أبرزها الخصوصية والأمن.. مخاطر عديدة تعترض إصدار عملات رقمية للبنوك المركزية
اقتصاد صدى-سيشهد هَذَا العام تبايناً بَيْنَ البنوك المركزية الكبرى حول العالم، وَلَنْ يكون سبب هَذَا الاختلاف عوامل تقليدية مثل أثمنة الفائدة أَوْ التيسير الكمي، بَلْ العملات الرقمية.
هَذَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ تقرير صادر عَنْمركز أبحاث المجلس الأطلسيبالولايات المتحدة، فِي مطلع العام، حَيْتُ سلط الضوء عَلَى التكنولوجيا المستخدمة فِي إصدار العملات الرقمية المركزية لبلدان مختلفة حول العالم.
وَقَالَ مركز الأبحاث الأميركي إن هُنَاكَ 134 دولة، تمثل نَحْوَ 98 فِي المئة من الاقتصاد العالمي، تستكشف الآن إصدارات رقمية من عملاتها، وإن أكثر من نصف هَذِهِ الدول فِي مراحل التطوير المتقدمة أَوْ فِي المراحل التجريبية أَوْ الإطلاق الفعلي للعملة الرقمية.
وتوجد بالفعل الآلاف من العملات الرقمية، الَّتِي يطلق عَلَيْهَا عادةً (الكريبتو) أي العملات المشفرة، وهناك أيضًاً (البيتكوين) وَهِيَ العملة المشفرة اللامركزية الأكثر شهرة.
نوع آخر من العملات المشفرة هُوَ (الستيبل كوين) أي العملات الرقمية المستقرة، الَّتِي ترتبط قيمتها بأصول أَوْ عملة ورقية مثل الدولار.
تعمل العملات المشفرة بتقنية السجلات الموزعة، مَا يَعْنِي أن أجهزة متعددة فِي جميع أنحاء العالم، وَلَيْسَ وحدة مركزية واحدة، تتحقق باستمرار من دقة المعاملة، وَهُوَ مَا يُعرف بالـ(بلوكتشين)، لكن هَذَا يختلف عَنْ قيام البنك المركزي بإصدار عملة رقمية.
ويقول ماهر يموت، الباحث الأمني الأول فِي فريق البحث والتحليل العالمي لَدَى (كاسبرسكي)، متحدثاً لـ«CNN الاقتصادية»، إن «العملات الرقمية هِيَ العنوان العريض أَوْ المظلة الأشمل الَّتِي تندرج تحتها العملات المشفرة (الكريبتو)، وأيضاً العملات الرقمية للبنك المركزي».
وَأَوْضَحَ يموت أَنَّهُ «عَلَى الرغم من أن فكرة العملات الرقمية للبنك المركزي تنبع من العملات المشفرة وتقنية الـ(بلوكتشين)، فَإِنَّ العملات الرقمية للبنوك المركزية ليست عملات مشفرة».
ويتحكم البنك المركزي فِي العملة الرقمية للبنك المركزي، فِي حين أن العملات الرقمية تكون لَا مركزية، مَا يَعْنِي أَنَّهُ لَا يمكن تنظيمها من قبل سلطة واحدة، مثل البنك المركزي.
وهنا يكمن الاختلاف بَيْنَ العملات الرقمية المشفرة والعملة الرقمية للبنك المركزي، وَلَكِن فِي نهاية الأمر تشترك كل العملات الرقمية فِي التكنولوجيا الَّتِي تنشأ مِنْ خِلَالِهَا وَهِيَ الـ(بلوكتشين) وأيضاً فِي خضوعها لمعايير الأمن السيبراني.
وَأَشَارَ يموت إِلَى أَنَّ «العمود الفقري لِتَطْويرِ العملات الرقمية إما أن يكون تقنية (البلوكتشين)، أَوْ تقنية أُخْرَى»، وتابع أَنَّهُ من وجهة النظر العملية (البلوكتشين) عبارة عَنْ «دفتر حسابات رقمي» ويكون مشتركاً بَيْنَ عدة جهات، يمكن أن تكون محلية، أَوْ بَيْنَ محلية وخارجية.
وعن استصدار البنوك المركزية فِي الدول للعملة الرقمية الخَاصَّة بِهَا، يقول يموت «البنوك المركزية تقوم بابتكار عملة رقمية خاصة بالبلد، وتأسيس الأطر الخَاصَّة بِهَا، بالإِضَافَةِ لعمل شبكة خاصة بِهَذِهِ العملية والتعاملات لتتضمن هَذِهِ الشبكة البنوك الَّتِي تتضمن بطبيعة الحال البرمجيات اللازمة لتحاكي المَعْلُومَات الرقمية»، وَأَوْضَحَ أن شبكة التعاملات هَذِهِ ستشمل البنك المركزي وَهُوَ الجهة الأساسية فِي هَذِهِ الشبكة، والبنوك المحلية الأخرى، والمستخدم للعملة.
تحديات العملات الرقمية للبنوك المركزية
تنقسم التحديات الَّتِي تقف أَمَامَ تطوير وإصدار العملات الرقمية للبنوك المركزية إِلَى جانبين؛ الأول تقني، والثاني اقتصادي وأمني لِكُلِّ دولة عَلَى حدة.
ويقول الباحث الأمني يموت «التوجه هُوَ أن تنتشر العملة الرقمية لِتَصِلَ إِلَى الأشخاص العاديين اللَّذِينَ ليس لَدَيْهِمْ إلمام كلي بالتكنولوجيا.. هَذَا بالتأكيد سينطوي عَلَى مخاطر».
وَأَوْضَحَ أن عملية الانتقال من استخدام عملات نقدية يمكن الاحتفاظ بِهَا بِشَكْل ملموس حسياً إِلَى شيء رقمي يمكن أن يؤثر عَلَى الاستقرار المالي بتغيير ديناميكيات النظام المصرفي وعمليات الإقراض، كَمَا تواجه العملية تحديات تقنية وتنظيمية تتعلق بتطبيق التكنولوجيا الجديدة وضمان توافقها مَعَ قوانين كل دولة.
وسبق أن قَالَصندوق النقد الدَّوْلِيفِي تقرير صدر عام 2022 إِنَّهُ يَتَعَيَّنُ النظر فِي كل نظام عَلَى حدة قبل استخلاص نتائج عَنْ مخاطر الأمن السيبراني والخصوصية، وَيَتَعَيَّنُ كذلك المقارنة بَيْنَ هَذِهِ التصاميم والنظم المالية الحالية.
ويذكر التقرير أَنَّهُ مَعَ تزايد إطلاق البلدان مشروعات تجريبية لإصدار بنوكها المركزية لعملات رقمية، نشأت مخاوف كبيرة تتعلق بالأمن الإِِلِكْترُونِي والخصوصية.
مركزية جمع البيانات
تنطوي كثير من الأشكال المقترحة لتصميم عملات البنوك المركزية الرقمية، خاصة عملات مدفوعات التجزئة، عَلَى جمع بيانات المعاملات عَلَى أساس مركزي، وَهُوَ مَا يفرض مخاطر كبيرة فِيمَا يَتَعَلَّقُ بالخصوصية والجوانب الأمنية.
فمن منظور الخصوصية، يمكن أن تُستخدم هَذِهِ البيانات لمراقبة نشاط مدفوعات الأفراد، مَا يَعْنِي تركز بيانات شديدة الحساسية فِي مكان واحد.
وَمِنْ المخاوف الشائعة بِشَأْنِ التصاميم الَّتِي تحافظ عَلَى الخصوصية، بِمَا فِيهَا تِلْكَ الَّتِي تستخدم تقنيات تشفير متخصصة، انخفاض مُسْتَوَى الشفافية المتاحة للأجهزة التنظيمية، الَّتِي يقتضي عملها توافر الوضوح الكافي لِتَحْدِيدِ المعاملات المشتبه بِهَا، مَا يمكنها من الكشف عَنْ جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وغيرها من الأَنْشِطَة غير المشروعة.
لكن حَتَّى هَذِهِ المسألة ليست قَرَارًاً اختيارياً، فيمكن استخدام التقنيات التشفيرية فِي تصميم عملة رقمية يصدرها بنك مركزي تتيح الخصوصية عَلَى نَحْوَ مشابه للمعاملات النقدية حَتَّى مُسْتَوَى محدد -10 آلاف دولار مثلاً- بَيْنَمَا تسمح للسلطات الحكومية بممارسة قدر كافٍ من الإشراف التنظيمي، وَذَلِكَ وِفْقًاً للتوصيات فِي تقرير صندوق النقد.
حلول محتملة
يمكن تخفيف المخاطر المقترنة بالجمع المركزي للبيانات، إما بِعَدَمِ جمعها عَلَى الإطلاق، أَوْ باختيار نظام للتحقق مِنْهَا بِحَيْثُ لَا يرى كل عنصر فِيهِ إلَّا مقدار المَعْلُومَات اللازمة لأداء وظيفته.
ويمكن دعم هَذَا النهج الأَخِير بأدوات تشفير معينة، إِذْ ينصح يموت بِضَرُورَةِ ضمان التأهيل المناسب للدول الَّتِي تطور عملاتها الرقمية المركزية، مَعَ وضع البنى التحتية اللازمة الَّتِي تَشْمَلُ الخوادم والشبكات وعوامل الأمن السيبراني مثل بَرَامِج مكافحة الفيروسات وغيرها.
وَأَكَّدَ أن هُنَاكَ الآن فيروسات معدة خصيصاً لمهاجمة العملات الرقمية وتعطيل التعاملات أَوْ توجيهها فِي اتجاهات مختلفة لأغراض الاحتيال المالي، وِفْقًاً لبحث قَامَ بِهِ فريقه فِي (كاسبرسكي) فِي الآونة الأخيرة.
وَهُوَ يرى أَنَّهُ إِذَا كَانَ هُنَاكَ توجه عام نَحْوَ تطوير واستخدام العملات الرقمية للبنوك المركزية، فيجب أن تكون هُنَاكَ «أطر ومعايير عالمية موحدة» ينضوي تحتها الجميع لِتَحْقِيقِ التناغم المطلوب فِي التعاملات الدولية الأوسع.
وتقف التكنولوجيا أَمَامَ مسؤولية تمكين البنوك المركزية من ضمان تصميم أي عملة رقمية لَهَا بِحَيْثُ تتضمن خصائص الأمن السيبراني وَحِمَايَة الخصوصية عَلَى حد سَوَاء.
الوضع الحالي
فِي الوقت الراهن، هُنَاكَ 68 دولة فِي مرحلة متقدمة من استكشاف العملات الرقمية للبنوك المركزية، إما مِنْ خِلَالِ التطوير أَوْ التجربة أَوْ الإطلاق، هَذَا الرقم إِرْتَفَعَ بسرعة كبيرة من 35 دولة فَقَطْ عام 2020.
ووصلت 19 دولة من مجموعة العشرين (G20)، وَمِنْ بينها السعودية وتركيا والصين وروسيا والبرازيل، كذلك إِلَى مراحل متقدمة من تطوير مثل تِلْكَ العملات الرقمية.
وبالنسبة للأعضاء المؤسسين لمجموعة البريكس، البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، فهم فِي المرحلة التجريبية لاستكشاف العملات الرقمية للبنوك المركزية.
وَفِي أوائل العام الحالي، أعلن البنك المركزي المصري عَنْ خطط لإصدار عملة رقمية لَهُ، أَوْ جنيه إلكتروني، بحلول عام 2030.
لكن الولايات المتحدة تخلفت عَنْ الركب فِي السباق نَحْوَ استصدار عملات رقمية مركزية، وِفْقًاً لأحدث تقرير من مركز أبحاث المجلس الأطلسي.
وأمر الرئيس الأميركي جو بايدن المسؤولين بالنظر فِي الدولار الرقمي فِي عام 2022، لكنها أصبحت قضية سياسية مثيرة للخلاف مَعَ منافس بايدن الجمهوري فِي السباق الانتخابي الأميركي هَذَا العام، دونالد ترامب، الَّذِي تعهد بِعَدَمِ السماح بِذَلِكَ.
كَمَا تحدث جيروم باول، رَئِيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، من قبل عَنْ «المخاطر السيبرانية» باعتبارها الباعث الرئيسي لقلقه عَلَى الاستقرار المالي، مَا يجعل مخاطر الخصوصية من العوامل المحتملة لعدم إصدار البنك المركزي الأميركي لعملة رقمية.
يقول جوش ليبسكي الباحث فِي المجلس الأطلسي «يتخلف بنك الاحتياطي الفيدرالي عَنْ الركب بَيْنَمَا تتقدم البنوك المركزية الأخرى فِي مِلَفّ العملات الرقمية»، مشيراً إِلَى مَدَى التقدم الَّذِي حققته الصين وأوروبا واليابان.
ويرى يموت أَنَّهُ لَنْ يكون بالإمكان استبدال الأوراق المالية النقدية بالعملات الرقمية كلياً فِي الوقت الحالي أَوْ حَتَّى فِي القريب العاجل.
ويقول «العملية مَا زَالَتْ فِي طور التجربة لاستكشاف جميع جوانبها والمخاطر المصاحبة لَهَا وكيفية التَعَامُل مَعَهَا بطريقة تضمن التوازن بَيْنَ الأمن والحماية والخصوصية».
عَنْ الموقع
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا