التعاون المالي بين البنوك والمنصات التجارية: نهجٌ مبتكر لتقديم حلول تمويلية متكاملة
وفقًا للدراسات والأبحاث السوقية الصادرة عَنْ “ماكنزي”، فَإِنَّهُ من المتوقع أن تتخطى إيرادات التمويل المدمج القائم عَلَى تَقْدِيم خدمات مالية، كالقروض وعروض التأمين من قِبَلْ كياناتٍ ومؤسساتٍ غير مالية، فِي أوروبا حاجز الــ 100 مليار يورو بحلول نهاية العقد الجاري، وتكتسب الخدمات المالية الَّتِي توفرها منصات العملاء، وَالَّتِي تَشْمَلُ عَدَدُُ مِنَ القنوات الشرائية مثل متاجر التجزئة، ومنصات التجارة الإِِلِكْترُونِيَّة، وغيرها من القنوات، أهمية كبرى يومًا بعد يوم، خاصة فِي ظل تزايد الاعتماد عَلَى وسائل التكنولوجيا الحديثة، وتحول المستهلكين نَحْوَ التسوق الإِِلِكْترُونِي وارتفاع توقعاتهم بالحصول عَلَى خدماتٍ ماليةٍ فورية تمكنهم من إتمام رحلتهم الشرائية بطريقة سلسة بعيدةٍ عَنْ التعقيد، لَا سيما خِلَالَ قيامهم بعمليات شراء كبيرة.
المزيد من الرؤى والتقارير من ماكنزي باللُّغَةِ العربية
شاهد مجموعة المقالات الخَاصَّة بنا باللُّغَةِ العربية، واشترك فِي النشرة الإخبارية العربية الشهرية
تصفح المجموعة
لَقَدْ أَصْبَحَ العملاء فِي العديد من القطاعات، يتوقعون الحصول من تجار التجزئة والمنصات التجارية للشركات الصغيرة والمتوسطة عَلَى منتجاتٍ وخدمات تمويليةٍ مدمجة، توفر لَهُمْ خياراتٍ ماليةٍ فورية وسلسة، مثل القروض أَوْ خطط الدفع المتاحة مباشرةً لإتمام عملياتهم الشرائية، بدلاً من اللجوء للبنوك بِشَكْلٍ منفصل. وَفِي الوقت نفسه، أصبحت البنوك أكثر إدراكًا لِأَهَمِّيَةِ التمويل المدمج كوسيلةٍ فعالة للوصول إِلَى المزيد من العملاء، عبر إبرام شراكاتٍ استراتيجيةٍ مَعَ الشركات والمنصات التجارية المختلفة لتقديم حلولٍ مالية مبتكرة تساعد عَلَى تَوْسِيع قاعدة العملاء وزيادة الحصة السوقية لِهَذِهِ الشركات. وَفِي هَذَا المقال نسلط الضوء عَلَى كيفية تطوير قطاع التمويل المدمج، وأفضل السُبَلْ الَّتِي يمكن أن تسلكها منصات العملاء لتلبية الطلب المتزايد عَلَى خدمات التمويل المدمج.
كَيْفَ ينمو قطاع التمويل المدمج
بَاتَ التمويل المدمج جزءًا هامًا من النظام المالي فِي أوروبا. فقد حقق هَذَا السوق مَا يُقدر بنحو 20 إِلَى 30 مليار يورو فِي عام 2023، وَهُوَ مَا يعادل حوالي 3 فِي المِئَةِ من إجمالي إيرادات البنوك ، مُسجلًا بِذَلِكَ معدل نموٍ أسرع بثلاث مراتٍ من القروض الموزعة بِشَكْلٍ مباشرٍ عَلَى مَدَى السنوات العشر الماضية. لَقَدْ قمنا عَلَى مدار العامين 2023 و2024، بإجراء مجموعةٍ من المقابلات مَعَ عددٍ من قادة الأعمال فِي مجال التمويل المدمج، ممن أشارت توقعاتهم باستمرار نمو التمويل الاستهلاكي نَحْوَ الإقراض المدمج. وَهُوَ مَا يشير إِلَى تفضيل المستهلكين للحلول المدمجة الَّتِي تقدم التمويل بِشَكْلٍ أكثر سرعةً وسلاسة. أَمَّا بِالنِسْبَةِ للشركات الصغيرة والمتوسطة، فيتوقع هَؤُلَاءِ القادة أن تصبح عمليات التمويل المباشر مثل “الفوترة” وغيرها من أشكال التمويل البسيطة، جزءًا لَا يتجزأ من بَرَامِج إدارة الموارد الَّتِي تستخدمها المؤسسات، أَوْ مِنْ خِلَالِ منصات الموردين، مِمَّا يجعل هَذِهِ الخدمات متاحةً فِي اللحظة الَّتِي تحتاجها فِيهَا.
وبالاعتماد عَلَى توقعات السوق المستهدف إِلَى جانب توقعات خبراء النمو، قمنا بوضع تقديرٍ مستقبليٍ لِكُلٍِّ من معدلات النمو والإيرادات المتوقعة لحلول التمويل المدمج. إِذْ تشير التوقعات إِلَى أَنَّ قنوات التمويل المدمج ستسهم فِي تحقيق نسبةٍ تَتَرَاوَحُ مَا بَيْنَ 20 إِلَى 25 فِي المِئَةِ من مبيعات التجزئة المصرفية للأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. كَمَا تشير إِلَى ارتفاع نسبة الإقراض إِلَى مَا بَيْنَ 20 إِلَى 25 فِي المِئَةِ، مقارنةً بِالنِسْبَةِ الحالية، وَالَّتِي تَتَرَاوَحُ مَا بَيْنَ 5 إِلَى 10 فِي المِئَةِ (الشكل). وَمِنْ المتوقع أيضًا أن يتخطى حجم سوق التمويل المدمج حاجز الــ 100 مليار يورو بحلول عام 2030، محققًا بِذَلِكَ إيراداتٌ تَتَرَاوَحُ مَا بَيْنَ 10 إِلَى 15 فِي المِئَةِ من إجمالي إيرادات القطاع المصرفي.
محركات النمو
عبر دراسةٍ دقيقةٍ للسلوكيات والأنماط الشرائية للمستهلكين اليوم، وجدنا أَنَّهُمْ فِي حالة بحثٍ مستمرٍ ودؤوب مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى تجربة شراءٍ سلسةٍ ومريحة تدعم رحلتهم الشرائية. فقد أصبحوا يميلون بِشَكْلٍ متزايدٍ للوصول إِلَى الخدمات والمنتجات الَّتِي يحتاجونها بأسهل الوسائل وأكثرها فعالية. وَهُوَ مَا أكدته نتائج استطلاع الرأي الَّذِي أجرته ماكنزي حول تمويل السيارات لعام 2023، وَالَّتِي كشفت عَنْ أن 40 فِي المِئَةِ من المستهلكين اللَّذِينَ يرغبون فِي شراء سياراتهم يفضلون استخدام قنوات التمويل الإِِلِكْترُونِيَّة بدلاً من الطرق التقليدية. وَهُوَ مَا يعكس الميزة الواضحة للتكنولوجيا الرقمية عَلَى حساب قنوات التمويل الأخرى فِي هَذَا القطاع، فَهِيَّ توفر للمستهلكين ميزة الوصول الفوري للخدمات المالية المُيسّرة كالقروض والتأمين فِي الوقت والمكان المناسبين، وبأقل جهدٍ ممكن. فضلًا عما توفره خدمات التمويل عِنْدَ نقطة البيع المباشر من فرصٍ كبيرة نتيجة تحول المستهلكين من عمليات الشراء التقليدية إِلَى نماذج الاشتراك والتأجير. وَفِي استطلاعٍ سابقٍ غير منشورٍ أجرته ماكنزي فِي يونيو 2021 لستة أسواقٍ أوروبية، توقع المستهلكون استخدام المزيد من حلول التمويل المدمجة فِي العديد من المنتجات والخدمات الَّتِي تُباع عبر منافذ البيع بالتجزئة. أَمَّا فِيمَا يَخُصُّ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فلها توقعاتٌ مشابهة بِشَأْنِ التمويل المتكامل، إِذْ تتطلع هِيَ الأخرى إِلَى حلولٍ ماليةٍ سلسة تكون جزءًا من عملياتها اليومية. وَهُوَ مَا أكدته نتائج البحث الخاص الَّذِي قَامَتْ بِهِ ماكنزي فِي عام 2021، حول المعاملات التجارية الَّتِي تحدث بَيْنَ شركتين أَوْ مؤسستين، من أن المشترين من هَذِهِ الشركات عَلَى استعداد للشراء مباشرة من مواقع الموردين بأربع مرات أكثر إِذَا كَانَت هَذِهِ الخيارات متاحة لَهُمْ.
أَمَّا فِيمَا يَخُصُّ التجار، فبإمكانهم أن يلمسوا مزايا التمويل المدمج وتأثيره الملحوظ عَلَى زيادة المبيعات وتحسين تجربة العملاء. بالإِضَافَةِ لتأثير تِلْكَ المزايا عَلَى زيادة معدلات تحول المتصفحين إِلَى مشترين فعليين. ووفقًا لتقريرٍ بحثي أجراه قسم الخدمات المصرفية الاستثمارية للأسواق المالية التابع لمجموعة “Royal Bank of Canada”، أحد أكبر البنوك فِي كندا والعالم وَالَّذِي يقدم مجموعةً واسعةً من الخدمات المصرفية للشركات والمؤسسات والحكومات، فَإِنَّ دمج بعض الحلول المالية مثل “اشترِ الآن وادفع لاحقًا”، يزيد من معدلات عملية تحويل الدفع الَّتِي يقوم بِهَا العملاء اللَّذِينَ يكملون عملية الشراء بنسبةٍ تَتَرَاوَحُ مَا بَيْنَ 20 إِلَى 30 فِي المِئَةِ. وَمَعَ توافر مزيد من خياراتٌ الدفع المرنة يَرْتَفِعُ حجم السلة الشرائية. ولعل المثال التَّالِي يوضح مَدَى التأثير الإيجابي لحلول التمويل المدمج عَلَى زيادة المبيعات، حَيْتُ قرر أحد تجار التجزئة العالميين دمج الخدمات المالية دَاخِل منظومة عمله، كأحد أولوياته للسنوات القادمة، وَذَلِكَ لِکَوْنِهَا محركٌ هامٌ للمبيعات ذو ميزةٍ تنافسية. وعند مراجعة أثر ذَلِكَ عَلَى منظومة عمله، جاءت النتائج لتؤكد أن العملاء اللَّذِينَ يستخدمون حلول الإقراض المدمج، ينفقون أكثر من غيرهم بـما يعادل 20 فِي المِئَةِ عِنْدَ كل زيارةٍ يقومون بِهَا للمتاجر الفعلية أَوْ الإِِلِكْترُونِيَّة، شريطة أن تكون الحلول سهلة الاستخدام حَتَّى لَا ترتفع نسبة العملاء اللَّذِينَ يبدأون بالتسوق، ثُمَّ يغادرون الموقع دون إتمام عملية الشراء. وَهُوَ مَا لاحظه ذَلِكَ التاجر بالفعل، إِذْ تبيّن لَهُ أَنَّهُ فِي حالة تَوْفِير حلولٍ مدمجةٍ للإقراض وتتّسم بسهولة الاستخدام، فَإِنَّ نسبة تخلي العملاء عَنْ سلّاتهم الشرائية لَا تَتَعَدَّى 5 فِي المِئَةِ فَقَطْ، فِي حين ترتفع هَذِهِ النسبة إِلَى 30 فِي المِئَةِ إِذَا كَانَت هَذِهِ الخدمات والحلول صعبة الاستخدام. وَهُوَ مَا يعد أسوأ من عدم توافر حلٍ للإقراض بالأساس.
وَعَلَى صعيد عرض خدمات وحلول التمويل المدمج، فقد ساهمت التطبيقات التكنولوجية المتقدمة فِي خفض تكلفتها بِشَكْلٍ کَبِير. مِنْهَا عَلَى سبيل المثال، التحسينات الَّتِي تمَّ إدخالها عَلَى مجموعة الأدوات والقواعد المستخدمة فِي واجهات برمجة التطبيقات، وَالَّتِي تسمح بتبادل البيانات بَيْنَ التطبيقات أَوْ الأنظمة المختلفة. كَمَا تَشْمَلُ تِلْكَ التحسينات تطوير نَظَّمَ وتقنيات التعريف الإِِلِكْترُونِي، الَّتِي تَهْدِفُ لتسهيل تحقق المؤسسات المالية من هوية العملاء بسرعةٍ ودقة. بالإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ، فقد أَصْبَحَ من الممكن الآن اتخاذ قرارات الإقراض بِشَكْلٍ آلي وبأقل تكلفةٍ ممكنة، بفضل الاتصال الفوري بمصادر البيانات المختلفة، سَوَاءً العامة مِنْهَا كسجلات الضرائب، أَوْ الخَاصَّة كمعاملات الحسابات والأرصدة البنكية. وَمِنْ المتوقع أن تساعد التطورات التنظيمية المستقبلية عَلَى توصيل خدمات التمويل المدمج بِشَكْلٍ أفضل وأكثر فعالية، مثل توجيه “خدمات الدفع الأوروبي الثالث” الَّذِي أصدرته المفوضية الأوروبية كتحديث لتوجيهاتها السابقة، والهادفة لتنظيم وتحسين قطاع المدفوعات، وتعزيز الأمان فِي خدمات الدفع الإِِلِكْترُونِيَّة بالاتحاد الأوروبي. كَمَا يمكن أيضًا تقييم الجدارة الائتمانية للعملاء بِشَكْلٍ أفضل وأكثر دقةً، مِنْ خِلَالِ إطار العمل المقترح للوصول إِلَى البيانات المالية الخَاصَّة بالمستهلكين والشركات، بِمَا لَهُ من استخداماتٍ متعددة، مثل الرهون العقارية، والقروض، والمعاشات التقاعدية، والمدخرات، ومنتجات التأمين عَلَى غير الحياة.
وَعَلَى صعيد مزودي الخدمات المالية ممن يرغبون فِي جذب المزيد من العملاء الجدد، فتزداد أهمية خدمات التمويل المدمج بِالنِسْبَةِ لَهُمْ يومًا بعد يوم. ولقياس الفارق بَيْنَ تكلفة اكتساب عملاء جُدد عبر التمويل المدمج والتمويل التقليدي، قمنا بعمل دراسةٍ لأحد الأسواق الأوروبية الكُبرى فِي هَذَا الشأن، وَالَّتِي أَكَّدَتْ نتائجها أن تكلفة اكتساب عميلٍ مؤهلٍ للإقراض بالطريقة التقليدية، خاصةً فِي قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تفوق تكلفة اكتساب عميلٍ عبر وسائل التمويل المدمج بنسبةٍ تَتَرَاوَحُ مَا بَيْنَ 15 إِلَى 20 مرة.
ومما لَا شَکَّ فِيهِ، أن التعاون بَيْنَ المنصات التجارية الَّتِي يلجأ إِلَيْهَا العملاء للتسوق من جهةٍ، ومزودي خدمات التمويل المدمج من جهةٍ أُخْرَى، يساهم فِي حل العديد من المشكلات الاجتماعية. وَهُوَ مَا قَامَتْ بِهِ شركة Inbank)) الإستونية للتقنية المالية، عِنْدَمَا أطلقت بوابةً تجارية تساعد العملاء فِي الحصول عَلَى التمويل اللازم لتركيب الألواح الشمسية بِشَكْلٍ سهلٍ وبسيط، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ إتمام إجراءات القرض بأقل عددٍ من البيانات الشخصية والمَعْلُومَات المالية الأساسية. ليتم بعدها تفعيل قرار القرض بِشَكْلٍ تلقائيٍ مَعَ إمكانية توقيع العملاء للقروض بِشَكْلٍ إلكتروني، كَمَا يمكن للبائعين تحميل بنود العقد وتقارير الدفع والمبيعات إلكترونيًا أيضًا.
هُنَاكَ العديد من التحديات الراهنة، الَّتِي تُقوِّض نجاح منظومة التمويل المدمج، من أهمها عدم بلوغ المنظومة مرحلة النضج حَتَّى الآن. كَمَا تعاني المنظومة أيضًا من بعض الخلل فِيمَا يَتَعَلَّقُ بفوائد الأقساط المستحقة عَلَى المشتركين فِي هَذِهِ البرامج. ولعل بعض نماذج التمويل المدمج لَمْ تعد مستخدمة، نظرًا لزيادة التكاليف، مثل نموذج ” شراء المنتجات، والدفع لاحقًا عَلَى أقساطٍ بِدُونِ فائدة”. لذلك، يَجِبُ عَلَى مقدمي الخدمات والحلول المالية العاملين بِهَذِهِ المنظومة معالجة تِلْكَ الأمور لاستعادة التوازنات، وتحسين نماذج أعمالهم بِمَا يضمن استدامتها.
طريقتان رئيسيتان لتقديم التمويل المدمج للعملاء
تعتمد الشركات عِنْدَ تقديمها لحلول التمويل المدمج، أحد النموذجين الرئيسيين التاليين: الأول: وَهُوَ نظام الشراكة بَيْنَ منصات العملاء، ومزودو الخدمات المالية، والثاني: هُوَ نظامٌ مبنيٌ عَلَى التاجر ومملوكٌ لَهُ.
نموذج الشراكة بَيْنَ مالك مِنَصَّة العملاء ومزود الخدمات المالية
تلجأ العديد من المنصات التجارية الكُبرى، مثل “أمازون” و”إي باي”، للتعاون مَعَ مزودي خدمات التمويل لتقديم خدماتٍ ماليةٍ مدمجة لتجارهم وبائعيهم، بدلاً من الاتجاه لبناء بنيتها التحتية المالية وتطوير خدمات التمويل الخَاصَّة بِهَا. الأمر الَّذِي يوفر عَلَى هَذِهِ المنصات الوقت والموارد الَّتِي يمكن ادخارها للقيام بأعمالها الأساسية. وتقوم بعض هَذِهِ الشراكات بِتَوْفِيرِ خيارات التمويل بِشَكْلٍ مباشرٍ عِنْدَ نقطة البيع، بدايةً من متاجر الإلكترونيات وَحَتَّى النماذج الأكثر تخصصًا. عَلَى سبيل المثال، تقوم أمازون ألمانيا بِتَوْفِيرِ قروضٍ تمَّ الموافقة عَلَيْهَا مُسبقًا، كَمَا أَنَّهَا صُممت خصيصًا للبائعين من الشركات الصغيرة والمتوسطة، وَذَلِكَ عبر بوابة البائعين، بالتعاون مَعَ بنك ING””. وَفِي هَذَا النموذج من الشراكة، يقوم بنك ING”” باستخدام البيانات الَّتِي توفرها لَهُ أمازون حول أداء البائعين لتقوم بتقييمهم كعملاءٍ محتملين، حَتَّى يتم بعد ذَلِكَ إعادة توجيه هَؤُلَاءِ البائعين لخدمات البنك بسهولةٍ ويسر، وعندها يتمكن العملاء من الحصول عَلَى التمويل بِشَكْلٍ أسرع وبأقل مجهودٍ ممكن. وبالمثل تقوم “إي باي”، بالتعاون مَعَ مزود خدمة التمويل”YouLend”، لتقديم تمويلٍ مرنٍ للبائعين، بِحَيْثُ يمكن استخدامه لأي غرضٍ تجاري، عَلَى أن يتم السداد كنسبةٍ من مبيعات هَؤُلَاءِ البائعين.
لَقَدْ بدأ عددٌ كبيٌر من المتخصصين وشركات التكنولوجيا المالية ممن يقومون بتقديم خدمات التمويل المدمج، إِلَى جانب البنوك التقليدية إدراك أهمية تطوير منظومة التمويل المدمج. وَهُوَ مَا نراه جليًا مِنْ خِلَالِ إقبال العديد من مُقدمي الخدمات المالية للاستثمار فِي هَذَا القطاع. فعلى سبيل المثال، يلجأ عددٌ لَا بأس بِهِ من الشركات والبنوك إِلَى رقمنه وحوسبة عملياتها المالية والائتمانية، لتبسيط استخدامها وتحسين أدائها. كَمَا يقومون بتقسيم الأنظمة والمنصات إِلَى وحداتٍ أصغر، لتكون قادرةً عَلَى التكامل مَعَ قنوات التمويل الخارجية، بِمَا يُمكِّنهم من تَقْدِيم خدماتهم المالية بِشَكْلٍ أسرع وبتكلفةٍ أقل.
وبقدر مَا يتسم هَذَا النموذج بعدة مزايا، إلَّا أن لَهُ بعض العُيوب أيضًا. أَمَّا عَنْ مميزاته، فهو يتيح الفرصة لمنصة العملاء للتركيز عَلَى أعمالها الأساسية، ويسمح لَهَا بمرونةٍ أكبر فِي الاختيار بَيْنَ مزودي الخدمات المالية وفقًا لاحتياجاتها، كَمَا يُمكِّنُها أيضًا من الحفاظ عَلَى تميّز علامتها التجارية مِنْ خِلَالِ عدم الارتباط الوثيق بالخدمات المالية، وَهُوَ مَا يحفظ العلامة التجارية مِنْ أَيِّ تأثيرٍ سلبي بأي مشكلةٍ تخص الخدمة المالية. أَمَّا عَنْ العيوب الشائعة لِهَذَا النموذج، فمنها اختلاف الأهداف والأولويات بَيْنَ الطرفين، وعدم توزيع الأرباح بينهما بِشَكْلٍ عادل. إِلَى جانب عدم توافر الخدمات المالية الَّتِي تتكامل مَعَ نظام المنصة التجارية بِشَكْلٍ تام. وَهُوَ مَا يؤثر سلبًا عَلَى قيمة العرض المقدم للعملاء.
نموذج التمويل المدمج من التاجر المستقل
عادةً مَا يُعبر هَذَا النموذج عَنْ الشركات الكُبرى الَّتِي تمتلك قاعدةً كبيرةً من العملاء. وغالبًا مَا نراه فِي قطاع صناعة السيارات، حَيْتُ تعتمد مثل هَذِهِ الشركات فِي تَقْدِيم خدماتها من التمويل المدمج عَلَى عرض القيمة الأساسي الخاص بِهَا. مثال ذَلِكَ، مَا قَامَتْ بِهِ شركة فولكس فاجن الألمانية الَّتِي تقدم خدمات التمويل الخَاصَّة بِهَا مِنْ خِلَالِ كياناتٍ تابعةٍ لَهَا بِشَكْلٍ مباشر، مثل شركة “فولكس فاجن كريدت”. ولعل مَا يساعدها عَلَى تَقْدِيم هَذِهِ الحلول، كونها الشركة المصنعة والجهة الوحيدة الَّتِي تستطيع تحديد القيم المتبقية لسياراتها، وتقييم أثمنة استبدالها بِشَكْلٍ أكثر دقةً مِنْ أَيِّ طرفٍ ثالث، مِمَّا يسمح بتقديم عروضٍ أفضل للعملاء وتحقيق هوامشٍ أعلى من الأرباح. إضافةً إِلَى ذَلِكَ، توفر هَذِهِ الاستراتيجية راحةً كبيرةً للعملاء إِذْ باستطاعتهم الحصول عَلَى عروض التمويل مباشرةً عِنْدَ شراء السيارة، سَوَاءً عبر الإنترنت أَوْ مِنْ خِلَالِ الوكالة ذاتها. وَهُوَ مَا يعزز من تجربة العميل ويجعلها أكثر سلاسةً. وَمَعَ الاتجاه المتزايد للشراء عبر الإنترنت، فمن المتوقع أن تسعى المزيد من شركات تصنيع السيارات نَحْوَ امتلاك قدرات التمويل الخَاصَّة بِهَا، بِمَا فِي ذَلِكَ خدمات تأجير السيارات.
لعل هُنَاكَ العديد من متاجر التجزئة الكُبرى تعتمد عَلَى نماذج التمويل المدمج فِي تعزيز مبيعاتها وتسهيل عمليات الشراء لعملائها. وهناك نماذجٌ كثيرةٌ عَلَى ذَلِكَ، مِنْهَا شركة “Very” البريطانية، وَالَّتِي تحولت من كتالوج تسوقٍ تقليديٍ إِلَى بائعٍ بالتجزئة عبر الإنترنت فِي عام 2009. وَحَتَّى تلبي الشركة الاحتياجات المتزايدة لعملائها، قَامَتْ بِتَوْفِيرِ خدمة التمويل المدمج “Very Pay”، لتمنح عملائها فرصة الشراء بنظام ” اشترى الآن وادفع بالتقسيط” لِأَكْثَرِ من عقدٍ من الزمان. وَفِي تجربةٍ أُخْرَى، أطلقت مِنَصَّة التجارة الإِِلِكْترُونِيَّة البولندية “Allegro”، وَالَّتِي تبيع حوالي 70 مليون منتجًا بِشَكْلٍ شهري، خدمتها المالية “Allegro Pay” فِي عام 2020.
يتميز نموذج البناء الداخلي لخدمات التمويل المدمج المقدم من التاجر المستقل بعدة مزايا استراتيجية، مِنْهَا عَلَى سبيل المثال، وضع أساسٍ قويٍ للأهداف والأولويات المشتركة بِمَا يحقق التوافق والتناغم بَيْنَ جميع الأطراف المقدِّمة للخدمة. بالإِضَافَةِ لقدرته عَلَى تعديل العروض والخدمات المقدَّمة بناءً عَلَى تحليلات السوق الشفافة بأسرع وتيرةٍ ممكنة. فضلًا عما يوفره من ميزة التحكم الكامل فِي البيانات وتحليلها بِشَكْلٍ دقيق، بِمَا يتيح للشركات تصميم حملاتٍ تسويقيةٍ وعروضٍ خاصة تُلبي احتياجات وتفضيلات العملاء بِشَكْلٍ مباشر. ورغم كل هَذِهِ الميزات، إلَّا أَنَّهُ يبقى عَلَى الشركات ألا تغفل أهمية الموازنة بَيْنَ فوائد هَذَا النظام والمخاطر المترتبة عَلَى اتخاذ قرارٍ لاحقٍ بالتحول نَحْوَ مزودٍ خارجي لخدمات التمويل المدمج. الأمر الَّذِي قَد يستدعي إجراء تغيراتٍ شاملة ومُعقدة ذات تكاليفٍ باهظة لِضَمَانِ تحقيق أهدافها بأفضل طريقةٍ ممكنة.
ونتوقع أن يستمر كلا النموذجان فِي الانتشار طوال العقد القادم، خاصةً وَأَن كلٍ منهما يُلبي احتياجات السوق المتباينة وفقًا لعوامل تكاليف التكامل، وحجم السوق، والتواجد الجغرافي للشركات. فقد تفضل الشركات الصغيرة والمتوسطة النموذج الأول، نظرًا لانخفاض تكلفته وسهولة تنفيذه، بَيْنَمَا تستثمر الشركات الكُبرى فِي العمل بالنموذج الثاني عَلَى الأَقَلِّ فِي مناطقهم الجغرافية الأساسية، لِتَحْقِيقِ المزيد من السيطرة عَلَى تجربة العملاء وتقديم خدماتٍ أكثر تميزًا.
خمس ممارساتٍ لتقديم حلولٍ مستداٍمة وإيجابية للتمويل المدمج
تتمتع حلول التمويل المدمج الرائدة بخمس ميزاتٍ يمكن للشركات محاكاتها لِتَحْقِيقِ أقصى قيمةٍ ممكنة لشركائها وعملائها:
- تَوْفِير تجربةٍ شرائيةٍ مميزةٍ للعملاء. هُنَاكَ بعض العناصر الَّتِي باتت جزءًا لَا يتجزأ من الرحلة الشرائية للعميل، مثل اتخاذ القرارات الفورية ومعالجة الطلبات بِشَكْلٍ مباشر، لذلك، يَجِبُ عَلَى الشركات الرائدة فِي مجال التمويل المدمج عدم الاكتفاء بِهَذِهِ العناصر، وبذل مزيدٍ من الجهد لتقديم تجاربٍ شرائيةٍ تتجاوز توقعات عملائها. ولتحقيق ذَلِكَ، يَجِبُ عَلَى هَذِهِ الشركات القيام بعمليات تحليلٍ دوري لتجارب العملاء لِفَهْمِ نقاط التحول والتحديات الَّتِي يواجهونها. وَمِنْ ثُمَّ تقوم بتحسين الخدمات وتحديد فرص الابتكار. كَمَا يَجِبُ عَلَى الشركات أيضًا الاستمرار فِي جمع البيانات وتحليلها لِضَمَانِ تَقْدِيم أفضل تجربةٍ ممكنةٍ للعملاء فِي المستقبل. وَمِنْ أمثلة تِلْكَ الاختبارات الَّتِي يمكن أن تستخدمها الشركات، اختبار A/B لقياس استجابة العملاء للتغييرات الجديدة وتحديد الأفضل من بينها.
- التعاون فِي تحقيق الرؤية المشتركة. الرؤية المشتركة تعني أن كلا الطرفين “مزودي الخدمات المالية ومالكي المنصات التجارية” يشتركان فِي تحقيق هدفٍ واحد هُوَ تَقْدِيم تجربةٍ شرائيةٍ متكاملةٍ للعملاء، تتسم بالسهولة وعدم التعقيد مِنْ خِلَالِ توزيعٍ واضحٍ ومحددٍ للمسؤوليات، ووضع قواعدٍ موحدة وثابته للتفاعل مَعَ العملاء. بالإِضَافَةِ إِلَى تحمل كل طرفٍ للمسؤولية المنوط بِهَا. إن هَذِهِ الاستراتيجية تُحسن من تجربة العميل، كَمَا تعزز من ولائه للعلامة التجارية.
- مشاركة البيانات. عِنْدَمَا يتشارك الطرفان، مزود التمويل ومالك العميل بياناتهما سويًا، يصبح بإمكان كل طرفٍ الاستفادة من المَعْلُومَات الَّتِي يوفرها لَهُ الطرف الآخر، حَيْتُ يتمكن مزود التمويل من اتخاذ قراراتٍ أفضل بناءً عَلَى هَذِهِ البيانات، خاصةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بمنح القروض. بَيْنَمَا تسمح المشاركة لمالك العميل – سَوَاءً كَانَت متاجر التجزئة أَوْ منصات العملاء-، باستخدام بيانات المدفوعات بعد الشراء، بهدف تحسين الاستراتيجيات التسويقية وزيادة معدلات التحويل من متصفحٍ لمشترٍ فعلي، اعتمادًا عَلَى فهمٍ أعمق لاحتياجات وتفضيلات العملاء.
- اعتماد اقتصاديات الشراكة المربحة للطرفين. تعتمد اقتصاديات الشراكة المربحة للطرفين بِشَكْلٍ أساسيٍ عَلَى الشفافية فِي الحسابات وتقسيم الأرباح بطريقةٍ عادلة. فهذه الفلسفة تساعد عَلَى خلق قيمةٍ متبادلةٍ بَيْنَ الطرفين، مِمَّا يؤدي إِلَى تطوير حلولٍ متقدمةٍ ومستدامة، لَا تُلبي احتياجات الشركاء الحاليين فَقَطْ، وإنما تدعم أيضًا نمو الشراكة وتطورها فِي المستقبل.
- تحسين اقتصاديات الوحدة. تُعرف اقتصاديات الوحدة بأنها تحليل الإيرادات والتكاليف المتعلقة بإنتاج وحدةٍ واحدةٍ من المنتج أَوْ الخدمة، وَذَلِكَ لمعرفة مَدَى ربحية كل وحدةٍ مِنْهُ. وَمِنْ الممكن استخدام هَذَا النوع من التحليل لِتَحْدِيدِ مَدَى فعالية الشراكة بَيْنَ مزودي الخدمة المالية ومالكي العملاء، مِنْ خِلَالِ النظر فِي التكلفة والعائد لِكُلِّ خدمةٍ من الخدمات المالية المقدمة للعملاء عَلَى حدا. وتُعَدُّ نماذج “الإنشاء للتوزيع”، وَهِيَ أحد الاستراتيجيات المتبعة لِتَحْقِيقِ ذَلِكَ، وَالَّتِي تعني إنشاء خدماتٍ تمويليةٍ بِقَصْدِ توزيعها عَلَى أطرافٍ أُخْرَى، بدلاً من الاحتفاظ بِهَا فِي ميزانية الشركة. فمن خِلَالَ بيع هَذِهِ المنتجات المالية، يستطيع مزودو الخدمة التمويلية تقليل احتياجاتهم من رأس المال. كَمَا يمكنهم الاستفادة من البيانات الخَاصَّة بالسلوك الشرائي للعملاء وتفضيلاتهم الَّتِي يوفرها لَهُمْ مالكو العملاء. وَهُوَ مَا يتيح لَهُمْ تقليل تكلفة البيانات اللازمة لاتخاذ القرارات الائتمانية.
فِي ظل النمو المتزايد لقطاع التمويل المدمج، والمدفوع بتطور الوسائل التكنولوجية وزيادة الطلب عَلَى هَذِهِ الحلول والخدمات، فمن المرجح أن يستمر هَذَا النمو خِلَالَ العقد المقبل ليؤثر عَلَى جميع القطاعات الاقتصادية بِشَكْلٍ ملحوظ. كَمَا أَنَّهُ من المتوقع أن يُسهم التمويل المدمج بنسبةٍ تَتَرَاوَحُ مَا بَيْنَ 10 إِلَى 15 فِي المِئَةِ من إيرادات البنوك بحلول عام 2030، وَأَن يُسهم كذلك بنسبةٍ تَتَرَاوَحُ مَا بَيْنَ 20 إِلَى 25 فِي المِئَةِ من إيرادات قروض التجزئة والشركات الصغيرة والمتوسطة، وسط توقعاتٍ بوصول الإيرادات الإجمالية فِي أوروبا إِلَى حوالي 100 مليار يورو. وبالنظر إِلَى هَذِهِ الإمكانات الكبيرة، يَتَعَيَّنُ عَلَى الشركات والبنوك دراسة كيفية دمج هَذَا النموذج التمويلي المؤثر دَاخِل أنظمتهم بفعاليةٍ، لاستثمار الفرص المتاحة فِي هَذَا السوق المتنامي وتعظيم فوائدها.
عَنْ الموقع
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا