خبراء مغاربة يوصون بحلول عملية لتقليص تداول “الكاش” في المملكة

مازال ارتفاع النقد المتداول بَيْنَ المغاربة (المعروف عامّياً بـ”الكاش”) يفرض تحديات متنامية عَلَى الاقتصاد الوطني، بِشَكْل جعل والي بنك المَغْرِب عبد اللطيف الجواهري، خِلَالَ اللقاء الصحافي الَّذِي تلا انعقاد مجلس بنك المَغْرِب، الأسبوع الماضي، يثير مسألة الانشغال الجدي ودراسة فهم أسباب “التفضيل المستمر للمغاربة للأداء نقداً (الكاش) عَلَى حساب التَعَامُل المالي الرقمي/الإِِلِكْترُونِي”.

ورغم كل جهود الدولة مِنْ أَجْلِ “محاصرة الكاش” أَوْ تقليص التَعَامُل بِهِ، خاصة عبر انتقال عدد المحافظ الإِِلِكْترُونِيَّة “إم-واليت” (M-wallets) المفتوحة فِي إِطَارِ منظومة الأداء عبر الهاتف المحمول بالمغرب من 6.3 ملايين محفظة فِي 2021 إِلَى حوالي 8 ملايين، حَسَبَ أحدث الأرقام المتوفرة، إلَّا أن الظاهرة مَا زَالَتْ مستمرة، عاكسة التوجه المتصاعد بقوة نَحْوَ “الدفع نقدا”.

كَمَا وردت ضمن “تقرير السياسة النقدية” الأحدث بِرَسْمِ الفصل الأول من سنة 2024، لبنك المَغْرِب، وتتوفر عَلَيْهِ موقع متمدرس، إشارة مقلقة إِلَى تفاقم “حاجة البنوك المغربية إِلَى السيولة”، بِشَكْل يؤشّر بوضوح عَلَى منحى “تزايدها المتواصل”، وفق توصيف البنك المركزي المغربي الَّذِي عزا ذَلِكَ إِلَى “الارتفاع المرتقب فِي حجم النقد المتداول”، لتنتقل بِذَلِكَ قيمة الحاجة إِلَى السيولة البنكية “من 111.4 مليار درهم فِي نهاية 2023 إِلَى 121,1 مليار درهم بنهاية 2024 وإلى 143,2 مليار درهم عِنْدَ متم سنة 2025”.

ونفت مصادر مطلعة من بنك المَغْرِب، تحدثت إِلَى جريدة موقع متمدرس الإِِلِكْترُونِيَّة، مَا راج من أنباء (مؤخرا) عَنْ “تفكير البنك فِي فرض ضريبة للحد من استعمال “الكاش” أَوْ إقرار عقوبات مالية لزجر المتعاملين بِهِ”، مؤكدة فِي المقابل مَا سبق للجواهري إعلانه بِشَأْنِ الانكباب حاليا عَلَى الموضوع عبر “إجراء دراسات معمقة لِفَهْمِ شامل للأسباب الَّتِي تدفع المغاربة إِلَى التَعَامُل بالنقد أكثر؛ وَهُوَ موضوع شاغل لبال بنك المَغْرِب”، وفق تعبيره.

“مراجعة قانون الأبناك”

الطيب أعيس، خبير مالي ومحلل اقتصادي، أَكَّدَ أن “موضوع ‘الكاش’ مازال حبيس النقاشات والتجاذبات رغم أَنَّهُ قانوني يتيح القانون التَعَامُل بِهِ، لِأَنَّ الأمر يهم نقودا وأوراقا مالية تتكلف سلطات الدولة المالية بطباعتها وضمان توزيعها”، ذاكرا إجراء مطبَّقاً سلفا، وَهُوَ “رسوم التنبر” حين الأداء النقدي فِي بَعْضِ الحالات، وفق شروط معينة.

وأيّد المحلل المالي ذاته، فِي تصريح لموقع متمدرس، فكرة “الذهاب نَحْوَ فهم معمق للخلفيات الحقيقية والكامنة الَّتِي تتحكم فِي استمرار تصاعد الظاهرة”، مثيرا الانتباه إِلَى “استمرار إشكال هشاشة ثقة بعض الفئات الشعبية من المغاربة فِي النظام البنكي، خاصة فِي القرى والمناطق النائية الَّتِي تتوفر عَلَى نسب ضعيفة من ولوج المواطنين إِلَى خدمات بنكية أَوْ مالية”.

تَبَعًا لذلك قَالَ أعيس: “إن ضعف هَذِهِ الثقة يبقى ملحوظاً، مَا يستدعي صيغة تتضمن مراجعة قانون الأبناك، خاصة عبر تشجيع حلول رقمية، مَعَ تيْسِير سبل ولوج المغاربة إِلَى الخدمات البنكية، خاصة بالقرى والمناطق النائية”، مستحضراً “عدم تَجَاوز اللَّذِينَ يتوفرون عَلَى حساب بنكي 50% من مجموع الساكنة”، ومعتبرا ذَلِكَ مؤشرا عَلَى “ضُعف نسبة التغطية البنكية، مَا يحيل مباشرة عَلَى مسؤولية المنظومة البنكية الَّتِي لَا تُحفّز الزبائن عَلَى عمليات إيداع الأموال فِي الحسابات”.

وَأَوْصَى المحلل ذاته بِأَنَّ يتم “تعديل القانون البنكي لجعله لَا يقتصر عَلَى دور مؤسسات للإقراض فَقَطْ، بَلْ أن تَحْظَى ببعد تنموي كذلك”، موضحا أن “علاقة تزايد ‘الكاش’ بمخاوف تبييض الأموال أَوْ استعمالها لغايات مشبوهة يمكن التغلب عَلَيْهَا عبر التشديد فِي تَطْبِيق القانون”، خاتما بِأَنَّ “تخفيف الضغط الضريبي الكبير حالياً ومراجعته سيسمح بإدماج القطاع غير المهيكل تدريجيًا ضمن الحسابات الاقتصادية، وَهُوَ مَا فِي صالح الجميع”.

حلول تقليص “الكاش”

زكرياء كارتي، خبير مالي دولي، لفت الانتباه إِلَى أَنَّ “تعزيز الشمول المالي والتقليل من حجم التَعَامُل بالنقد شَغل تفكير الحكومات المتعاقبة بالمغرب الَّتِي ذهبت إِلَى تشجيع منظومة الأداء عبر الهاتف (mobile banking)”، مستدركا: “لكن رغم توفر المَغْرِب عَلَى منظومة للأداء عبر الهاتف مُنْذُ سنة 2018 إلَّا أن الإقبال عَلَيْهَا مازال ضعيفاً، إِذْ لَا يتعدى عدد المحافظ الإِِلِكْترُونِيَّة 8 ملايين محفظة، برقم معاملات ضعيف يناهز 1.7 مليار درهم، حَسَبَ الجمعية المهنية لشركات التمويل”.

وعزا كارتي ضعف إقبال المغاربة عَلَى الأداء الإِِلِكْترُونِي عبر الهَوَاتِف الذكية إِلَى “أسباب ثقافية بالأساس”، شارحا فِي إفادات تحليلية لموقع متمدرس أن “عَدَدًا من العاملين فِي القطاع غير المهيكل يعتقدون أَنَّهُمْ سيخضعون لمراجعات ضريبية، كَمَا أن تكلفة كل معاملة تبقى مرتفعة (تَتَرَاوَحُ بَيْنَ 0.6% و0.7% يَتَحَمَّلُ عبأها التجار، بَيْنَمَا لَا تَتَعَدَّى هَذِهِ النسبة 0.25% فِي قطاعات توزيع المحروقات أَوْ المساحات التجارية الكبرى”.

وَقَالَ كارتي بِهَذَا الشأن إن “رفع الأداء عبر الهاتف رهين بتخفيض التكلفة الَّتِي يدفعها التجار، وَلَمْ لَا تحمُّل الدولة نسبة مِنْهَا”، مسجلا أن “مسؤولية البنوك واضحة بِسَبَبِ ضعف معدلات الفائدة الَّتِي تدفعها لأصحاب الودائع (taux créditeurs)، إِذْ لَا تَتَعَدَّى 2.50%، خُصُوصًاً فِي ظل ارتفاع معدلات التضخم، مَا يجعل معدل الفائدة الحقيقي سلبيا وَلَا يشجع عَلَى إبقاء هَذِهِ الودائع فِي النظام البنكي المهيكل”.

وَمِنْ “الحلول المقترحة”، حَسَبَ كارتي، “استعمال المحافظ الإِِلِكْترُونِيَّة لتحويل الدعم المباشر مِنْ طَرَفِ الحكومة”، وزاد: “تبقى الخطوة الأكثر شجاعة وجذرية هِيَ إلغاء تداول جميع الأوراق النقدية من فئة معينة (200 درهم مثلا) وإصدار عملات ورقية جديدة مقابل الأوراق النقدية الَّتِي تمَّ إلغاء تداولها”، محيلاً عَلَى التجربة الهندية فِي 2016 عِنْدَمَا قرر رَئِيس الوزراء إلغاء الورقتين النقديتين بِقِيمَة 500 و1000 روبية، وَقَالَ:

“الإجراء الأنسب هُوَ سحب ورقة نقدية من التداول، ومنح المواطنين مهلة معقولة لإيداعها فِي البنوك وبدون أن يؤدي ذَلِكَ إِلَى مراجعات ضريبية”.

وذكّر الخبير المالي ذاته بِأَنَّ “أكثر من 70% من النقد المتداوَل بالمغرب لَا يتم استعماله فِي المعاملات التجارية اليومية، وَلَكِن مِنْ أَجْلِ الاكتناز (thésaurisation)”، خالصا إِلَى أَنَّ دراسة حديثة لبنك المَغْرِب وجدت أن “أكثر 70% من النقد المتداول خارج الإطار البنكي هُوَ من فئة 200 درهم، بَيْنَمَا لَمْ يتعد هَذَا المعدل 45% فِي بداية القرن الحالي”.

عَنْ الموقع

ان www.zoom32.com مِنَصَّة مُسْتَقِلَّة شاملة وحديثة تواكب كل مواضيع المالية والاقتصادية وَكَذَا اعلانات الوظائف,وَتَضَمَّنَ كذلك مجموعة من الخدمات والوسائل التعليمية الادارية الَّتِي تبسط وتشرح الأشياء الَّتِي يحتاجها الباحث عَنْ فرص الاستثمار سَوَاء كَانَت فِي ارض الواقع او عبر الانترنت ، وَتَجْدُرُ الاشارة إِلَى ان هَذِهِ المنصة لَا تمت باي صلة لِاي مؤسسة مالية.
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *