“الفاكتورينغ” .. ارتفاع القروض المتعثرة ينعش استثمارات التمويل بالفواتير
فِي وقت يتزايد قلق بنك المَغْرِب بِشَأْنِ ارتفاع مُسْتَوَى القروض معلقة الأداء لَدَى البنوك، الَّتِي وَصَلَتْ إِلَى 95 مليار درهم، أي مَا نسبته 8.7 فِي المِئَةِ من إجمالي القروض الموزعة، انتعش مجال تجاري فريد استفاد من هَذَا الوضع. ويتعلق الأمر بنشاط التمويل بالفواتير أَوْ التخصيم “الفاكتورينغ”، الَّذِي أَصْبَحَ أكثر جذبا للمستثمرين خِلَالَ الظرفية الراهنة.
وسلط تَقْدِيم مجموعة القرض الفلاحي المَغْرِب عرضها الخاص فِي مجال التخصيم، عبر فرع خاص أحدثته لِهَذِهِ الغاية، الضوء عَلَى هَذَا النوع من الأَنْشِطَة، الَّذِي يوفر للمقاولات سيولة مالية مهمة، فِي ظل الظرفية الاقتصادية الحالية الَّتِي فاقمت الضغط عَلَى خزائن المقاولات، خُصُوصًا الصغيرة والمتوسطة، وقلصت تدفق التمويلات البنكية، بِسَبَبِ ارتفاع هوامش المخاطر المرتبطة بعسر الأداء، خُصُوصًا فِي مجموعة من القطاعات الأكثر تضررا من تداعيات الأزمة الصحية “كورونا” والموجات التضخمية المتتالية خِلَالَ السنوات الأخيرة.
ويعتبر التمويل بالفواتير أَوْ التخصيم معاملة مالية تبيع فِيهَا الشركة ديونها المستحقة (فاتورة) لطرف ثالث (يسمى عاملا) بسعر مخفض، مقابل الحصول عَلَى تمويلات فورية لتغطية تكاليف نشاطها واستثماراتها؛ فِيمَا يختلف التخصيم عَنْ القرض البنكي فِي ثلاث نقط، تتعلق بالتركيز عَلَى قيمة المستحقات (الأصول المالية)، وَلَيْسَ سمعة الشركة المالية؛ كَمَا لَا يعد التخصيم قرضا، ولكنه شراء للأصول المالية، بَيْنَمَا يشمل القرض البنكي طرفين، فِي حين يجمع التخصيم ثلاثة أطراف.
مديونية المقاولات
بلغت مديونية المقاولات الخَاصَّة مستويات قياسية مُنْذُ تفشي جائحة “كورونا”، إِذْ قفزت إِلَى 603.4 مليارات درهم، الأمر الَّذِي فرض عَلَيْهَا البحث عَنْ حلول تمويلية لتوفير السيولة وتغطية استثماراتها مِنْ أَجْلِ تحسين ملاءتها المالية، والوفاء بالتزاماتها تجاه الجهات الدائنة، عَلَى رأسها البنوك، قبل أن تَتَعَدَّدُ وتتنوع عروض شركات التخصيم (الفاكتورينغ)، الَّتِي أصبحت تنشط فِي شراء فواتير المقاولات الدائنة مقابل تمويلات فورية، وتحصيل عمولات عَنْ استثمارها وصرفها فِي مَا بعد.
وَأَكَّدَ حسن مدغري علوي، إطار بنكي سابق ومتخصص فِي الهندسة المالية، أن “عمليات التخصيم من شَأْنِهَا تحسين التدفق النقدي لَدَى المقاولات، خُصُوصًا الصغرى والمتوسطة، خِلَالَ الظرفية الاقتصادية الصعبة حاليا، إِذْ يمكنها الحصول عَلَى التمويلات النقدية اللازمة بِشَكْل فوري مِنْ خِلَالِ بيع فواتيرها المستحقة، مَا يساعدها عَلَى تلبية الالتزامات المالية اليومية، مثل تسوية الأجور والتعويضات والأداءات التشغيلية، وتحسين سيولتها النقدية”، موضحا أن “هَذَا الحل التمويلي يمكن أيضًا من تقليل مخاطر التدبير بالتخلص من المطالبات المالية المستحقة، وَكَذَا المخاطر المتعلقة بِعَدَمِ دفع الزبائن الديون المستحقة، إِذْ تنقل هَذِهِ المخاطر إِلَى شركة التخصيم”.
