق الموازية مَا زَالَتْ موجودة لحاجة “بعض الأفراد لعملات أجنبية، لَا يستطيعون الحصول عَلَيْهَا من دَاخِل البنوك، بِسَبَبِ الاشتراطات الحكومية”.
هل يمكن القضاء عَلَى “السوق السوداء”؟
يؤكد اللواء العوضي أنi خِلَالَ الأيام القليلة المقبلة “لَنْ يكون هُنَاكَ سوق سوداء”، فِي ظل الإجراءات الإيجابية المتعاقبة الَّتِي تتخذها الحكومة المصرية.
لكن حمدان يرى أن سياسة “القبضة الحديدية”، تنعكس سلبا عَلَى الاقتصاد المصري وقدرته عَلَى استقطاب النقد الأجنبي، وَلَنْ تؤدى فِي النهاية لـ”القضاء عَلَى السوق السوداء”.
وجاء “الحل الأمني” بعد فشل الحكومة فِي تَوْفِير موارد دولارية، وَتَمَّ الاستعاضة عَنْ ذَلِكَ بـ”القبض عَلَى مواطن بسيط يحمل ٥٠ أَوْ ١٠٠ دولار” يحتاج إِلَيْهِمْ، وفق المحلل السياسي المصري.
وَمِنْ جانبه يشير عبد المطلب إِلَى أَنَّ التَعَامُل الأمني والإجراءات الأمنية “لَمْ وَلَنْ تقضي عَلَى السوق السوداء أَوْ تؤثر عَلَيْهَا”، لِأَنَّ غالبية المتعاملين بِهَا “تجار صغار أَوْ أفراد عاديين”.
ويوضح الخبير الاقتصادي أن “إتاحة الدولار لِكُلِّ من يطلبه، وتوحيد سعر صرفه، أحد أهَمُ عوامل القضاء عَلَى السوق السوداء”.
ويجب كذلك استعادة الثقة بِأَنَّ الاقتصاد المصري قادر عَلَى “الوصول لمرحلة استقرار تضمن التَعَامُل بثقة فِي الجنيه المصري، وإزالة المخاوف بِشَأْنِ إمكانية تخفيض قيمة العملة المحلية مرة أُخْرَى”، حسبما يشير الخبير الاقتصادي.
ويرى عبد المطلب أن وقتها “سَوْفَ سيكون الاحتفاظ بالجنيه أفضل من حيازة الدولار”.
والأربعاء، خسر الجنيه المصري ثلث قيمته فِي مقابل الدولار، بَعْدَمَا رفع البنك المركزي المصري أثمنة الفائدة لتسجل معدلات قياسية للإيداع والإقراض.
وبنهاية تعاملات، الأربعاء، فِي المصارف أقفل سعر الدولار عَلَى 49.5 جنيها مصريا، مقابل 30.8 جنيها، حَتَّى، صباح الأربعاء.
كذلك، رفع البنك المركزي المصري أثمنة الفائدة بواقع ست نقاط لتسجل معدلات قياسية للإيداع (27,25%) والإقراض (28,25%).
وتظهر بيانات لمجموعة بورصات لندن أن الجنيه استقر عِنْدَ مَا يزيد قليلا عَنْ 49 جنيها للدولار بَعْدَمَا هوى إِلَى مُسْتَوَى قِيَاسِي منخفض يتجاوز 50 جنيها للدولار، الأربعاء، وفق وكالة “رويترز”.
ووفقا لحسابات غولدمان ساكس فَإِنَّ التخفيض الأَخِير لقيمة العملة جعل سعر الصرف الفعلي الحقيقي، وَهُوَ مقياس شائع الاستخدام لقيمة العملة، أقل بنحو 40 فِي المئة من متوسطه عَلَى المدى البعيد الأمر الَّذِي أَدَّى إِلَى انخفاض أكبر فِي قيمة العملة مِنْ أَيِّ من تحركات خفض سابقة.
عَنْ الموقع
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا