آفاق تيسير السياسة النقدية
فِي ظل التوقعات العالمية لأثمنة الفائدة، يستمر توجه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي نَحْوَ تيسير سياسته النقدية تدريجيًا خِلَالَ الأشهر الأربعة عشر المقبلة، بعد فترة طويلة من التشدد النقدي. وتتوقع العديد من المؤسسات المالية الكبرى أن تبدأ أثمنة الفائدة بالتراجع فِي الولايات المتحدة وأوروبا، مِمَّا ينعكس عَلَى اقتصادات الأسواق الناشئة الَّتِي ترتبط عملاتها وسياساتها النقدية بالدولار الأميركي. هَذَا الاتجاه العالمي يتيح للبنوك المركزية فِي الدول النامية، مثل الأردن، مساحة لتخفيف سياساتها النقدية لتخفيف الضغوط عَلَى النمو الاقتصادي وتشجيع الاستثمارات والائتمان.
وتتوافق هَذِهِ التوقعات مَعَ توقعات وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، الَّتِي أشارت إِلَى أَنَّ البنك المركزي الأردني سيقوم بِمَزِيدٍ من التخفيضات فِي أثمنة الفائدة قبل نهاية عام 2024. وَبِحَسَبِ الوكالة، قَد ينخفض معدل الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس خِلَالَ الربع الأَخِير من هَذَا العام لِيَصِلَ إِلَى 6.25%. كَمَا أَشَارَتْ «فيتش» إِلَى أَنَّ التخفيضات ستستمر فِي العام المقبل، بإجمالي انخفاض يصل إِلَى 125 نقطة أساس إضافية، لتبلغ أثمنة الفائدة نَحْوَ 5.00% بحلول نهاية 2025. وتتسق هَذِهِ التوقعات مَعَ المسار المنتظر للاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الَّذِي من المحتمل أن يخفف من سياساته النقدية إِذَا بقيت الظروف ملائمة لدعم هَذَا الاتجاه.
تتجه السياسة النقدية فِي الأردن نَحْوَ تخفيف قيودها تماشيًا مَعَ تحسن الظروف الاقتصادية، وتراجع التضخم، وزيادة الاحتياطيات الأجنبية، مِمَّا يدعم استقرار الدينار الأردني. وَقَد ساهمت السياسة النقدية الصارمة مُنْذُ 2022 فِي تحقيق الاستقرار المالي وكبح التضخم، حَيْتُ تراجعت معدلات التضخم من 5.4% فِي سبتمبر 2022 إِلَى 1.9% فِي أغسطس 2024، مَعَ ارتفاع الاحتياطي النقدي إِلَى 20 مليار دولار، وَهُوَ مَا يتيح للبنك المركزي الآن مرونة أكبر لدعم النمو الاقتصادي.
من المتوقع أن يكون للتخفيضات المتوقعة فِي أثمنة الفائدة عدة آثار إيجابية. بداية، سيتيح خفض الفائدة المزيد من السيولة للقطاع الخاص عبر قروض بأثمنة فائدة مخفضة، مِمَّا يشجع الشركات عَلَى التوسع وزيادة الاستثمارات، خصوصًا بعد التباطؤ الحاد فِي الائتمان خِلَالَ الفترة 2022-2023. وَمِنْ المرجح أن يؤدي انخفاض الفائدة إِلَى تخفيف العبء المالي عَلَى الأسر، مِمَّا يعزز الاستهلاك ويسهم فِي النمو الاقتصادي، إِذْ تتوقع «فيتش» أن يضيف الاستهلاك الخاص 2.2 نقطة مئوية إِلَى الناتج المحلي الإجمالي فِي 2025. كذلك، من المحتمل أن تشهد استثمارات القطاع الخاص انتعاشًا مَعَ التوقعات بانخفاض التوترات الإقليمية بحلول منتصف 2025، حَيْتُ سيسهم تخفيف السياسة النقدية فِي تشجيع الإنفاق الرأسمالي وتأجيل المشاريع الكبيرة مُنْذُ أواخر 2023.
انخفض هامش الفائدة لَدَى البنوك فِي الأردن إِلَى مستويات قياسية، مِمَّا يعكس كفاءة التشغيل ويعزز من قدرة البنوك عَلَى تَوْفِير القروض بتكاليف أقل، مِمَّا يشجع عَلَى النمو الائتماني وَيُسَاهِمُ فِي دعم الاستقرار المالي. مَعَ تزايد التوقعات بانخفاض أثمنة الفائدة، يَتَعَيَّنُ عَلَى المودعين والمقترضين ومستثمري أسواق المال اتخاذ بعض الاستراتيجيات المالية للاستفادة من هَذِهِ التطورات. قَد يصبح العائد عَلَى الودائع أقل جاذبية مَعَ انخفاض الفائدة، مِمَّا يدفع المودعين للتفكير فِي بدائل استثمارية ذات عائد أعلى، مثل السندات طويلة الأجل أَوْ الصناديق الاستثمارية الَّتِي تقدم توزيعات أعلى. وينصح المقترضون بالاستفادة من فترات انخفاض الفائدة للحصول عَلَى قروض طويلة الأجل بتكاليف أقل، كَمَا يمكنهم إعادة تمويل قروضهم الحالية بشروط أفضل مَعَ التحسن المتوقع فِي أثمنة الفائدة. أَمَّا مستثمرو أسواق رأس المال، فيرجح أن يؤدي انخفاض الفائدة إِلَى رفع قيمة الأصول المالية فِي البورصة الأردنية، خاصةً أسهم الشركات الَّتِي ستستفيد من زيادة الطلب المحلي وانخفاض تكاليف التمويل، مِمَّا يجعل الاستثمار فِي القطاعات الَّتِي يتوقع أن تحقق أداءً قويًا، مثل البنوك والخدمات الاستهلاكية، خيارًا مجديًا.
من ناحية أُخْرَى، سيكون لتخفيض أثمنة الفائدة انعكاسات ملموسة عَلَى الخزينة الأردنية، إِذْ يؤدي خفض الفائدة إِلَى تقليل تكاليف خدمة الدين العام، مِمَّا يخفف من الأعباء المالية ويتيح مساحة مالية أوسع للحكومة. وَمَعَ انخفاض تكاليف الاقتراض، يمكن للحكومة توجيه جزء من هَذِهِ الوفورات إِلَى دعم مشاريع التنمية والبنية التحتية، وتحفيز النمو الاقتصادي بِشَكْل عام. كَمَا أن انخفاض تكاليف الدين سيعزز استقرار المالية العامة، مِمَّا يدعم موقف الأردن الائتماني ويزيد من ثقة المستثمرين فِي الاقتصاد المحلي، مَا قَد يسهم فِي خفض تكاليف التمويل عَلَى المدى الطويل.
جميع الحقوق محفوظة.
لَا يجوز استخدام أي مادة من مواد هَذَا الموقع أَوْ نسخها أَوْ إعادة نشرها أَوْ نقلها كليا أَوْ جُزْئِيًا دون الحصول عَلَى إذن خطي من الناشر تحت طائلة المسائلة القانونية.
عَنْ الموقع
يستفيد سنويا من منصتنا أكثر من 25 مليون زائر وزائرة من جميع الفئات العمرية .
تمَّ الحرص فِي zoom32.com عَلَى 4 توابت اساسية :
ـ جودة المضامين المنشورة وصحتها فِي الموقع
ـ سلاسة تصفح الموقع والتنظيم الجيد مِنْ أَجْلِ الحصول عَلَى المعلومة دون عناء البحث
ـ التحديث المستمر للمضامين المنشورة ومواكبة جديد التطورات الَّتِي تطرأ عَلَى المنظومة التربوية
ـ اضافة ميزات وخدمات تعليمية متجددة
لمدة 3 سنوات قدمنا اكثر من 50000 مقالة وازيد من 200 ألف مِلَفّ مِنْ أَجْلِ تطوير دائم لمنصتنا يتناسب وتطلعاتكم, والقادم أجمل إن شاء الله.
⇐ المنصة من برمجة وتطوير zoom32.com وصيانة DesertiGO
⇐ يمكنك متابعتنا عَلَى وسائل التواصل الاجتماعي ليصلك جديدنا: اضغط هُنَا