وَأَوْضَحَ مدغري علوي، فِي تصريح لموقع متمدرس، أن “التخصيم كحل تمويلي يزيد من إنتاجية ونمو المقاولات”، موردا أَنَّهُ “عِنْدَمَا تحصل المقاولة عَلَى تمويل فوري لتلبية احتياجاتها المالية يمكنها استثمار هَذِهِ الأموال فِي تَوْسِيع عملياتها أَوْ تحسين منتجاتها وخدماتها، مَا يدعم النمو والتوسع، إضافة إِلَى مساهمته فِي تقليل التكاليف الإدارية؛ فعندما يتولى مقدمو خدمات التخصيم متابعة وتحصيل الفواتير بَدَلًا مِن المقاولة يمكنها تقليل التكاليف الإدارية والوقت المستغرق فِي عمليات التحصيل”، ومشددا عَلَى أن الأثر الأوضح للحل المذكور هُوَ “تحسين العلاقات مَعَ الزبائن، مِنْ خِلَالِ التخلص من الضغوط المالية، إِذْ يمكن للمقاولة تَقْدِيم خدمات أفضل دون الحاجة إِلَى فرض شروط أداء صارمة”.
آفاق واعدة
مَعَ استمرار تطور الاقتصاد الوطني وسعي المقاولات إِلَى العثور عَلَى حلول تمويل مرنة من المتوقع أن يلعب التخصيم دورا متزايد الأهمية فِي المملكة، إِذْ يرتقب أن تشهد السنوات المقبلة توسعا أكبر فِي سوق التمويل بالفواتير، مَعَ ظهور ابتكارات جديدة وزيادة اعتماد الفاعلين من جميع القطاعات عَلَيْهِ، عِلْمًا أَنَّ الأرقام أَوْ الإحصائيات حول هَذَا النشاط المالي مَا زَالَتْ قليلة، الأمر الَّذِي يتعذر مَعَهُ الكشف عَنْ الأرباح الحقيقية للشركات الناشطة فِي “الفاكتورينغ”، وَكَذَا قدراتها المالية عَلَى الاستثمار خِلَالَ الفترة القادمة.
وبالنسبة إِلَى مراد درباوي، مستشار فِي الحلول التمويلية والتحصيل، فتمكن المقاولات من تحسين سيولتها النقدية بفضل التخصيم “يتيح لَهَا تلبية التزاماتها المالية بِشَكْل أكثر فاعلية، مَا يساهم فِي بناء ثقة المستثمرين والموردين والزبائن، ويؤدي إِلَى تعزيز النشاط التجاري والنمو الاقتصادي، ويسمح لَهَا أيضًا بتكريس مزيد من الجهود للابتكار والتوسع فِي أعمالها”، مؤكدا أن “زيادة التدفق النقدي بِوَاسِطَةِ ‘الفاكتورينغ’ مِنْ شَأْنِهِ رفع معدل الإنتاجية وإحداث فرص شغل جديدة، وَالبِتَّالِي تعزيز النمو الاقتصادي”.
وَشَدَّدَ درباوي، فِي تصريح لموقع متمدرس، عَلَى أن “دينامية نشاط التخصيم تعترضها مجموعة من العقبات فِي المقابل، ترتبط بارتفاع تكاليف التمويل والمخاطر المحتملة المتعلقة بالتحصيل إجمالا”، مشيرا إِلَى أَنَّ النشاط المذكور “سيواجه منافسة شرسة فِي حال إخراج السوق الثَّانَوِيَة للقروض المتعثرة إِلَى الوجود، وَهُوَ مشروع قيد الإعداد فِي مراحله الأخيرة تحت إشراف بنك المَغْرِب، وبدعم من البنك الدَّوْلِي، إِذْ مِنْ شَأْنِهِ جذب المستثمرين إِلَى هَذِهِ الديون الَّتِي تصل قيمتها إِلَى مستويات قياسية حاليا”.
يشار إِلَى أَنَّ التخصيم يشكل ركيزة قوية لتمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة، إِذْ يوفر فوائد كبيرة من حَيْتُ السيولة وإدارة المخاطر والنمو الاقتصادي؛ فِيمَا سيتيح استمرار نمو “الفاكتورينغ” واتساع نشاطه تحصين عدد مهم من المقاولات ضد مخاطر الإفلاس، الَّذِي أَصْبَحَ كابوسا يتهدد 16 ألفا و100 مقاولة بنهاية السنة الجارية، وفق توقعات “أليانز ترايد” الصادرة حديثا.
عَنْ الموقع
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا